حسنًا فعل صناع الفيلم التسجيلى «أم غايب» عندما رفضوا إجراء لقاءات تليفزيونية مع ممثلى الإعلام المصرى فى الدورة الأخيرة من مهرجان أبو ظبى السينمائى الدولى، رفضوا رغم أنهم حصلوا على جائزة الاتحاد الدولى للنقاد كأفضل فيلم تسجيلى عربى، الفيلم مدته 95 دقيقة ويحمل توقيع المخرجة نادين صليب التى فازت بالجائزة بإجماع اللجنة، كما كشف الناقد الكبير طارق الشناوى فى مقال نشرته «التحرير» عن الفيلم. والمعتاد أن ينطلق أصحاب الفيلم الفائز بجائزة نحو اللقاءات التليفزيونية، خصوصًا مع الإعلام الممثل لأهل البلد القادمين منها، لكن صناع «أم غايب» ذهبوا فى الاتجاه المعاكس، ولسبب يستحق التوقف والانتباه امتنعوا عن التسجيل مع القنوات المصرية هناك، لأنها تجاهلت عرض الفيلم ضمن فاعليات المهرجان باعتباره فيلما تسجيليا، أى ليس به نجوم بالمعنى المتعارف عليه للنجومية فى قاموس الصحف وبرامج الترفيه المصرية، فنجم يعنى صاحب أفلام تجارية، ولو أن ممثلا ظهر فى عدة مشاهد بفيلم من إنتاج محمد أو أحمد السبكى يصبح نجمًا يمكن أن تُسجل معه القنوات فى أى وقت وبدون مناسبة، لكن فيلما تسجيليا مصريا، أو حتى الروائى القصير، بدون نجوم، موضوعه جاد، هناك لسان حال الإعلام يكون «طب واحنا مالنا»، فهى أفلام نكد، على حد قولهم، والجمهور لا يريد تفاصيل عنها، كأن كل الجمهور قد وقّع لهم بيانًا على بياض بما يريد أن يتابع وما يلفظ من تقارير ولقاءات، ولو افترضنا حتى إن 10% فقط من الجمهور هى التى تتابع هذا النوع من المواد الفنية، فلماذا لا نعطيهم 10% من مدة البرنامج، هذا النموذج يجب أن يتغير من أجل دعم كل مجالات الفنون فى مصر، لا السينما التجارية فقط ومعها طبعًا لمدة شهر فى السنة مسلسلات رمضان، ثم نبكى بعد ذلك ونقول لماذا ينتشر التطرف بينما نمنع تلك الأفلام وأفكارها من الوصول إلى الناس؟! لا فرق إذن بين إعلام لا يتذكر الأفلام التسجيلية إلا بعد فوزها بجائزة تحمل اسم مصر وإعلام لا يتذكر الجنود الغلابة هنا إلا بعد استشهادهم من أجل مصر.