كتبت المقال التالى قبل أن يفعلها الشاب المصرى أحمد الشحات ويتسلق 22 دورا، ويسقط من فوقه علم العدو، ويرفع علم بلاده، ردا على السفالة والبلطجة والإجرام الصهيونى، وثأرا لدم الشهيد.. لا أظن أن الشحات تسلق بقدميه فقط.. أثق أنه أيضا حلق بجناحين من العقيدة الوطنية والإيمانية التى تجرى فى دماء المصريين عشقا لأرضهم وفداء لكرامتها وشرفها واستقلالها وسيادتها.. وجزى الله كل خير جميع شركاء ومحرضى ومدبرى ما حدث فى سيناء، فكما حدث طوال أيام الثورة عندما كانت كل خطيئة ومصيبة يدبرونها ضد الثوار تتحول إلى كارثة تقع فوق رؤوس محرضيها.. والتواطؤ مع إسرائيل لتنفيذ مخططها المبيت لاحتلال سيناء، جدد الغضب فى دماء المصريين، وأعاد توحيد صفهم وعبقرية توحدهم فى الأيام الأولى للثورة، وجدد التنبيه بحجم الخطر المجهز لهم ولثورتهم ولبلدهم، وما يتأكد كل يوم أن أعداء الثورة على استعداد لحرق مصر كلها، ولتنفيذ مخططات عدوها إذا فشلت ثورتهم المضادة.. ولكن يقف لهم شباب، يجدد العقيدة المصرية القديمة للطائر الأسطورى الذى كلما دخل النار لم يحترق وخرج منها وقد تجدد ميلاده وطاقاته المعجزة، ومثلها تحول إلى نار تحرق كل من يقترب منها. يا أيها السادة المتصارعون فوق وتحت المبادئ الدستورية اصطفوا وراء علم مصر أولا، فالأعلام والشعارات السوداء والظالمة للدين العظيم تشعل الحدود، والأوراق تخلط، وإشعال حلقة جديدة من حلقات الثورة المضادة التى فشلت من شمال مصر وفى جنوبها تنتقل إلى قطعة أعز من أرضها وهى سيناء، وميليشيات النظام المنحل تحاول إشعال البؤر المتطرفة التى زرعوها، واستغلال مخازن الأسلحة التى ملؤوها هناك.. لا مانع أن تحرق كلها إن لم تعد إليهم، أو أن ينفذوا المخطط الصهيونى فى احتلال سيناء.. أثق أن القيادة المصرية لن تجر إلى موقف تفرضه عليها أعلام سوداء، ولا مخططات صهيونية، ولا ذيول وعملاء النظام.. فى نفس الوقت يتأكد أن حماية مصر وأمنها وثورتها لا يحتمل أى تسامح أو تفريط، وأن ما قيل عن الدم المصرى الغالى، وأنه لن يضيع هدرا، يجب أن يترجم فى عقوبات، ترتفع، وتتشدد بقدر قيمة واحترام هذا الدم، وفى قدرة وقوة ردع كل شريك ومتواطئ ومحرض لما حدث فى سيناء، وأن يوقع على إسرائيل العقوبات والتعويضات التى تليق بكرامة وقيمة هذا الدم، ابتداء من إعادة النظر فى شروط الاتفاقيات التى تشل مصر عن إطلاق يدها وقوات جيشها فى حماية أرضها وأبنائها فى سيناء، وأن تضم أوراق التحقيقات ما جاء على ألسنة قيادات وقوى سياسية وشيوخ القبائل بشمال سيناء أن ميليشيات قيادات الحزب الوطنى المنحل بالتخطيط مع أحد مساعدى وزير الداخلية الأسبق وراء التخطيط لإحداث فوضى بالعريش على مدى الأشهر الستة الماضية، بتحريك مجموعات مدربة من البلطجية، وإلى من يدعون ظلما الانتماء إلى الإسلام، لا أعرف أى جهاد هذا الذى يستهدف تدمير وطن وتحقيق أهداف عدوه، وتمكينه من احتلال أرضه، وأن يقود الإعلام تهدئة الغضب الشعبى العظيم، وكشف مخططات خلط الأوراق، وإهانة القضية الفلسطينية بادعاء أن هناك فلسطينيا ممكن أن يمد يده بسوء على مصر، إلا إذا كانت تحركه عمالة وخيانة لبلده قبل مصر، وأن يتقدم خطط الحماية رد الاعتبار والحقوق والمواطنة، وكل ما حرم منه أبناء سيناء وهم يعاملون معاملة «البدون» والغرباء، ويحرمون جميع مقومات التنمية وفرص الحياة والعمل والأمل لأبنائهم طوال ثلاثين عاما. التطبيق الفورى للمشروع القومى للتنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء ذلك