هيرو مصطفى: نلتزم بخلق فرص اقتصادية وتحسين حياة المصريين    حصر وإزالة حالات التعدي على ولاية الري وأراضي أملاك الدولة بالبحيرة    البنك الأهلي يطلق تحديثات على منتج حساب الأهلي وسيط لإتمام وإدارة الصفقات    ما معايير اختيار شركات مؤشر الشريعة الإسلامية EGX33؟    330 ألف طن نفايات تتراكم فى غزة والبيئة على شفا الانهيار    قبل اجتماع مجلس البلطيق.. ألمانيا تتوعد بالرد على استفزازات روسيا    بعد لقائهما بيوم واحد.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من نظيره الإيراني    انطلاق مباراة بيراميدز وسموحة بالدوري    وزير الرياضة يشهد المرحلة التمهيدية من مشروع صقل مدربي المنتخبات الوطنية    «لاعبينا ليس لديهم طابع الهروب».. أول رد رسمي من الزمالك على تصريحات محمد عبدالوهاب    إدراج المتهم محمد فوزي على قوائم الإرهاب 5 سنوات    السجن 3 سنوات ل13 متهمًا في قضية تهريب المهاجرين إلى أمريكا    أفراح نجوم الفن والرياضة    جولة للفيلم الوثائقي «متل قصص الحب» في 5 مهرجانات سينمائية    خاص.. أول رد من يوسف حسن بعد منشور "تجاهل علاجه" في الزمالك    أمين الفتوى: تريقه الوالدين على الأبناء حرام شرعا    يوم التروية.. سبب التسمية وأفضل الأعمال به والأدعية المستحبة    افتتاح أحدث معمل تحاليل بمستشفى القلب والصدر الجامعي بالمنيا الجديدة    محافظ أسيوط يضع حجر أساس مدرسة المحبة بمدينة المعلمين    عيد الأضحى 2024 | أحكام الأضحية في 10 أسئلة    شواطئ ودور سينما، أبرز الأماكن فى الإسكندرية لقضاء إجازة عيد الأضحى    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    محافظ الشرقية يفتتح النصب التذكاري للشهداء    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    رضا عبد العال: أرفض عودة بن شرقي للزمالك    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    3 عروض جديدة تستقبل الأطفال في عيد الأضحى 2024.. تعرف عليها (صور)    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    عاجل- الرئيس السيسي يتوجه اليوم إلى السعودية لأداء فريضة الحج    "المحطات النووية": تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الرابعة بالضبعة 19 نوفمبر    قرار جمهوري بتعيين الدكتور فهيم فتحي عميدًا لكلية الآثار بجامعة سوهاج    دعاء ثامن ليالي ذي الحجة.. اللهم اني أسألك العفو والعافية    أسواق عسير تشهد إقبالًا كثيفًا لشراء الأضاحي    فطار يوم عرفات.. محشي مشكل وبط وملوخية    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية يحذر من مصدر جديد للأمراض في غزة    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    ضبط أحد الأشخاص بسوهاج لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الشهادة الثانوية    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره لطريق الواحات    في أول ليالي عرضه.. «ولاد رزق 3» يزيح «السرب» من صدارة الإيرادات    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    رئيس هيئة الدواء: السوق المصرية أكبر الأسواق الإفريقية بحجم مبيعات حوالي 7 مليارات دولار سنويًا    ناقد رياضي ينتقد اتحاد الكرة بعد قرار تجميد عقوبة الشيبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زكي سالم يكتب: تجارب إنسانية
نشر في التحرير يوم 05 - 12 - 2014


إن لم يكن بك غضب علَيّ فلا أُبالي
تمشى مع زوجتك بعد منتصف الليل فى طريق العودة إلى منزلكما.. تختاران بعض التمشية بعد جلسة طويلة فى عيادة طبيب الأطفال لفحص ابنتكما الرضيعة.. تحمل عن زوجتك حقيبة يدها حين تحاول ضبط ابنتكما فى شيَّالة الأطفال، تهدأ فى مشيتك حتى تنتهى.. فجأة تصرخ زوجتك صرخة مروِّعة!
