باتت الطلبات المقدمة من المحامين بشأن رد القضاة، بمثابة المسمار فى نعش العدالة المصرية خلال الأونة الأخيرة، نتيجة للأثار المترتبة على تلك الإجراءات والتعطيل الذى ينذر بوقوع كوارث ومشادات خارج سور المحكمة نتيجة إصدار الأحكام والفصل فى القضايا المنظورة. فقد أكد ناصر أمين رئيس المركز العربى لاستقلال القضاء أن طلبات رد هيئة المحكمة حق طبيعى من حقوق التقاضى، لا يجوز الإقتراب منه أو المساس به، إلا أنه عمليا فإن القضاء المصرى على مدار التاريخ لم يشهد قبول طلب رد واحدة، ودائماً ما تقابل طلبات الرد بالرفض، ونتيجة لذلك فإنه لا ضرر من كثرة دعاوى الرد إلا أنه يجب تنظيم الإجراءات والأسس القانونية التى تنظم إجراءات طلبات الرد. ويرى «أمين» أنه من الضرورى أن تكون هناك حالات حقيقية توجب المحامى على طلب رد هيئة المحكمة التى تنظر قضية موكله، وأضاف أنه كانت هناك محاولات فى منتصف التسعينيات لتعديل قانون الإجراءات الجنائية، لتنظيم إجراءات طلب الرد والأثار المترتبة عليه، وتضمنت تلك المحاولات رفع الرسوم القضائية فى مصاريف دعاوى الرد، وفرض غرامة مالية كبيرة على طالب الرد حال رفض طلبه. وأشار «أمين» أن هناك ثلاث حالات فقط كفلها القانون لتقديم طلبات الرد وينظر إليها بحساسية شديدة، أولها، أن تكون هناك علاقة بين أحد قضاة هيئة المحكمة وأحد المتهمين، وفى تلك الحالة يجب أن يتنحى القاضى مباشرة دون إنتظار تقديم محامى المتهم طلب رده، وثانى هذه الأسباب أن تكون المحكمة قد أفصحت عن نيتها فى الدعوى بالميل إلى أحد الأطراف المختصمة أمامه، وثالثاً أن يكون القاضى له مواقف مسبقة فى دعاوى مماثلة ويخشى منه عدم الحياد، وأكد رئيس المركز العربى لإستقلال القضاء أن المحامى غالباً ما يعلم أن طلب رد المحكمة سيقابل بالرفض من قبل الهيئة الأخرى التى تنظر فى طلب الرد. لكن المستشار حشمت عزيز رئيس محكمة إستئناف القاهرة السابق، كان له رأياً مغايراً حيث يرى «عزيز» أن طلبات الرد المقدمة من المحامين والمتزايدة أصبحت موضة خلال الفترة الأخيرة، مطاباً بتشديد العقوبة على طالب الرد فى حالة رفضه، مشيراً إلى ضرورة مضاعفة الغرامة المقررة، حيث يصل الحد الأقصى للغرامة المقررة إلى خمسة ألأاف جنيه طبقاً للقانون الحالى وهو مبلغ ضئيل جداً. وبالنسبة للأثار المترتبة على إجراءات سيرالتقاضى نتيجة تزايد طلبات رد من المحامين لهئية المحكمة، فأكد رئيس الإستئناف السابق أنه فى حالة تقديم طلب رد المحكمة فإن القاضى يتعين عليه ان يوقف نظر القضية تماماً لحين الفصل فى طلب الرد، وإستشهد عزيز بمحاكمة الرئيس المخلوع مبارك وحالة التعطيل التى شهدتها القضية بسبب طلب رد المستشار أحد رفعت رئيس هيئة المحكمة التى تنظر القضية، حيث تعطلت القضية لأكثر من ثلاثة أشهر تقريباً حتى تم رفض طلب الرد. وأوضح عزيز أنه فى بعض وبعدما تقرر الدائرة التى تنظر طلب الرد المقدم ضد هيئة محكمة ما، رفض طلب الرد، فإن القاضى المٌقدم بشأنه طلب الرد، يقوم بالتنحى من تلقاء نفسه وبمحض إرادته عن نظر القضية لرفع الحجر عن نفسه، وفى تلك الظروف يريد القاضى أن يؤكد على أخلاق القضاة الرفيعة، وعدم حاجته الماسة لنظر القضية من الأساس نتيجة لعدم ثقة محامى أحد الخصوم فيه، وبالتالى فلا مصلحة للقاضى فى السير فى إجراءات المحاكمة.