المشروع الذى فُتح ملفه، ودرست بدقة مطالب أبنائه، وحل مشكلات تملك أهالى سيناء لأرضهم دون تناقضات مع خطط الأمن القومى، وحقهم فى جنى ثمار الاستثمار هناك. سؤال يفرضه مشهد محاولة الالتفاف على الثورة واختطافها بإشعال وتفجير سيناء.. لماذا حرمها النظام الساقط من كل تنمية واعتبار واهتمام إلا ما أهدى للأصدقاء والأحباب لإنشاء المنتجعات الفاخرة، وشركات الغاز التى كانت تبدأ مصرية وتتحول بقدرة قادر إلى شركة إسرائيلية، من خلال تداول الأسهم وتعديل الأنصبة ونسب المشاركة والبورصة، تفاصيل وطلبات خيانة وعمالة يرصدها الجيش ويعرفها ويتحركون تحت سيطرته الكاملة وهم يظنون أنه لا يعرف! 6٪ من مساحة مصر نحو 12 مليونا ونصف المليون صالحة للتنمية الشاملة فى وسط سيناء وحدها، 400٫000 صالحة للزراعة تركت بحرا من الرمال الصفراء.. الأرض تنادى من يزرعها، والشباب لا يجد عملا، والمصريون يستوردون 70٪ من غذائهم، وترعة السلام التى أنشئت على عهد خالد الذكر والأثر فى تاريخ الزراعة المصرية، يوسف والى، تمتلئ بالمشكلات التى كانت مع سبق الإصرار مشروعا فاشلا، فالمياه لا تصل إلى الأراضى التى تحلم بها، والشباب الذى دفع تحويشة العمر فى شراء أراض هناك لا يعرف ماذا يفعل بها.. والأرض والجبال والشواطئ تفيض بكنوز الثروات الطبيعية، وشباب سيناء يعانون البطالة والحرمان من جميع مشروعات التنمية. فى عام 2004 ذهب مصرى محترم بمشروع متكامل لإنشاء قرية تعاونية للشباب، تقدم على شراء أراض وزراعتها.. وحاول أن يستعين بتوصية ودعم شقيق مسؤول كبير ممن قادوا وأداروا جرائم التطبيع والتدمير الزراعى مع العدو الصهيونى.. تصوروا ماذا كانت نصيحة شقيق المسؤول الطبيعى؟! نصحه أن يشترى أرضا فى أى مكان آخر فى مصر إلا فى سيناء، ولما أبدى المصرى المحترم دهشته، وتساءل عن الأسباب رد على الفور أنه خلال سنوات قليلة ستحتل إسرائيل سيناء ربما لتكون مهرا للتوريث!! هكذا كانوا يخططون لتسليم سيناء، لتتويج ما وصفه أحد كبار الصهاينة بأن الرئيس السابق قدم للدولة الصهيونية ما لم يقدمه أحد فى تاريخها!! أليست جريمة أو خيانة ضالع فيها كل من يختصر خطاياهم فى الاتهامات الهزلية المعروضة على القضاء؟! يبدو أن ترك هذا الجزء بالغ الخطورة أمنيا واستراتيجيا ومدخر الكنوز والثروات الطبيعية خاليا ومبعدا طوال ثلاثين عاما أغرى أطماعا أخرى، أكتفى بوضع عناوينها العريضة أمام القيادات التى تضع سيناء الآن فى قلب خطط الاهتمام والإنقاذ، فأمام نائب رئيس مجلس الدولة رئيس محكمة القضاء الإدارى، وضع اللواء أحمد رجائى محمد أوراقا ووقائع تطلب التحقيق فى ما يجرى بوادى «طوى»، الذى تغير اسمه القرآنى إلى اسم وادى الأربعين فى جميع الخرائط الرسمية والسياحية، وماذا وراء خطة شراء الأراضى فى هذا الوادى المقدس.. من يشترى؟! من يرفع الأسوار حول كل أضلاع الوادى؟ ماذا وراء هذه الأسوار؟ لماذا يسمح للاتحاد الأوروبى بمد مياه النيل لمسافة 270 كيلومترا على الأقل ويحرم أى ابن من أبناء سيناء من الاستفادة منها، بل تقوم السلطات بردم الآبار التى يحفرونها لرى أرضهم ورعى أغنامهم؟! أثق أن ما يحدث فى الوادى المقدس الذى لم يجد أحد حرجا ولا عيبا فى تبديل اسمه القرآنى!! كأننا أمام مشهد استبدال أسماء عبرية بالأسماء العربية للمدن والمناطق الفلسطينية.. أثق أن كل ما يحدث فى وادى «طوى» سيدخل فى دائرة اهتمام وفحص اللجنة الوطنية لتنمية سيناء التى تضع عينها على حماية كل شبر وكل ابن على هذه القطعة الغالية من أرض مصر.