عانى قطاع العقار الصيني من انكماش منذ مطلع السنة، إذ تباطأت أسعار العقارات السكنية والتجارية في كبرى المدن الصينية ال 70، من نمو سنوي نسبته 9.6 في المئة خلال يناير الماضي إلى انكماش نسبته 3.7 في المئة خلال نوفمبر الماضي. وانخفض نمو مبيعات العقار إلى تسعة في المئة على أساس سنوي في أبريل، بينما نما الاستثمار في العقار بأبطأ وتيرة منذ خمس سنوات، ليبلغ 11.9 في المئة على أساس سنوي في الأشهر ال11 الأولى من السنة. وأشار الخبيران الاقتصاديان في شركة "آسيا للاستثمار" جوردي روف ومحمود جلال في تقرير إلى أن "هذا التباطؤ في قطاع العقار مثابة انفراج للهيئات الصينية التي كانت تعاني من تضخم القطاع بسبب المضاربة والطلب ونقص البدائل الاستثمارية للأفراد. وأضاف التقرير: "في خطوة تهدف إلى كبح الطلب، وضعت الهيئات الصينية سلسلة من الأنظمة والضوابط كفرض الضرائب على الأرباح الناتجة من بيع عقارات سكنية". مع ذلك، تغيّرت سياسة الحكومات الصينية المحلية مع ركود القطاع العقاري، إذ خففت القيود على سياسة شراء منازل عدة لمعالجة الفائض في العرض، وغيّر بعض المدن، مثل فويجن، النظام الضريبي لتشجيع بيع العقار، وفي محافظة سيشوان أيضاً تمت الموافقة على القروض العقارية المدعومة. ولكن لم تنجح بعد هذه الخطوات في الحد من هبوط أسعار العقار، ويعود بعض أسباب ذلك إلى الخصومات الكبيرة التي يقدمها كبار مطوّري العقار الذين يبحثون عن تحسين تدفقاتهم المالية. ولفت التقرير إلى أن "ركود القطاع العقاري يزيد خيارات البنك المركزي الصيني في وضع سياسات تنشط الاقتصاد وتحد من التباطؤ. فقبل انخفاض الأسعار، واجهت المؤسسات الصينية مهمة صعبة في دفع النمو من دون أن يؤثر ذلك في زيادة أسعار العقار في شكل تضخمي، أما الآن فلم يعد التضخم الإسكاني سبباً للقلق، ما يتيح للمركزي اتخاذ سياسات نقدية أوسع". ومن السياسات التي قد يعيد البنك النظر فيها، نسبة الاحتياط الإلزامي وبعض أسعار الفائدة التي يتحكم بها، وفي حال خفّض نسبة الاحتياط الإلزامي، قد يوفر ذلك مزيداً من الأموال للإقراض، ما قد يدفع النمو والأرباح لمصلحة المؤسسات المالية، التي بدورها قد تواجه ضغوطاً مستقبلياً بسبب عملية التحرير المقبلة، وأيضاً تطبيق آلية التأمين على الودائع. وأشار إلى "خفض سعر الفائدة على الإقراض الرئيس 0.4 في المئة إلى 5.6 في المئة خلال تشرين الثاني الماضي بهدف دعم القروض الجديدة، ويُتوقع خفض السعر أكثر على المدى المتوسط". وعلى رغم ذلك، سيكون صّناع السياسة في الصين حذرين تجاه خفض أسعار الفائدة الذي قد ينتج منه رفع مالي مفرط، وقد يشجع النشاطات المالية غير الرسمية في حال خفضت أسعار الفائدة المفروضة على الودائع. وعلى المدى القصير، يُتوقع استمرار انخفاض المبيعات وأسعار العقار، وإن بدأت السوق تشهد معدلات انخفاض معتدلة منذ شهور، وقد يكون لتراجع أسعار الفائدة على الإقراض مع تحسن القدرة على تحمل تكاليف الإسكان، أثر إيجابي في تحسين مستوى المبيعات. وأكد التقرير أن "التطلعات في شأن قطاع العقار تبقى إيجابية على المدى الطويل، لأن أساساته لا زالت موجودة، ووفق البنك الدولي، نما معدل التمدين في الصين ثلاثة في المئة عام 201، أي ما يعادل 21 مليون شخص إضافي". على صعيد متصل، لا يزال نمو مستوى التمدين في الصين في مراحله الأولى إذ يصل إلى 53 في المئة فقط مقارنة ب 80 في المئة في أوروبا والولايات المتحدة. يُذكر أن نسبة التحضر في الصين شهدت ارتفاعاً متسارعاً منذ العام 1960، ويتوقع أن يتواصل هذا الاتجاه خلال السنوات المقبلة. وفي ما خص التطلعات الإيجابية المتعلقة بقطاع العقار خلال السنوات المقبلة، فتشير إلى أنه سيبقى مصدراً مهماً للنمو في الصين.