تفقد انتباهك وتتصاعد الدماء إلى رأسك وأنت تنظر إليها وإلى ابنتك التى تبِعَتها فى الصراخ خائفةً.. وحين تنتبه يكون السيف قد سبق العذَل.. تُفاجأ بالحقيبة تُنزَع من يدك، فتنتبه فجأة إلى ما رأته قبلَك زوجتُك، ترى شخصين يستقلاّن درّاجة بخارية، يقودها الأول ليتفرّغ الثانى لانتشال الحقيبة..
لمدة ثانية تتردَّد بين ترك زوجتك فى الشارع فى الواحدة بعد منتصف الليل منهارةً، وأن تنطلق خلف اللصَّين، وحين تقرِّر وتجرى وراءَهما تكون المسافة بينكما قد أصبحَت بعيدة جدًّا.. يتجمَّع حولَكما جمع من الأهالى الطيِّبين، وتسمع كلماتٍ كثيرةً: «سرق حاجة؟ الشنطة فيها فلوس؟ اجرى يا اسطى وراه.. ماتخافش، فيه ناس بتجرى وراهم».. بعدها بدقيقتين يرنّ هاتفك، تجد على الشاشة اسم زوجتك؛ الاتصال من هاتفها الذى كان فى الحقيبة! تفتح الخط وتسمع صوت عراك وضرب وصراخ وشتائم..
- ألو!
- أيوه، التليفون دا مسروق من واحدة الوقتى.
- أيوه، أنا جوزها، أنت فين؟
- إحنا على كوبرى فيصل.
تنطلق جريًا إلى أعلى كوبرى فيصل، يتطوَّع أحد الأهالى باصطحابك فى سيارته مع شخص آخَر، وتصعدون الكوبرى..
تظلّ تسمع العراك فى الهاتف، ولكن المتصل لا يردّ. تغلق الخط وتتصل مرة أخرى، ولكن الهاتف مغلَق! فى الأفق زحام شديد على الكوبرى. يخرج الرجلان من السيارة ويجريان باتجاه الزحام، لا تعرف هل تترك السيارة وتتبعهما، أم تبقى بها حتى لا تُسرَق... بعد دقيقة تحسم أمرك وتغلق السيارة بثقافتك الضئيلة فى ما يخصّ السيارات، ثم تنطلق جاريًا ناحية الزحام..
تجد عددًا كبيرًا من الرجال يضربون اللصَّين أشدَّ الضرب، ويشتمونهما أقذع الشتائم، وأحد الرجال الذين كانوا متجمِّعين يحمل الحقيبة ويقول لك بفخر: «مش قلت لك هاجيبهم لك يا باشا؟».
تحمد الله، ثم تكتشف أن سائق التاكسى بعد أن أبلغك بالقبض على اللصَّين، سرق هاتف زوجتك وهرب.. فتحمد الله..
تمسك أحدَهما من رقبة سترته وأنت ترى الدماء التى تنساب من أنفه وشفتيه ووجهه بعدما قام الأهالى معه ب«الواجب»، تتجه وأنت وشخصان آخَران تمسكون به حتى لا يفرّ، وفى الطريق نزولاً يتساءَل راكبو السيارات فيُجاب: «دا حرامى، خطف شنطة واحدة ستّ، ودا جوزها».. وكلما عرف شخص صبّ عليه شتائمه، أو نزل من السيارة وانهال عليه ضربًا وشتمًا.
