فى صيف عام 1945 كان المخرج عبد الفتاح حسن والكاتب بديع خيرى جالسين على شاطئ ميامى بالإسكندرية، ومر أمامهما شاب ملامحه أجنبية، قوامه رياضى ممشوق، بشرته بيضاء، وشعره بنى، وعيونه عسلية فاتحة، كانت هيئته تؤهله للوقوف أمام الكاميرا وملامحه ملامح نجم سينمائى وسيم، وأشار إليه بديع خيرى مناديًا: «يا خواجة!»، واقترب الشاب منهما وملامحه تشى بضيق وانزعاج، وبلباقة وهدوء عرفهما بنفسه، واكتشفا أن هذا الخواجة شاب سكندرى من أبناء حى الجمرك واسمه عادل أدهم، وذهب ضيقه من لقب خواجة الذى تعرض له كثيرًا حينما عرضا عليه دورًا فى مشروع فيلمهما القادم، وبعد أيام كان فى استوديو شبرا بالقاهرة، حيث أجرى اختبار كاميرا نجح به، وأقام فى القاهرة يحلم بالنجومية والشهرة، ولكن تشاء الأقدار أن يموت عبد الفتاح حسن مخرج ومنتج أول أفلام عادل أدهم قبل التصوير، وينتهى مشروع الفيلم بالكامل، ورغم صدمته فإنه لم يترك القاهرة ويعود إلى الإسكندرية بعد أن تمكن منه حلم التمثيل ونادته «نداهة» الفن! الرقص أمام ليلى مراد أضاف عادل أدهم إلى قائمة أشرار السينما المصرية نموذجًا ولونًا متفردًا، فتجسيده شخصية المجرم الشرير حمل ملامح الشخصية السيكوباتية المعقدة المستهترة التى تجمع بين العصبية والسخرية وخفة الظل، مثل هذه المواصفات من الصعب على أى ممثل التحكم بها دون الوقوع، إما فى فخ الاستظراف وإما المبالغة، ولكنه نجح فى توظيفها والجمع بينها بصورة تذكرنا بأداء النجم العالمى جاك نيكلسون، براعته كانت تتجسد فى إخلاصه لحالة الشر التى يقدمها، هو ذلك الشرير المحب للشر والمؤمن به لدرجة الجنون، كان أيضًا من الممثلين القلائل الذين يمتلكون القدرة على تطويع ملامح وجههم فى أثناء التمثيل. لم تكن بدايته السينمائية مع التمثيل، بل مع الرقص، بعد ضياع فرصته الأولى كممثل وافق على العمل كراقص استعراضى بناء على نصيحة صديقه الراقص والمخرج على رضا، يمكن للمشاهد اللماح مشاهدته راقصًا ضمن مجاميع استعراضات فيلم (ليلى بنت الفقراء) إخراج وبطولة وإنتاج أنور وجدى، وبطولة ليلى مراد، وأيضا فى فيلم (مكانش على البال) من إخراج حسن رمزى وبطولة كمال الشناوى وراقية إبراهيم، ولم يكن الرقص غريبًا على عادل أدهم، هو جزء من هواياته، بالإضافة إلى ممارسة رياضتى السباحة والجمباز، حاول عادل أدهم الانتقال من دور الراقص وسط المجاميع إلى الممثل، واستغل فرصة وجوده فى الاستوديو مع أنور وجدى أشهر نجوم التمثيل والإنتاج وقتها، لكنه تلقى صدمة موجعة حينما قال له أنور وجدى إنه شاب وسيم، ولكن ليس كل وسيم يصلح ممثلاً، وأضاف ساخرًا أنه لا يصلح إلا للتمثيل أمام المرآة، وتلقى عادل أدهم هذا الرأى الصادم بإحباط شديد، لكنه قرر تحدى أنور وجدى ليثبت له خطأ رأيه، لكنه لم ينجح فى الحصول على فرصة حقيقية، وقرر العودة للإسكندرية بعد أن تهاوت أحلامه فى أن يسير على خطى ريتشارد ويدمارك وجون وين ولى مارفن نجومه المفضلين الذين كان يحرص منذ صباه على متابعة أفلامهم فى دور السينما السكندرية. رجل البورصة والبزنس عاش عادل أدهم شهورًا من الإحباط بعد تحطم حلمه فى التمثيل حتى لفت نظره كتاب مشهور وقتها من تأليف ديل كرنيجى بعنوان (دع القلق وابدأ الحياة) وهو كتاب أثر فيه كثيرًا، وحاول بعد قراءته استعادة ثقته بنفسه، وعمل فى مجال بورصة القطن، وأنشأ شركة خاصة تعمل كوسيط مع الشركات الكبرى فى مجال التصدير والاستيراد، ورغم نجاحه المادى والتجارى فقد ظل حلم الفن أكبر من نجاحه، فى تلك الفترة قابل عديدًا من الشخصيات والنماذج الإنسانية