الطرق فى مصر أصبحت مقبرة للسائقين والركاب، وبغض النظر الآن عما إذا كان السبب وراء تلك الكوارث هو غياب وعى السائقين بالمخدرات التى يتعاطونها، أم سوء حال الطرق نفسها، وعدم وجود خدمات بها، إلا أن الموت الذى حصد أرواح 29 شخصا على الأقل فى خلال هذا الأسبوع، معظمهم من طلبة الجامعة والمدارس، فى حادثتى جامعة سوهاج، ومدارس الأورمان، يدق جرس إنذاره بقوة ليعلن أنه سيأتى غدا ليحصد مزيدا من الأرواح البريئة، إن لم ننتبه الآن إلى خطورة المأساة، قبل أن تبتلعنا كلنا. وزير النقل: صيانة عاجلة للطرق.. وإغلاق المعابر العشوائية كتب- صديق العيسوى: «فحص بصرى للطرق خلال 15 يوما»، هذا ما أعلنه المهندس هانى ضاحى وزير النقل، موضحا أن ذلك سيتم بالتنسيق مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، لتحديد الاحتياجات المطلوبة سواء بالنسبة لأعمال الرصف أو أعمال تأمين سلامة المرور، ووضع خطة تنفيذية عاجلة تتم متابعتها دوريا. وزير النقل أضاف خلال اجتماعه أمس الخميس مع الدكتور سعد الجيوشى رئيس الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى، وعدد من رؤساء قطاعات المناطق بجميع أنحاء الجمهورية، أنه تقرر طرح عمليات للصيانة العاجلة للقطاعات التى تحتاجها بشبكة الطرق، والبدء فى التنفيذ بصفة عاجلة، مع تقديم برامج زمنية محددة يتم من خلالها تحديد مواعيد الانتهاء من كل طريق، وإجراء المتابعة الدورية لذلك بالتنسيق مع الإدارة العامة للمرور والأجهزة المعنية بوزارة الداخلية، بشأن إزالة التعديات على حرم الطريق وغلق المعابر العشوائية للمشاة خلال نهر الطريق، بالإضافة إلى وقف عمليات سرقة العلامات الإرشادية من الطريق. تعاون بين «النقل» و«الهيئة الهندسية» لفحص الطرق خلال أسبوعين ضاحى أضاف فى بيان له أمس أنه ناقش مع رئيس الهيئة العامة للطرق، الأسباب التى تؤدى الى الحوادث، وكيفية الحد منها وتسخير كل إمكانات الوزارة للمساهمة فى الحفاظ على حياة المواطنين، وكذلك تنفيذ مسؤوليات الهيئة ومناطقها والتنسيق مع مدريات الطرق بالمحافظات بخصوص شبكة الطرق الداخلية، مع ضرورة دعم وتأمين شبكة الطرق الرئيسية التى تربط بين المحافظات، لافتا إلى أنه تقرر بدء العمل خلال الأيام القلية القادمة بمصنع بويات الهيئة العامة للطرق والكبارى بطاقة إنتاجية نحو 10 أطنان فى اليوم، لتتم تغطية احتياجات شبكة الطرق التابعة لوزارة النقل، وكذلك تكثيف العلامات الإرشادية والتحذيرية وأعمال التخطيط بالبويات على شبكة الطرق واتخاذ الإجراءات العاجلة لتوفير الخامات والمواد المطلوبة لهذه الأعمال. وتم الاتفاق خلال الاجتماع على أن يعقد بشكل دورى كل أسبوعين، لمتابعة ما يتم تنفيذه على أرض الواقع. وجه بحرى «نبروه - الدقهلية» مصيدة آدمية.. و«إقليمى» المنوفية مفرخة كوارث كتب- أحمد عبد السميع وعلاء النجار وسارة زينهم وكارم