حينما أطلت ببشرتها السمراء بريئة الملامح لأول مرة على جمهور السنيما المصرية والعالمية، في رائعة المخرج يوسف شاهين "عودة الإبن الضال" عام 1976، لم تكن تجاوزت العشرين عامًا، لكنها ربما كانت تصنع تاريخها من هناك، من خلال عدسة المخرج الكبير، وكلمات المبدع صلاح جاهين، ربما لم يشغل بالها أن تكون ممثلة ذائعة الصيت، رغم خفة الظل التي قد يلحظها الكثيرين في أدائها التمثيلي، لكنها كانت تحفر بصوتها تاريخًا من الغناء العذب، مازال يسيطر على قلوب الكثيرين في البلدان العربية. قد لايعتقد الكثيرون في الإمكانيات التمثيلية لماجدة الرومي، وهي أيضًا لم تشأ أن تكمل المشوار في هذا الطريق، كانت تنتبه تمامًا إلى أن شغفها الحقيقي يكمن في صوتها في هذا الجزء من العنق الذي لا يكف عن الحركة، وكانت تتذكر تمامًا كيف كان يطلب منها الجيران والمعارف أن تغني لهم في شغف، وهي ما زالت طفلة لم تتجاوز من السنوات ما يعد على أصابع اليد الواحدة. لماذا لا تغني ماجدة، وكل تفاصيل منزل الطفولة كانت توحي لها بذلك؟، ربما كان يجلس والدها الموسيقار الفلسطيني الشهير حليم الرومي في حجرة من حجرات المنزل، ليعزف ويدندن كل يوم، من المؤكد أنها ورثت عنه حبها للموسيقى، وتعلمت منه كيف تكون إنسانة قبل أن تكون نجمة. وكان الشرط الأساسي حتى يسمح لها والدها بأن تغني أن تواصل مشوارها التعليمي أولًا، وأن تعرف كيف تملأ رأسها قبل أن تملأ جيوبها بالمال وحب المعجبين، من الأكيد أن حكمة والدها منحتها فرصة جيدة كي تظهر بشكل أفضل، وأن تختار ما يعيش من الكلمات والموسيقى، قبل أن تختار ما يجلب لها الشهرة والأضواء السريعة، لكننا لا نستطيع أن نجزم هل كان يعي عقلها الفتي في ذلك الوقت، ما كان يرمي إليه يوسف شاهين، وصلاح جاهين، من معاني غزيرة في كلمات مثلتها وغنتها في رائعة "عودة الإبن الضال". ويرجح البعض أن ماجدة الرومي لها أصول مصرية، فوالدها أمضى بمصر فترة من حياته دارسًا بمعهد الموسيقى العربية، قبل أن ينتقل للعمل في الإذاعة العربية في بيروت، حيث ولدت في مثل هذا اليوم من عام 1957 وظل والدها يرفض دخولها حقل الغناء حتى غنت "ياطيور" للفنانة الراحلة أسمهان في برنامج استوديو الفن، فلم يمتلك إلا أن يوافق بعد أن استمعها جيدًا، كما لو كان يسمع لها للمرة الأولى، كانت هذه هي محطة البداية في تاريخ ماجدة الرومي، حتى أطلقت ألبومها الغنائي الأول عام 1980. قد تكون حياتها الشخصية مضطربة قليلًا، خاصة بعد انفصالها عن طوني الدفوني، عقب فترة من النزاعات القانونية، وكانت قد صرحت في وقت لاحق لمجلة سيدتي:"أتألم كثيرًا لأنني كنت أتمنى لنفسي قدرًا مختلفًا لكنني لا أستسلم أبدًا، فهذا يمندرج ضمن ما نسميه بالجينات"، ربما تجلت تصريحاتها الأخرى عن مواصلتها للحب على كافة المستويات، للفن والحياة والبشر، فيما أنجزته عبر التطوع في منظمات العمل المدني في لبنان، بالمشاركة بصوتها، أو حتى بالمال، وكيف لا وهي التي نشأت في ظل الحرب الأهلية الطاحنة في لبنان، فمن الجلي أن ظروف كهذه سوف تجعل أي إنسان حسن الطوية رغبة متواصلة في مساعدة البشر. وربما كان جمهور ماجدة الرومي ينتظر منها ما هو أكثر من العمل المدني، وأن يسمعها تغني مرة أخرى، بعد فترة انقطاع طويلة نسبيًا منذ عام 2006، حتى أطلقت ألبومها الأخير "غزل" عام 2012.