بيان غامض يلمح ولا يصرح، قرأه وزير الإعلام، أسامة هيكل، بعد اجتماع المشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس العسكرى، مع عصام شرف، رئيس الوزراء، واللجنة الوزارية المنعقدة منذ مساء السبت الماضى، لمتابعة تداعيات قتل 5 من أفراد القوة المصرية فى شمال سيناء بقصف إسرائيلى. البيان أكد باسم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أن «أمن سيناء شأن مصرى خالص، لا تقبل مصر فيه أى تدخل بالفعل أو بالتصريح أو بالرأى من أى طرف خارجى». الطرف الخارجى هنا المقصود به ليس إسرائيل كما فهم من الوهلة الأولى، بل المقصود وبشكل مباشر، ووفقا للمصادر، هو الرد على بيان اللجنة الرباعية الذى صدر السبت الماضى، وانطوى على وقاحة واستخفاف أضاف إلى فشل اللجنة فشلا جديدا. وكانت اللجنة الرباعية قد أصدرت السبت الماضى بيانا أدانت فيه بقوة العمليات الإرهابية ضد الأهداف الإسرائيلية، ووصفتها بأنها عمل جبان، والتى أدت إلى رد انتقامى على غزة، كما وصفته، وعبرت عن القلق تجاه الموقف المتأزم فى غزة، وخطورة التصعيد، وطالبت الأطراف بضبط النفس، لكن الرباعية شطحت فى تحذيراتها وتخيلت أن سيناء جزء من فلسطين التى احتلتها إسرائيل، وأن مصر ربما تشرف على سيناء وتديرها لحساب إسرائيل، فامتد بيان الرباعية، ليعبر عن القلق أيضا من الأوضاع المتدنية فى سيناء، ويدعو مصر أو يشجعها إلى الوصول لحل دائم لتأمين سيناء. الرباعية لم يفتها أيضا بث التعازى العميقة لأهالى ضحايا الهجوم الإرهابى على الحافلات الإسرائيلية، لكنها لم تشر إلى الشهداء المصريين ضحايا الهجوم الإسرائيلى على الحدود المصرية. واللجنة الرباعية الدولية أو رباعية مدريد، هى لجنة دولية تختص بعملية السلام فى الصراع العربى الإسرائيلى، ويشير اسمها إلى الرباعى «الولاياتالمتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبى، والأمم المتحدة». أنشئت فى مدريد عام 2002 من قبل رئيس الوزراء الإسبانى، خوسيه ماريا، نتيجة لتصاعد الصراع فى الشرق الأوسط. يمثل الرباعية كل من كاثرين آشتون الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبى، وهيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية، وسيرجى لافروف وزير الخارجية الروسى، والأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون. وعقدت أول اجتماعاتها فى مايو 2002، والعام الحالى عقدت اجتماعين فى مايو وفى يوليو الماضيين، للوصول صياغة لاستئناف المفاوضات، وانتهت دون نتيجة، أى فشلت حتى الآن فى الأهداف التى تكونت من أجلها. وفى أبريل 2004 تم تعيين جيمس وولفنسون، رئيس البنك الدولى السابق كمبعوث للجنة للانسحاب الإسرائيلى من غزة، لكنه استقال فى العام التالى، نتيجة لصعوبة التعامل مع حركة حماس، ولحجب الأموال عن السلطة الفلسطينية الذى قد يسبب انهيارها. وفى نفس اليوم الذى استقال فيه تونى بلير من رئاسة الوزراء وعضوية البرلمان فى المملكة المتحدة فى 27 يونيو 2007، أعلن بلير موافقته على تمثيل موفد اللجنة الرباعية إلى الشرق الأوسط، وتولى المنصب منذئذ بعد اعتراضات من روسيا. وعلى مدى أربع سنوات أظهر تونى بلير تحيزا وعنصرية ضد الفلسطينيين، جعلت من الرباعية منكبا آخر لإهدار حقوق الفلسطينيين، فدعا إلى دخول قادة حماس وحزب الله فى محادثات السلام، لكن بشرط أن يقدما التزامات وتعهدات تجاه عملية السلام التى ستتحقق على طريقة استقلال أيرلندا عن بريطانيا. وبينما نفت مصادر رسمية استقبال أى مبعوث إسرائيلى للتهدئة، قالت مصادر خاصة إن القيادة العامة تعى محاولات تسويق الاضطراب الأمنى فى سيناء، وترويج فشل الجيش فى حفظ الأمن القومى وحفظ الحدود، وقالت المصادر إن تصريحات اللجنة الرباعية المندسة وسط حديث عن المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية لا تغفل عن الحسابات المصرية الواعية لمخطط تدويل سيناء عبر الزج بمنظمات وكيانات دولية للحديث فى ما لا يقع تحت اختصاصاتها. وقال المصدر نحن نراقب التصعيد الإعلامى والسياسى بعد ثورة 25 يناير، التى صورت مع الاضطرابات الداخلية بأنها فرصة ذهبية لإسقاط الدولة، واقتطاع سيادتها على أراضيها. وقال المصدر إن الجانب المصرى اتخذ إجراءات تأمينية للحدود الشرقية والغربية، تحسبا لتداعى الأحداث عبر الحدود على الأمن المصرى. وألمح إلى تزامن تصريحات الرباعية مع تواصل العمليات العسكرية ضد الجماعات التكفيرية التى أثارت الاضطرابات الأمنية فى سيناء الفترة الماضية. وحتى مثول الجريدة للطبع تواصلت اجتماعات لجنة سيناء الثانية مع شيوخ وممثلى قبائل جنوبسيناء فى الطور، التى تضم أعضاء من المجلس العسكرى والمخابرات ومجلس الوزراء ومحافظ جنوبسيناء. على نفس الصعيد، أكد قائد قوات حرس الحدود، اللواء أركان حرب أحمد يوسف، أن قواته اتخذت إجراءات إضافية لضبط الحدود الشرقية، وكشف عن دخول قوات جديدة إلى العريش وباقى مدن شمال سيناء. من جهة أخرى، كشف اللواء أ. ح محمد فريد حجازى، قائد الجيش الثانى، أنه تم ضبط أكثر من 90% من العناصر الإجرامية التى شاركت فى تنفيذ الاعتداء على قسم العريش وعناصر القوات المسلحة.