الديسطى ومحمد عودة وإسلام الشاذلى وأشرف مصباح: يعد الطريق الإقليمى بمدينة السادات من أخطر الطرق بمحافظة المنوفية، والذى يشهد بشكل شبه يومى حوادث مروعة، جعلت الأهالى يسمونه «طريق عزرائيل»، نظرًا للسرعة الجنونية التى يقود بها السائقون على هذا الطريق دون الالتزام بقواعد المرور. ففى مارس الماضى، وقعت أكثر من حادثة تصادم على الطريق الإقليمى، كان أبرزها بين سيارتين مما أسفر عن مصرع عامل وإصابة 17 آخرين، بينما فى أغسطس شهد الطريق حوادث كثيرة كان أبرزها مصرع «محاسب» اصطدمت سيارته بأحد أعمدة الإنارة على جانب الطريق، نتيجة اختلال عجلة القيادة بيده، بسبب انفجار الإطار الأيمن الخلفى للسيارة، وفى سبتمبر الماضى شهد الطريق الإقليمى أيضًا حادثة تصادم بين جرار زراعى وسيارة نقل بمقطورة، أدّت إلى وفاة شخص. وفى الدقهلية، لا يكاد يمر يوم على المحافظة، إلا وتشهد حوادث للطرق، نظرًا للغياب التام من قبل إدارات المرور ورجال الشرطة، وكذلك السرعة الزائدة التى يسير بها سائقو السيارات، فى مخالفة قوانين وقواعد الطرق العامة. سواقة «العيال» تحصد الأرواح فى كفر الشيخ المحافظة شهدت عديدًا من حوادث الطرق التى تقع يوميًّا وترصد عشرات الأرواح، ومن بين هذه الطرق طريق نبروة الذى يربط بين محافظاتالدقهلية-كفر الشيخوالدقهلية-الغربية، وطريق المطرية-المنصورة والذى شهد مؤخرًا اصطدم سيارة ميكروباص بجرار زراعى ودراجة نارية، مما أسفر عن مصرع 4 مواطنين، تناثرت دماؤهم على الأسفلت، فى ظل غياب إدارة المرور التى تقاعصت عن شن حملات مكثفة على الطرق السريعة، فضلًا عن انعدام الرقابة عليها. محافظة الشرقية هى الأخرى لا يتوقف فيها نزيف الأسفلت بشكل يومى، فى ظل غياب تام لرجال المرور المنوطين بضبط حركة المرور على تلك الطرق. الأسباب الرئيسية للحوادث من وجهة نظر الأهالى تتمثَّل فى السير عكس الاتجاه على كل الطرق السريعة، دون رادع، فضلًا عن التعامل المرورى الضعيف مع تلك المخالفات، وتغاضى رجال المرور عن السرعة الزائدة التى يسير بها السائقون فى سباق بينهم من أجل الوصول فى أسرع وقت إلى الموقف وقيامهم بتحميل الركاب قبل زملائهم، فضلًا عن التقاط الركاب الموجودين على جانبَى الطريق. بالإضافة إلى ما سبق، هناك عدة طرق فى الشرقية تعرف باسم «طرق الموت»، يأتى على رأسها طريق بلبيس-العاشر من رمضان، والذى يشهد حوادث عديدة منحت مدينة العاشر لقب «مقبرة الشباب»، بسبب وقوع حوادث كثيرة على الطريق، رغم اتساعه، وذلك نتيجة تهالك سيارات الشركات والمصانع التى تنقل العمال والموظفين من وإلى المدينة، كما يعد طريق الزقازيق-أبو حماد من طرق الموت التى تشهد حوادث عديدة، إلى جانب طريق أبو حماد-الإسماعيلية الموازى لترعة الإسماعيلية، والذى يشهد حوادث انقلاب السيارات فى الترعة، نظرًا لضيق الطريق وعدم وجود ما يُسمى ب«الطبان» الذى