■ عودة 5 يونيو وما أطلق عليه الهزيمة التى تَعرّض لها جيشنا العظيم بينما الهزيمة لا تحدث إلا إذا تواجه جيشان مواجهة حقيقية وجيشنا لم يدخل معركة المواجهة وفرضت عليه قيادات متخبطة الانسحاب بكامل معداته فى اللحظات المصيرية والمعركة على وشك أن تبدأ، تَعرّض جيشنا العظيم الذى احترف صناعة النصر فى كل ما دخل من معارك – جيشنا تعرض لهزيمة سياسية من قياداته لخصها القائد الكبير سعد الشاذلى بأن أهم أسباب هزيمة 67 اشتغال الجيش بالسياسة التى يجب أن ينشغل بها السياسيون ويتبعهم الجيش. ما حدث لمصر فى 67 يلخص الكثير من أسباب الهزائم التى تعرضت لها ثورة الشعب المصرى فى 25 ينايرن 2011: التخبط – الانحراف عن المسارات الصحيحة – العجز عن القرار السليم – الفشل والعجز السياسى، بالإضافة إلى ما لا بد أنه أخذت نصيبها منه بعض القيادات الكبيرة من الفساد والإفساد الذى طال جميع مؤسسات الدولة، وبما أخذَنا فى نهاية عام ونصف من عمر الثورة إلى الاستقطاب والاختيار ما بين مرشحين للرئاسة، مرشح من رموز وقيادات النظام الذى قامت الثورة لتسقطه، ومرشح الجماعة التى تقدم كل يوم أدلة جديدة على رغبات جامجة للاستحواذ والسيطرة على السلطة وإحكام القبضة على نواحى الدولة بالكامل. من يصدق أنه بعد أكثر من ستة أشهر من عمر مجلس الشعب تمنع الأغلبية تشكيل اللجنة التأسيسية لدستور يمثل جميع أطياف ومكونات المجتمع وترجئ وترجئ لتدخلنا فى متاهة استدعاء جديد لسلطة المجلس العسكرى لتعديل المادة 60؟ حسن النيات يا جماعة ليس بحلو الكلمات ولكن بصدق ووطنية المواقف والقرارات التى كان يجب أن تقدم مصالح الوطن على مصالح الجماعة! أتمنى أن تكون عودة القوة والعافية لميادين مصر وتجدد دماء الثورة وإدراك الثوار والجماعات الوطنية للأخطاء والخطايا التى ارتكبوها منذ قيام الثورة وأخطرها التشرذم والاقتسام، ومشهد التوحد الذى أضاء ليل 5 يونيو 2012 بين مرشحى الثورة الثلاثة: صباحى وأبو الفتوح وخالد على، والتمهيد لتشكيل مجلس رئاسى يمثل القيادة التى افتقرت إليها الثورة، والسعى بالقانون وبما تمتلك من قاعدة محترمة من فقهاء وأهل قانون أمناء ومخلصين لوقف العبث بالقانون وتطبيق قانون العزل السياسى والثأر بالحق لدماء الشهداء والمصابين بمحاكمات ثورية عادلة وسائر ما يحقق أهداف الثورة، ويتسعيد تصحيح المسارات ووقف إهدار طاقة الشباب والشعب فى مزيد من الصراع والدفاع عن ثورتهم بكل ما تمثله من حقوقهم الأصيلة فى الأمان والعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة، وليصبح 5 يونيو 2012 من أيام انتصارات المصريين. ■ 2 يونيو 2012 حبس المصريون أنفاسهم ينتظرون نتائج محاكمات رأس وقيادات النظام المخلوع ولا أعرف لماذا صدمَنا ما سمعناه. إن انتظار عقوبات رادعة ومكافئة لكل ما ارتُكب بحق المصريين ولمن قلبوا حياة الملايين إلى ليل أسود طوله أكثر من ثلاثين عاما كما قال القاضى الفاضل فى البيان الملتهب الثورى الذى تقدم به لإعلان الأحكام.. بدا لى كمثل انتظار أن يفعلها مَن قرر أن يعاقب رأسه ويقطعه أو ذراعه أو ساقه أو نصفه الأعلى أو الأسفل! كيف نتصور أو نصدق أن نظام مبارك يمكن أن يحاسب نظام مبارك حسابا جادا وعادلا؟! خلاصة ما يحدث فى مصر منذ عام ونصف أن نظام مبارك يدير نظام مبارك، ثم نبكى ونغضب من الضحك علينا نحن الذين ضحكنا على أنفسنا عندما استسلمنا لوهم أن نظام مبارك يمكن أن يحاسب ويعاقب نظام مبارك! وقفت طويلا أمام أحكام براءة قيادات الشرطة، تلك البراءة التى يترتب عليها فى الأغلب براءة الرئىس المخلوع، المنتقل إلى سجن طرة، حلقة من الاستخفاف بالشعب ووعيه وإدراكه لكل ما يدور من عبث حوله، وتوطئه لتبرئة وزير داخليته، فما الاتهام الذى يوجه إليه وجهاز الشرطة بُرّئ من قتل الثوار؟ وأيضا تبرئة الرئيس المخلوع فى قضية تصدير الغاز ومن قضايا الفساد والتربح وبما يلوح بعدم إمكانية استرداد المليارات المهربة والدفع بالتقادم رغم إجماع رجال القانون أن مبدأ التقادم لا ينطبق على جرائم الرئيس المخلوع وأبنائه، فهل كان بالإمكان والرئىس السابق فى الحكم أن يطعن على فساده؟ فكيف يسقط هذا الفساد بادعاء التقادم؟ وكيف لم يحاسَب من ضيّعوا وطمسوا وأخفوا الأدلة لإفساد الأحكام ودخول القضاء شريكا فى إعلان وجود طرف ثالث مجهول؟! ■ الفريق أحمد شفيق يطالب باحترام القانون، ولا يوجد نموذج للخروج على القانون قدر حالة وجود الفريق بين المرشحين لرئاسة مصر بكل الدهشات التى صاحبت إبعاده وإعادته وعدم تطبيق قانون العزل عليه، ناهيك بعدم إصدار هذا القانون وتحصينه منذ بداية الثورة، وكان من أول مطالب الجماعات الوطنية لاستكمال حكم القضاء بحل الحزب الحاكم السابق، وبعدها ما قامت به اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية عندما انتزعت لنفسها صفة قضائية وحكمت بإحالة القانون إلى المحكمة الدستورية، وحتى مع هذه الإحالة لم يكن يجوز لها السماح بعودة الفريق إلى السباق الرئاسى، باعتبار أنه لا توجد إرادة لاحترام الثورة، باعتبار أن نجاحها كان مأسوفا عليه، فقد كان على المتضرر وهو الفريق أن يلجأ بنفسه إلى الدستورية، وفى حالة الحكم بحقه فى العودة لا يحق له المشاركة فى هذه الدورة الانتخابية، لأنه عندما تقدم لها كان القانون ساريا عليه، فقط إذا أجيزت له المشاركة يستطيع دخول السباق الرئاسى القادم. أعتقد أن هذا ما يفرضه القانون الذى يطالب الفريق باحترامه وبما يؤكد أن مشاركته فى هذه الانتخابات خارج القانون! ■ أما الجماعة ومرشحها باعتبارهم معا سيقومون بحكم مصر فالشواهد حتى الآن تقول إنهم لم يوافقوا حتى على الجمعية التأسيسية لدستور يوفر الضمانات لعدم تنصيب ديكتاتور جديد سواء كان فردا أو جماعة، وللفصل بين السلطات ولسيادة القانون وللقضاء على جميع أشكال التمييز بين المصريين، ولم يوافقوا حتى الآن على مجلس رئاسى! ■ إرادة الثورة التى تجددت فى ميادين مصر يجب أن يدعمها إدارة رشيدة وقرارات تترجم إدراك ضرورة وفريضة توحيد الصف الوطنى وراء المطالب الأساسية للثورة، ابتداء بالمجلس الرئاسى، وقد أصبح هناك ولأول مرة رأس من المرشحين والمدعومين بالشرعية الشعبية، مجلس يدير مرحلة انتقالية حقيقية يؤسس فيها لوضع دستور ولتفعيل قانون العزل السياسى ولإجراء انتخابات بعد تصحيح ما ارتُكب من أخطاء، وأولها معرفة كيف زاد عدد الناخبين نحو 5 ملايين ناخب! ■ على الأمناء أن لا يكتفوا بالهتاف فى الميدان، فالشباب يهتف ولكنهم وملايين المصريين يريدون قرارات تخرجهم من الاختبار العصيب الذى وُضعوا فيه، وأول المطلوب الآن من القيادة الوطنية الرشيدة وللعمل الوطنى أمام الاختيار الأصعب: ما القرار السليم؟ وما مدى الواقعية فى قدرة فرض إرادة ومطالب الثورة؟ لم يتبقَّ من الزمن إلا دقائق معدودات على الدفع بالملايين إلى صناديق الانتخابات، فكيف لا تجعلهم يحوّلون ما يجب أن يكون زهوا وانتصارا قوميا إلى هزيمة جديدة؟ مهما كان القرار فالمؤكد الوحيد أننا سنعبرها ونهزمها كما هزمنا 67.