أجمل رد فعل لمقالتى بعنوان «اغضب يا سيسى» يوم 28 أكتوبر، هو إعلان الرئيس تضامنه مع غضبنا، فى خطابه القوى للمصريين خلال فاعليات المناورة «بدر 2014»، طالبتُ الرئيس بالغضب من حال الصحة والتعليم والأمن، وطالبته أن يُحوِّل حزننا على التلاميذ ضحايا الإهمال وعلى شهدائنا حراس الوطن، إلى تحدٍّ، وأن ينقّى حقول الدولة من المسؤولين العجزة ومحدودى الأفق ومحترفى التصريحات الكاذبة والتخدير بالشعارات. غضب الرئيس وأنذر كل مسؤول إما النجاح وإما الاستقالة، وهو غضب إيجابى كنا فى أشدّ الاحتياج إليه، تبعته قرارات تأكيد شجاعة واستقلالية وطن يتحدَّى العالم ومنظماته المشبوهة التى تُموِّل الإرهاب فى الخفاء، وتتكتَّل لتحاربه لتجنى ثماره، مثل قرار اختيار الدكتورة فايزة أبو النجا مستشارا للأمن القومى، غضبة الرئيس نشلتنا من الانزلاق إلى حفرة اليأس. ووصلتنى أفكار من قرَّاء لو خصص تليفزيون الدولة ساعتين يوميًّا لاستقبالها بدلا من «اللت والندب والفتاوى»، سيفيض بنك الأفكار بحلول بسيطة لمشكلات مزمنة أجهدتنا جميعا، حكامًا وشعبًا، وسيشارك الشعب فى حل مشكلاته ومحاسبة المسؤولين، وسيسقط عن كرسى السلطة كل مسؤول عاجز عن تطوير العمل ليواكب الظروف والمتطلبات، وسأتناول هذه الاقتراحات لاحقا لاحتياجنا إليها الآن وليس بعدين، لأن حرب وجودنا شرسة. وأبدأ بنفسى باقتراح أن تتوقَّف الدراسة شهرًا فى كل جامعة ومعهد ومدرسة ثانوى، لأننا فى حالة حرب ومعركة وجود، ويتم توجيه الطلبة لخدمة مجتمعية نحتاجها وفقا لقدراتهم ونوع دراستهم، وتتكوّن فرق لإصلاح ما يُدمّره الإرهاب مباشرة فى شارعه وبيته فى الحى والمحافظة، ويحصل كل شاب وفتاة على شهادة خدمة اجتماعية تعادل فى قيمتها شهادة التجنيد للشبان، هى شهادة فخر بأنه مصرى شارك فى إنقاذ وخدمة وطنه بالعمل رغم صغر سنه، وأسهم فى تحقيق حياة الكرامة والعدل التى خرج معنا ثائرًا يطلبها. ولنا تجربة رائعة بعد صدمة نكسة 67، توقّفت الدراسة واشتعلت السواعد ونهضنا، تشكّلت مجموعات تدريب بالمدارس والجامعات، وتعلّمنا التمريض وعلا صوت مساندة المجهود الحربى، ربطنا الأحزمة على البطون وعلى الأحلام، ودار قطار الشرق بالفنانين لجمع التبرعات، وعبرنا شعبا وجيشا لأن المصاب واحد والوطن هو الأغلى، نحن قادرون والتاريخ شاهد. بدلا من استقطاب أعدائنا للشباب اليائس العاطل الغاضب وتجنيده لتكفير وقتل أهله وتدمير وطنه، وبدلا من مضاعفة الغضب بإلقائه فى السجون، فلنحوّله إلى جيش إنقاذ وسلاح ودرع، لنمنحه أول درس فى الوطنية وفى كيفية انتزاع حقه فى الحياة بكرامة فى وطنه. ومع كل احترامى لوزير الشباب لا نريد منظمات شبابية حكومية تتحوَّل إلى أوكار ومراكز نفوذ تراقب بعضها وتحصل على المناصب والمكافآت، كما حدث مع التنظيم السرى وخلايا الحزب الوطنى فى عهود هدم مصر، نريد أن كل جامعة تضع خطة الخدمة المجتمعية التى يصلح لها طلابها، وأن يشرف على تنفيذ المهام أساتذة الكلية أو المعهد الصناعى أو الفنى، أو هيئة التدريس بالمدرسة، كل الخدمات مطلوبة من إعادة ترميم المدارس بأيادى طلابها إلى إعادة فتح المصانع والشركات إلى تجهيز الوجبات ورعاية المسنين، ويحصل كل طالب على درجات تضاف إلى درجات نجاحه الدراسى، نريد أن نواجه حرب الإرهاب جميعا بدلا من الخوف والشكوى، الحياة الكريمة تبدأ بأن يتحول شباب مصر إلى جنود يعبرون خطر الإرهاب، كما عبر أجدادهم خط بارليف. اغضب أكتر يا ريس، لأن الفاشلين متشبّثون بكراسى السلطة، دمهم على رؤوسهم، حوِّلْ التلاميذ والشباب إلى جيش إنقاذ وطنى، لحين نَسْف تعليم الغباء بالحفظ والتسميع وقتل المهارات، افتحْ بنكا للأفكار، اجعلْ أولادنا ينهضون من مقاعد المتفرّجين السلبيين، امنحهم شرف بناء الوطن وزراعة طريق المستقبل، اغضبْ يا ريس وارمِ شباكك وسنتسابق إليك مع أولادنا.