يقسم الطريق إلى نصفين لعزل الاتجاهين عن بعضهما. وفى كفر الشيخ، يعتبر طريق دسوق هو أخطر الطرق فى المحافظة، لكن الظاهرة الأكثر هى قيادة الأطفال السيارات الأجرة. مشكلة الطرق لا تقف فقط عند حد الكوارث المرورية بسبب تناول السائقين المخدرات أو السرعة الزائدة، وإنما يمتد الأمر إلى سوء الطرق وضعف مستوى الخدمات بها، ومن ضمنها الطريق الذى يربط بين بنها وشبرا الخيمة، ويبلغ طوله 35 كيلومترًا، يقطعه نحو مليونَى سيارة قادمة من الدلتا يوميًّا فى ساعات طويلة تحوَّلت إلى رحلة عذاب. وجة قبلى والإهمال الحكومى مستمر على طرق الصعيد كتب- محمد الزهراوى وحسين فتحى ووائل بدوى: يبدو أن الطرق الزراعية والصحراوية بمحافظات الصعيد أصبحت هى الطرق الأسرع للموت، وذلك بسبب ما تشهده تلك الطرق من حوادث يومية تؤدى إلى قتل وإصابة العشرات، نتيجة سوء الخدمات، من ضيق الحارات، أو عدم توفير الإنارة الكافية لها، أو انتشار المطبات العشوائية، فضلًا عن المنحنيات الموجودة على طول الطريق. «الزراعى» بالمنيا طوله 140 كيلو.. وحارة واحدة ففى محافظة المنيا، يصل طول الطريق الزراعى «مصر- أسوان» إلى 140 كيلومترا، ومع ذلك يعانى من ضيق عرضه، فضلًا عن وجود تشققات به، وقطع التيار الكهربائى عن أعمدة الإنارة الموجودة عليه، بالإضافة إلى وجود عديد من المنحيات بداية من مركز مغاغة شمالًا وحتى مركز ديرمواس جنوب المحافظة، وهو الأمر الذى يتسبب فى وقوع عديد من الحوادث عليه، خصوصا أن الطريق عبارة عن حارة واحدة تتميز بضيق عرضها وتستخدم للذهاب والإياب، وتأتى من أشهر تلك الحوادث، حادثة أوتوبيس مغاغة التى راح ضحيتها 66 شخصًا، غرقوا فى مياه ترعة الإبراهيميه، وبعدها حادثة أوتوبيس تابع للهيئة الإنجيلية الذى خلف وراءه 17 قتيلًا، وكانت آخر تلك الحوادث، حادثة قرية أبو حسيبة التابعة لمركز مطاى عندما لقى 14 شخصًا مصرعهم. 182 حادثة هذا العام على طريق الفيوم.. وفى الفيوم، لا يمر يوم إلا وتستقبل المستشفيات المصابين والمتوفين بسبب حوادث الطرق، إلى الحد الذى وصلت فيه إلى 182 حادثة خلال هذا العام، بمعدل 15.2 حادثة فى الشهر، بينما بلغ عدد الحوادث على طريق «الفيوم - بنى سويف»، نحو 25 حادثة، بمعدل شهرى 2.1، وفى الطريق الساحلى جنوب بحيرة قارون، بلغت الحوادث نحو 62 حادثة بمعدل شهرى 5.2. أسباب زيادة الحوادث فى طرق الصعيد، ترجع إلى عدم ازدواج تلك طرق مثل طريق «الفيوم - بنى سويف»، أو الطريق الساحلى على البحيرة، والذى تسير فيه السيارات فى حارة واحدة، مما يؤدى إلى وقوع عديد من الحوادث، لذلك تجب سرعة العمل على ازدواج هذا الطريق، فضلًا عن عدم استخدام أى وسائل أمان على الطريق مثل عيون القط أو الحواجز المعدنية والخرسانية، خصوصا فى الطرق المحلية الكثيرة داخل المحافظة. و200 مطب صناعى وراء كوارث «بلينا - سوهاج» محافظة سوهاج تشهد