فى الحرب العالمية الثانية، حقق النازيون وحلفاؤهم من دول المحور انتصارات هائلة، جعلت إنجلترا عاجزة عن مواجهتهم، وبدا كأن الحرب ستحسم حتمًا لصالح دول المحور، خصوصًا بعد إصرار أمريكا على عدم إرسال جنودها إلى ساحة الحرب فى أوروبا، والاكتفاء بتزويد دول المواجهة بالسلاح.. الروس أيضًا كانت تربطهم معاهدة عدم اعتداء مع ألمانيا النازية، مما جعلهم بعيدين عن القتال المباشر.. ثم وقع النازيون واليابانيون فى خطأ رهيب.. ففى الثانى والعشرين من يونيو 1941م، خرق النازيون معاهدتهم مع روسيا، وشنوا عليها هجومًا بأربعة ونصف مليون جندى، واكتسحت القوات الروسية، تحت اسم (العملية بارباروسا)، فدخلت روسيا الحرب مرغمة، ضد النظام النازى.. وفى السابع من ديسمبر، من العام نفسه، وبلا مقدّمات، هاجم اليابانيون الأسطول الأمريكى، القابع فى هدوء، فى ميناء بيرل هاربور، فى المحيط الهادئ، فى عملية أطلقت عليها الإمبراطورية اليابانية اسم (زد)، وأسفرت عن خسائر فادحة، فى المعدات والأفراد، كمقتل 2402 شخص، وتدمير وإغراق معظم البوارج والمدمرات، وتدمير 188 طائرة، ومقر قيادة البحرية، ومبنى الاستخبارات.. ودفع هذا أمريكا لدخول الحرب، ضد ألمانيا واليابان وحلفائهما.. ولأن العبرة بالخواتيم، فانتصارات ألمانيا واليابان فى 1941م، كانت القشة التى قصمت ظهريهما، فى 1944-45 م.. وهكذا الحروب.. قتال وسجال، يربح فيه أحد الطرفين جولة، ويخسر أخرى، حتى الجولة الأخيرة، التى تحسم الحرب. أقارن هنا بين ما حدث فى روسياوأمريكا، فى بداية الحرب العالمية الثانية، وفرحة النازيين واليابانيين آنذاك، وفرحة وشماتة المتطرفين، فى استشهاد جند مصر، على جبهة القتال.. وأقارن بين انكسار وإذلال الإمبراطورية اليابانية، بعدها بخمس سنوات، ومذلة النازيين، بعدها بأربعة أعوام، وبين ما ستنتهى إليه الحرب على الإرهاب.. فمن المأساوى أن يُقتل جنود الوطن غدرًا، وهم عيون باتت تحرس فى سبيل الله.. ومن المأساوى أكثر أن يشمت مصريون فى مقتلهم، ويتباهون بكراهية أوطانهم.. ومن المأساوى أكثر وأكثر، أن يتصوّر بعض الحمقى الإرهابيين أن الإرهاب يمكن أن يهزم دولا، حين تتحالف ضده كل الدول! هذا لم يتحقق عبر التاريخ، ولن يتحقق حتى نهاية العالم.. ومن الواضح أنهم لم يتعلموا درس الحادى عشر من سبتمبر. لقد كانت «القاعدة» تحكم أفغانستان، وتفرض تطرّفها ووحشيتها وعنفها.. ثم أخذتها نشوة القوة، فدبرت واقعة تفجير مركز التجارة العالمى.. فما الذى أسفر عنه هذا؟! تحوّلها من نظام حكم رسمى، إلى مطاريد تورا بورا، ومشردى إرهاب العالم.. الإرهاب لا ولم ولن ينتصر يومًا، لأنه لا يحارب دولا وأنظمة وجيوشًا فحسب، ولكن لأنه يحارب الحضارة الإنسانية كلها.. الإرهاب سيفنى، والحضارة ستبقى.. هذه سنة الكون.. عندما كان المسلمون حضارة سادوا، وعندما غلب الشيطان عقول البعض منهم بادوا أو كادوا.. صدقونى، مقتل شهداء الواجب فى سيناء، ودماؤهم الطاهرة، التى سالت على رمالها هى القشة.. وغدًا ترون، بإذن الله المنتقم الجبار.