التى اختزنها داخله مراجع فى أداء الشخصيات المتنوعة لاحقا، ورغم محاولة حصاره لاحقا فى دور الشرير فإنه تمرد على هذا، فجسد ابن البلد والمعلم والشخصيات الشعبية فى (الفرن) و(السلخانة) و(برج المدابغ) و(القرش) ودوره الشهير فى (المجهول) للمخرج أشرف فهمى، جسد فيه شخصية رجل أصم وأبكم بعقل طفل. البرنس يرفض عرض «هوليوود» قبل وقوفه أمام بد سبنسر شارك عادل أدهم فى عدد من الأفلام الإيطالية فى فترة ركود السينما المصرية بعد حرب 1967، كما شارك فى عدد من الأفلام التركية منها فيلم (مهمة فى الشرق الأوسط)، وشارك فى بطولة عدد من الأفلام اللبنانية، ويُحكى أنه حصل على لقب البرنس بعد تجسيده دور الأمير يوسف كمال فى مسرحية (وداد الغازية) أمام هدى سلطان عام 1966، وذات يوم حضر العرض المخرج العالمى إيليا كازان بصحبة المنتج تاكفور أنطونيان، وأعجب تمثيل عادل أدهم المخرج الهوليوودى الكبير ورأى فيه نموذجا يمكن أن يضمه لقائمة نجوم هوليوود، وطلب من أنطونيان حضور عادل أدهم إليه فى الفندق الذى يقيم به بمصر، لكن النجم المصرى الشاب قال بكبرياء لأنطونيان «إذا كان كازان يرغب فى مقابلتى عليه الحضور إلى هنا فى المسرح حيث أقدم فنى»، ولم يتم هذا اللقاء أبدًا. من الأفلام الإيطالية التى شارك فيها عادل أدهم فى فترة الستينيات فيلم (كيف سرقنا القنبلة الذرية؟) إنتاج 1967 وهو فيلم كوميدى تم تصويره بمصر من إخراج لوشيوفولكى وجسد فيه عادل أدهم شخصية جاسوس يدعى (جيمس بومب)، وشارك فى بطولة الفيلم عدد من نجوم السينما الإيطالية ومن نجوم مصر: يوسف وهبى وعبد المنعم إبراهيم، كما شارك أدهم فى بطولة فيلم (الكثير يمكن أن تفعله مع 7 نساء) إنتاج 1972 الذى كان من أبطاله النجم الراحل أحمد رمزى. بد سبنسر يطارده فى القاهرة فى نهاية السبعينيات من القرن الماضى كانت مصر حديث العالم، كانت زيارة الرئيس الراحل أنور السادات لإسرائيل وتوقيعه معاهدة سلام معها صدمة مدهشة لعالم اعتاد ارتباط اسم مصر بأخبار الحرب والقتال مع إسرائيل، قبلها بسنوات قام الجيش المصرى بحرب مفاجئة ضد إسرائيل وظن العالم أن السلام بين مصر وإسرائيل مستحيل. فى إيطاليا كان قرار شركة إنتاج سلسلة أفلام الأكشن والمغامرات للمحقق ريزو المعروف بلقب فلات فوت أن تكون مغامرة المحقق الإيطالى التالية فى مصر بلد السادات بطل السلام، وانتقل فريق التصوير والممثلون وعلى رأسهم المخرج الإيطالى ستيفانو مانزينا الشهير باسم ستينو، ونجم الأكشن الممثل الإيطالى الشهير بد سبنسر إلى القاهرة، ومن شوارع وأسواق القاهرة الشعبية إلى فنادقها السياحية ومساجدها الأثرية بدأت مغامرات المحقق الذى يبحث سر قتل شاب مصرى يدعى عمر فى نابولى على يد عصابة دولية، وهى عصابة تسعى لسرقة اختراع عالم يتعلق باكتشاف النفط، ويذهب العالم الإيطالى مع رجل نفط أمريكى وابنته لمصر لاستكمال الأبحاث على أنواع من الحشرات توجد فى أماكن آبار النفط، واستغلت كاميرا الفيلم الكثير من الأماكن المصرية فى مشاهد مغامرات ريزو ومطاردته للعصابة، وانتقلت الكاميرا من شوارع القاهرة إلى أهرامات الجيزة والصحراء ومدينة أسوان، وظهر فى الفيلم النجم عادل أدهم الذى جسد شخصية رجل أعمال مصرى من أصول تركية، وهو الزعيم الحقيقى للعصابة الدولية التى تسعى للحصول على اختراع العالم الإيطالى، وقد أضاف لمساته الشخصية فى الأداء، وشارك الممثل الشاب وقتها محمود قابيل بدور صغير لضابط فى القوات المسلحة على علاقة عاطفية بابنة المليونير الأمريكى وهو يسهم لاحقا فى القبض على أفراد العصابة.