الرئيس غير المثقف كارثة بكل المقاييس، ولكن الأسوأ منه الرئيس الذى يدّعى المعرفة من الفيمتوثانية إلى تزغيط البط، وهكذا كان أحمد شفيق فى حواره مع خيرى رمضان رغم انحياز خيرى الواضح وحرصه على أن لا يُحرِجه بأى أسئلة خارج المقرر منذ أن سأله «هل تذهب إلى التحرير؟»، أجابه: «طبعا، وغير التحرير».. والكل يعلم وخيرى يعلم أكثر أن شفيق مهما كان متعودا على الطرد والضرب فى الميادين العامة فإنه يدرك جيدا أن فضيحته هذه المرة ستتفوق على فضيحة تامر حسنى.. سيصبح نزولا بلا عودة! ورغم ذلك فليست هذه هى المشكلة، ولكن فى واحدة من افتكاساته تحدث شفيق عن مادة اللغة العربية التى يحوى فيها الكتاب المقرر على التلاميذ بالضرورة العديد من الآيات القرآنية، شفيق قال إنه سوف يحذفها أو يضع مقابلا لها وبنفس العدد آيات من الإنجيل. بالطبع هو اعتقد أن هذا الرأى سوف يجد له صدى طيبا لدى دعاة الدولة المدنية ولدى الأقباط تحديدا، ولم يدرك أنه اختار المادة الخطأ. لا شك أن هناك تهميشا نراه جميعا وندركه فى ما يتعلق بالعديد من المناهج الدراسية بل والأعمال الفنية بالأقباط، وأتذكر فى إحدى لجان الدراما بالإذاعة أنى كنت أقرأ نَصًّا يقول فيه الكاتب «فى الدين الإسلامى الكذب حرام والسرقة حرام»، وكان برنامجا موجها إلى الأطفال.. قلت ينبغى أن يقول «فى الأديان أو فى القرآن والإنجيل وليس فقط فى الإسلام» حتى يعرف الطفل المسلم أن المسيحية أيضا مثل الإسلام تُدين الكذب كما أن الطفل المسيحى يشعر أن الإذاعة الرسمية تعترف به. لو كان مثلا شفيق الفريق يقول إن فى مادة الجغرافيا أو التاريخ تُستخدم آيات من القرآن ولا توضع فى المقابل آيات من الإنجيل كان بالفعل تصحيحا لا بد منه، ولكن على طريقة استيفان روستى نقول له «نشنت يا فالح؟»، فلقد اختار مادة لا يستقيم تدريسها إلا بالقرآن ولا يستوعبها إلا من يدرك المعانى والبناء اللغوى فى القرآن، وبالمناسبة أعرف العديد من الأصدقاء الأقباط من خريجى دار العلوم ودرسوا القرآن وصاروا أساتذة، ومن المعروف أن الراحل وليم مكرم عبيد الشهير بمكرم عبيد كان كثيرا ما يستشهد فى خطبه بآيات من القرآن! المشكلة ليست فى أن تستخدم آيات قرآنية للتدليل ولكن أن يتم تهميش آيات الإنجيل. أتصور أن من أسلحة مواجهة الطائفية أن يعرف المسلمون الكثير عن الديانة المسيحية وأن يدركوا المعانى فى آيات الإنجيل وأن يتولى الأساتذة شرحها حتى لو كانت فى اللغة العربية، ولكن مع الأخذ فى الاعتبار أن دراسة اللغة العربية لا تستقيم إلا بالعودة إلى القرآن للاستدلال والإسناد، ولكن شفيق آخر من يعلم! أتصور أن الجانب الأكبر فى تلك المصيبة التى يعيشها شفيق أنه لا يدرك تفاصيل العديد من البديهيات. أتذكر عندما عيّنه مبارك رئيسا للوزراء وكان ينتقل بالبلوفر الكحلى من قناة «الحياة» إلى «أون تى فى» إلى «دريم» كان كثيرا ما يخطئ فى فهم الأسئلة، وفى أول مؤتمر صحفى عالمى وهو رئيس لوزراء مصر سألته الإعلامية راندا أبو العزم مديرة مكتب قناة «العربية» عن واقعة «الجمل» فلم يسعفه إدراكه إلا بأن قال لها: «هذا سؤال سياسى لن أجيب عنه». تخيلوا رئيس وزراء يوم 3 فبراير بعد ساعات من واقعة الجمل فى مؤتمر سياسى يقول إنه لن يجيب عن أسئلة سياسية! هل تصور أنه فى برنامج «إلى ربات البيوت»؟! هذا هو الرجل الذى يرشحه المجلس الأعلى للقوات المسلحة ليصبح رئيسا لمصر، ليس معنى ذلك أن مرسى هو الأفضل، هو مثله يخطئ فى أى مواجهة إعلامية، ولكن شفيق يتميز بأن لديه ثقة مطلقة وهو يمعن فى الأخطاء. وبمناسبة استيفان روستى تذكّرت واحدة من مآثره التى بالصدفة تنطبق على ملامح وفكر شفيق فى فيلم «شاطئ الغرام»، وليلى مراد تغنى «يا اعزّ من عينى» بينما استيفان يقول «هىّ دى اللى انتى كنتى ناوية تطرديها؟ هى دى اللى كنتى عايزة تهزئيها؟ إلاّ ما فيه حد ما أُعجبش بيها». ألا يذكّرك ذلك بآراء شفيق فى الثورة؟! إلا أنه هذه المرة سيؤدى دور ميمى شكيب ويقول «أرجوك سيبنى للهم اللى أنا فيه دلوقتى»!