هى الأخرى حالة من التردى الشديد فى الطرق العامة، خصوصا عند مخارج الطريق الصحراوى الغربى فى منطقة الكوامل التى شهدت حصد أرواح 10 من طالبات الجامعة، بالإضافة إلى الطريق الزراعى وسط المحافظة الذى لا يقل سوءًا أو إهمالًا عن باقى الطرق، بداية من مركز طما إلى أقصى جنوب المحافظة بمركز البلينا، ويمتد بطول 150 كيلومترًا، وبه أكثر من 200 مطب عشوائية أقامتها الأهالى، ومثله طريق البحر الأحمر، الذى أدت سوء الخدمة فيه إلى مصرع العشرات من المسافرين. الدكتور مجدى عبد الرحمن، مدير عام مرفق إسعاف الفيوم، يؤكد أن أغلب القتلى فى حوادث الطرق من بين سائقى الدراجات البخارية والمصابين أيضا، وفى الأغلب فإن هؤلاء لا يحملون رخص قيادة، ودائما ما يكونون تحت تأثير المخدرات، خصوصا أن آخر إحصائية أجرتها مديرية الصحة بالتعاون مع إدارة مرور الفيوم، كشفت عن أن أكثر من 32% من قائدى المركبات يتعاطون المواد المخدرة، وهى نسبة كبيرة، وأضاف كذلك أن عدم إنارة هذه الطرق، أو استخدام اللوحات الإرشادية والتحذيرية والعلامات الأرضية على هذه الطرق، كان سببًا فى أن يؤدى إلى زيادة الحوادث. سقوط سيارة «نصف نقل» من أعلى معدية بالمنيا المنيا- محمد الزهراوى: يبدو أن مركز سمالوط شمال محافظة المنيا، موعود بحوادث المعديات النيلية، فبعد أن شهد المركز قبل أسبوعين سقوط سيارة نصف نقل محملة بأكثر من 40 من أهالى قرية العوايسة، وأسفر عن غرق 30 منهم، شهدت قرية الشراينة التابعة لنفس المركز سقوط سيارة نصف نقل محملة بالطوب الأبيض «البلوك» من أعلى معدية نيلية، مما أسفر عن إصابة سائق السيارة الذى فر هاربا، وغرق التباع، وانتقلت فرق الإنقاذ النهرى لانتشال الجثة. مصرع تبَّاع وإصابة سائق فى حادثة قرية الشراينة حيث تلقى مدير أمن المنيا اللواء أسامة متولى، إخطارا من العميد طاهر رفعت مأمور مركز شرطة سمالوط، بتلقيه بلاغا من عمليات النجدة بسقوط سيارة نصف نقل، من أعلى سطح معدية من أمام قرية الشراينة التابعة لمركز سمالوط، وذلك فى أثناء مرورها من الجهة الغربية إلى الجهة الشرقية للنيل. على الفور انتقلت أجهزة الأمن وفرق الإنقاذ النهرى إلى مكان الواقعة وتبين سقوط سيارة نصف نقل محملة بالطوب الأبيض «البلوك» وأسفرت الحادثة عن مصرع عدلى تواضروس غالى، 20 سنة، تبَّاع، غرقًا، وإصابة قائد السيارة ويدعى عادل السيد راضى والى، فرَّ هاربًا، وتحرر محضر بالواقعة، وانتقلت أجهزة الأمن وفرق الإنقاذ النهرى لانتشال جثة التباع، والبحث عن أى جثث أخرى. المهندس محمود سعد رئيس مركز ومدينة سمالوط، قال فى تصريحات خاصة ل«التحرير» إن المعدية خاصة وليست حكومية، وإن السيارة التى سقطت كانت محملة بالطوب الأبيض «البلوك»، وإن الحادثة لم تسفر إلا عن غرق التباع وإصابة قائد السيارة، خصوصا أن سيارات البلوك لا تسع لأكثر من السائق والتبّاع الخاص به.