بعد دقائق تكون قد وصلت على تروسيكل، لا تدرى مَن صاحبه، إلى نقطة مرور الجيزة، ومعك أربعة أشخاص، وحولك ثلاث دراجات بخارية، والجميع إلاّ أنت يضرب اللصَّين، وأحدهما يستحلفك بالله وبابنتك أن تتركه، فلا تردّ إلا بنظرة لا تتوقَّع أن يفهمها.. يتوسّل إلى مَن يضربونه: «والنبى يا باشا، والله العظيم عامل عملية فى رجلى». يردّ أحدهم: «ماشى يا ابن ال...، هنخليك تعمل عملية فى التانية». فى نقطة مرور الجيزة يُحبَسان لمدة عشر دقائق قبل أن يصل أمين الشرطة، عشر دقائق ذاقا فيها ضربًا أشد مِرارًا مما ذاقاه منذ قبض عليهما الأهالى.. يصل أمين الشرطة ويطمْئنك، ويطلب منك بوضوح: «يا أستاذ اوعى تسيب العيال دى، قدّم بلاغ فى القسم وهات حقّك، انت الحالة الاربعتاشر النهارده، لسه من ساعتين نفس الحركة معمولة فى ست عجوزة واتاخد منها شنطة فيها ألفين جنيه»..
تركب أنت وزوجتك سيارة الشابّ ابن الحلال الذى لا تعرف اسمه حتى الآن، وتتجهون إلى قسم الجيزة، وخلفكم ميكروباص أتى به أمين الشرطة وضع فيه اللصَّين. فى القسم تبقى ثلاث ساعات، ما بين أسئلة أمناء الشرطة ومعاونى النيابة والضابط، وخلال هذه الساعات تسمع ضربًا جديدًا قديمًا على جسد اللصَّين، وتسمع هتاف أحدهما: «والله يا باشا عامل عملية ف رجلى.. والله يا باشا أبويا ميّت».. بعد تفتيشهما تعلم أنهما كان معهما 8 تذاكر هيروين، قال حاملها إنها للتعاطى، فتُكتَب فى المحضر 15 تذكرة للاتجار.. صدى صوت صراخ زوجتك وابنتك، ودموعهما التى لم تجفّ بعد ولا تفتأ تتجدَّد، تُفقِدُك أى تعاطف مع اللصَّين، سواء فى الضرب الذى لا يتوقف، أو فى الدماء التى لا تتوقّف، أو فى المعلومات الملفَّقة فى المحضر.
فى نهاية الأمر يستحلفك كاتب المحضر أن تذهب إلى النيابة فى الصباح حتى لا يُخلَى سبيل اللصَّين، فتقول له: «لو كنت ناوى ماروحش، ماكنتش جيت لك».
تكون فى سراى النيابة فى الحادية عشرة والنصف صباحًا. فور وصولك تجد اللصَّين مكبَّلَين وينظران نحوك باستعطاف وتوسُّل. تمرُّ من أمامهما كأنهما غير موجودَين. تسمع من ورائك صوتًا نسائيًّا غليظًا: «يا أستاذ، لو سمحت، يا أستاذ».. تتجاهل الصوت وتتجه إلى القسم الخاص بوكلاء النيابة معك زوجتُك تحمل ابنتك.. هناك تلحق بك المرأة ومعها فتاة فى نحو الخامسة عشرة من عمرها. تسألك المرأة: «إيه يا أستاذ؟ مش باناديك؟ هو انت مابتردّش على مسلمين؟».
تقول: «قالوا لى ماردّش على حد».
- طيب والنبى، عشان خاطرى سامحهم.
تحاول زوجتُك الكلام، تنهاها. تقول الفتاة: «والنبى!».
تردّ عليها: «انتى عندك كام سنة؟».
- خمستاشر.
- لو حد شدّ شنطتك وقّعك على الأرض خرشمك، هتسيبى حقك؟
تصمت تمامًا وهى تنظر إليك بدهشة. تكشف زوجتُك ذراع ابنتك الملىء بالدماء منذ أمس بسبب حساسية جلدها، وتقول لها: «لو ابنك حصل له كده هتسيبى حقه؟»، تصمت تمامًا وتضع وجهها فى الأرض.
