قبِلت محكمة النقض الطعن المقدم من متهمى «خلية الماريوت» وتَقَررت إعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى، وفى نفس الوقت أشارت تقارير إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يدرس ملفات الشباب المحبوس من أجل إصدار عفو رئاسى عن بعضهم. وفى تقديرى فإن الحكومة المصرية فى حاجة إلى إعادة قراءة ملفات المحبوسين على ذمة قضايا تتعلق بقانون التظاهر، وأخرى تخص التغطيات الإعلامية من أجل تصفية هذه الملفات وفق رؤية تعكس ثقة الدولة بقدراتها وتجاوز مرحلة الضعف والوهن التى جرّأت كثيرين على الدولة المصرية. نعلم أن الدولة المصرية تعرضت لتحديات هائلة على مدار الفترة ماضية وتحديدًا منذ الثالث من يوليو 2013، وأن هناك من تجرّأ على الدولة وتجاوز القانون فى مناسبات عديدة، فقضية خلية الماريوت التى يقبع بسببها ثلاثة من الصحفيين فى السجون، وهم أسترالى ومصريان، هى قضية تجاوز فى حق الدولة المصرية، والقيام بتغطيات إعلامية دون الحصول على التصاريح المطلوبة من ناحية، والقيام ببث أخبار كاذبة عبر قناة الجزيرة القطرية من ناحية ثانية، ومن ثم جرى القبض عليهم وتمت إدانتهم بالسجن ما بين سبع وعشر سنوات. فى نفس الوقت هناك عديد من الشباب المصرى الموجود بالسجون تنفيذا لأحكام قضائية عادلة ومستحقة نظرا إلى خروج هؤلاء الشباب على قواعد القانون، وذلك فى مرحلة شهدت ضعف ووهن مؤسسات الدولة المصرية على النحو الذى جعل هؤلاء الشباب يشعرون بالقوة فى مواجهة الدولة، ومن ثم أعلنوا تحديهم للدولة والقانون، فهناك من قرر الخروج فى مظاهرات بالمخالفة للقانون رافضا مجرد الإبلاغ عن المظاهرة، متصورا أن لديه من القوة والقدرة ما يجعله يتحدى الدولة، وهناك من وجه إهانات لمؤسسات الدولة ورموزها وشارك فى أعمال عنف فى وقت كانت الدولة المصرية تتعرض لتحديات الإرهاب وضرباته فى الداخل وعلى الأطراف والحدود، ومن ثم كان لا بد للدولة المصرية أن تضرب بيد من حديد من أجل استعادة الهيبة، وحتى لا تؤدى الجرأة على الدولة إلى انتشار الظاهرة من قبل شباب ثائر وغاضب. اليوم وقد حققت الدولة المصرية انتصارات متتالية على الإرهاب فى الداخل ونجحت فى محاصرة الجماعات الإرهابية والقضاء على نفوذها إلى حد كبير وإجهاض مخططات الجماعة الإرهابية لنشر الفوضى فى البلاد، كما نجحت فى القضاء على تحدى الجماعات الإرهابية فى شمال سيناء وتوجيه ضربات قاصمة لجماعة أنصار بيت المقدس وغيرها من الجماعات الإرهابية التى اتخذت من شمال سيناء ملاذا آمنا لها، وتمكنت من ضبط الحدود مع قطاع غزة عبر إغلاق الأنفاق من ناحية وإزالة المبانى الموجودة على الحدود لمسافة كيلومتر. وتمكنت أيضا من فرض رقابة على الحدود المصرية الطويلة مع ليبيا والسودان، أما وقد حققت الدولة هذا التقدم فمن الطبيعى أن تشعر مؤسسات الدولة بالثقة بالذات والقدرات، ومن ثم تعيد النظر فى ملف حقوق الإنسان برمته من منطلق الثقة فى الذات والشعور بالقوة والقدرة، وهو أمر سوف يزيل أسباب الاحتقان فى علاقتنا بالاتحاد الأوروبى وأستراليا، كما أنه يعيد ترتيب الموقف فى علاقة دولة بقطاع من الشباب المصرى الذى وقع فى أخطاء بالفعل، وإعادة الترتيب هنا تأتى من منطلق مسؤولية الدولة عن أبنائها وهو ما ننتظر بشأنه قرارات عفو رئاسية عن شباب مصرى أخطأ ولكنه لم يخُن بلده، أما من خان فلا بد من تقديم الأدلة على ذلك ومحاسبته وفق القانون دون هوادة، لكن المهم هنا أن لا يعتمد الأمر على تسريبات أو نميمة بل على أدلة وبراهين ومن لا توجد ضده مثل هذه الأدلة لا بد أن يفرج عنه فورا من خلال قرارات عفو رئاسية.