عزيزى القارئ.. الآن وفى ظل الميلاد المشوه الثانى للهيئة التأسيسية الدستورية الإخوانية السلفية المشتركة (بنين وبنين برضه) ماذا تظن حضرتك بشأن حقيقة مكونات النسيج الاجتماعى والطبقى والعرقى للشعب المصرى؟! أكيد حضرتك تعرف أن الجماعة الوطنية المصرية عاشت آلافا كثيرة من السنين يتملكها ويستقر فى عقلها الجمعى أوهام أنها واحدة من أكثر الجماعات البشرية انسجاما ووحدة، لكن يبدو أن هذه الأوهام تبددت أخيرا بعدما قامت الست جماعة الإخوان والأخوة توابعها السلفيين للمرة الثانية بفبركة تأسيسية هبابية جديدة تتولى مهمة تفصيل دستور لهذا البلد على مقاس عقلها الضيق ويناسب أحلامها المظلمة. فطبقا لنسب توزيع القوى والأنواع والأشكال والأشياء التعبانة التى تشغى بها تلك الهبابية المذكورة فإن مجتمع المصريين يتألف أصلا وأساسا من أغلبية ساحقة تنتمى إلى العرق «الإخوانى السلفى»، بيد أن هذه الأغلبية من كرمها وحسن تربيتها وتحليها بالأخلاق الحميدة (حميدة «البلكيمى» و«ونيس») تسمح لأقليات أجنبية عرقية ودينية بالسكن والإقامة المؤقتة فى مصر إلى حين يوفق المولى تعالى هذه الأخيرة وتجد شقة أخرى «إيجار جديد» تسكنها وتستقر فيها بعيدا عن ستنا «الجماعة». تسأل عن قائمة أسماء الجاليات والأقليات الأجنبية المتطفلة على الست.. هى الآتى: الجالية المصرية المسلمة، الجالية المصرية المسيحية، الأقلية العمالية، الأقلية الفلاحية، العلماء والمبدعون والفنانون وكل الذين أكملوا تعليمهم عموما، وكذلك كل المنتمين إلى شتى الأحزاب والتيارات الساسية والفكرية يمينا ويسارا ووسطا (!!). وكنت أيام التأسيسية الهبابية الأولى التى ماتت ودفنها حكم قضائى (عقبال أختها الحالية) كتبت معلقا على إحدى محاولات إنقاذها وإحياء رميم جثتها، سطورا ما زالت تصلح الآن أيضا.. فقد قلت أيامها: أظن أنه لن يكون هناك طريقة أسوأ ولا أكثر استهبالا واستغفالا من الطريقة التى فبرك بها «الإخوان» و«النور» السلفى ذلك الكيان الردىء المشوه الذى أطلقوا عليه هيئة تأسيس دستور البلاد الجديد، إلا الطريقة الاستغفالية العبيطة التى اقترحها جناب المجلس العسكرى لإنهاء الأزمة الوطنية الخطيرة التى فجرتها هذه الحماقة الإخوانية «النورية» وتصحيح التشوه الخلقى فى هيئتهم الدستورية المشؤومة بعدما اجتمع جنابه اجتماعين طويلين جدا ويشبهان فى الثقل والتمدد ساعات أيام الجوع مع ممثلى أحزاب، أغلبها تعبان وصدمان ولا يكاد يعرف أساميها أحد ولا تساوى فى سوق السياسة مليما. فأما الاقتراح فهو يعتمد فى مضمونه الأساسى على حسن أدب وتربية وأخلاق الست جماعة الإخوان، إذ يبدأ وينتهى اقتراح الأستاذ العسكرى بمناشدة حزب الحرية والعدالة الذى هو مجرد «ذراع» سياسية للجماعة أن يتكرم حضرته ويتفضل علينا ويحاول إقناع جماعته أن تتكرم وتتعطف بدورها وتسحب عشرة من توابعها هى والأخ «النورى» السلفى من عضوية الهيئة الدستورية الكسيحة التى فبركوها لكى يفسحوا فى المجال أمام عشرة أعضاء جدد يتم انتقاؤهم من القائمة الاحتياطية السابق فبركتها بمعرفتهم أيضا.. وبهذا تبقى يا دار ما دخلك شر، وينتهى الفيلم الهندى نهايته السعيدة المعروفة، حيث العروسة تذهب وتستقر فى أحضان العريس، بينما يجرى ويتبخر من المنطقة سائر الإخوة المصريين والهنود المتاعيس، وكل عام أنتم بخير! وإذا حضرتك ضربت صفحا ووضعت جنب أقرب حائط حكاية أخلاق الجماعة إياهم وحسن تربيتهم التى يتأسس عليها هذا الاقتراح الاستعباطى، ولو أيضا سيادتك أكملت جميلك وأغفلت حقيقة أن الهيئة التى يريدون ترقيعها ولدت معلولة أصلا ومصابة بشلل رباعى فى المؤهلات والكفاءات الضرورية لأداء المهمة الخطيرة المناطة بها، فضلا عن اختلالات وإعاقات قانونية ودستورية ومجتمعية لا أول لها ولا آخر.. إذا تغافلت جنابك وأزحت كل هذا جانبا فإن مظاهر الاستغفال الفاقع والفاضح الراقد فى أحشاء هذا الاقتراح ستبقى كثيفة وقوية جدا بالنظر إلى أن الحقيقة الأم والمصدر الأساس لكل التشوهات والعلل، يكمن فى أن السطو المسلح الغشيم على هذه الهيئة الدستورية جعل تركيبتها العددية معوجة ومائلة لدرجة الانبطاح والرقاد التام تحت أقدام أغلبية كاسحة من نوع ومن فئة واحدة فقط! وفى ظل هذه الحقيقة، ماذا، بحق الله، يفيد أن يتم استبدال عشرة أعضاء جدد (حتى لو أتوا جميعا من أصحاب الخبرة والقيمة وهو أمر مشكوك فيه بسبب أن التشوه ضارب أيضا فى مكونات القائمة الاحتياطية) بعشرة من ساكنى الهيئة التعبانة الحاليين؟! واقع الحال أن الغلبة والأغلبية ستظل على حالها سلاحا بتارا وغشوما فى يد فئة الظالمين الظلاميين، ومن ثم فإن كل ما سيحدث لو ابتلع المنسحبون من هذه الفضيحة الطعم وعادوا إليها مع عشرة آخرين، أن عدد ضحايا الاستغفال الطوعى ممن ارتضوا الاكتفاء بالفرجة على سرقة دستور مصر، سيزيد من 28 متفرجا إلى 38 مغفلا!