الجميع هناك متعاطفون معك، ويحثُّونك على عدم التنازل عن حقك. تنتظر ثلاث ساعات تمرُّ عليك كالدهر.. ثم تدخل غرفة وكيل النيابة.. يمرُّ التحقيق بطيئًا فعليًّا بسبب التدقيق فى كل التفاصيل: ماذا حدث؟ متى؟ أين؟ كيف؟ مَن؟
وكيل النيابة كان من الواضح أنه يريد سدّ جميع ثغرات المحضر فى وجه محامى اللصَّين إن وُجد، فصبرنا حتى انتهى.
سأل مساعده: «العيال هنا؟»، ردّ عليه: «آه، برّا، بس وشهم بايظ».
سألنى: «مين ضربهم؟»، قلت: «كل الناس إلا أنا».
وأطلب منه أن يأمر اللصَّين بأن لا ينظرا إلى زوجتى ولا إلى ابنتى.
يدخل اللصان فيسأل زوجتى: «دول اللى سرقوكى؟».
تقول وقد بدأت تبكى من جديد: «آه، هما».. يقول: «بصى لهم كويس». تنظر وتكرر: «هما». يسألهما: «انتو سرقتو شنطتها امبارح؟».
يجيبان: «آه يا باشا». يسألهما: «مين اللى عمل فيكو كده؟».
يجيبان: «الأهالى والحكومة يا باشا». يقول لمساعده: «خدهم برّا الوقتى».
تنصرف مع زوجتك وابنتك من سراى النيابة، وتتجه إلى بيتك متجاهلاً يوم العمل الذى ضاع، غير عابئ بالدنيا وما فيها.
تتصل بأمك المريضة فى الطريق وأنت فى التاكسى، تطمئنّ على صحتها وتقول لها: «ادعى لى يا امّه»، وتُخفِى عن زوجتك دمعة فرّت من عينك وأمك تقول: ربنا يا ابنى يوسّع لك كل ضِيقة ويفتحها ف وشّك..
(هذه الرسالة بقلم الشاعر محمود عبد الرازق جمعة)
مها وأولادها يستغيثون بالسيسى
الأستاذة مها المكاوى وأولادها الثلاثة يمرون بتجربة إنسانية فى غاية القسوة، فقد تم خطف رب أسرتهم، المحامى رأفت فيصل على شحاتة، بواسطة جهة أمنية، يوم 14/ 1/ 2014، وقد حاولت زوجته الوصول إليه بشتى السبل، فهو مريض ويحتاج إلى أدوية وعلاج، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل، سواء داخل أقسام الشرطة، أو لدى الأجهزة الأمنية، أو فى مكتب النائب العام، أو عند المجلس القومى لحقوق الإنسان.
ولا بد -للأسف الشديد- من التأكيد أنه ليس إخوانيا، وكأنما يجوز ذلك مع الإخوان! فى حين أن المادة 54 من الدستور تنص على: «الحرية الشخصية حق طبيعى، وهى مصونة لا تُمس، وفى ما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأى قيد، إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق.
ويجب أن يُبلغ فورًا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويُمكّن من الاتصال بذويه وبمحاميه فورا، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته».
إن مها وزوجها عضوان مؤسسان فى حزب الدستور، وقد حاول بعض الطيبين مساعدتها، طَوال الشهور الماضية، لكن دون جدوى، ومن ثم قررت المواطنة مها المكاوى أن تستغيث برئيس الجمهورية، وتقول له: «أمنية حياتى أطمّن على جوزى.. وأشوفه أنا وولادى.. وعايزة أعرف مكانه.. ولصالح مين يتخطف مواطن ورب أسرة.. ويبقى طول المدة دى فى جهة أمنية.. وغير معلوم عنه أى أخبار.. طيب أمانة عليك لو جرالى حاجة ومت تخرج زوجى يودعنى.. ويحضر جنازتى طالما مستكترين علينا نعيش.. وحسبى الله ونعم الوكيل.. وإلى الله المشتكى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.