عقب مظاهرات المصريين الحاشدة ضد الغزو الأمريكى للعراق، ليومين متتالين، كتبت زميلة لبنانية فى جريدة «السفير»، عن تجربتها فى تغطيتها منذ وصولها المطار. كيف بدا العمال مكتئبين.. تأثرًا بالغزو، وغياب ما وصفته ب«الغزل المصرى المُحبب»، وصولًا إلى احتكاكها بضابط شرطة، ادّعى رغبته فى حمايتها، لتكتشف أنه يتحرَّش بها. احتجَّت سفارتنا فى بيروت، وردَّت بما خلاصته: «ضباطنا متربيين، وما يعملوش كده». بعد جرائم التحرُّش فى ميدان التحرير، يوم تنصيب الرئيس، انتفض جهاز الشرطة، ليس تطبيقًا لواجبه، لكن «تستيفًا».. لتنفيذ تعليمات صاحب المنصب الأعلى، وأسس إدارة للعنف ضد المرأة، بكل مديرية، وأعلن تكثيف وجوده لمواجهة ظاهرة التحرش. ضمن هذا التكثيف ما تعرضت له الزميلة سارة محمد علِى، فى كمين بجاردن سيتى. تحكى تجربتها ليلة الأضحى، على صفحتها بموقع «فيسبوك»: «الظابط: والقطة معاها رخصة.. ولا لسه ماطلعتش بطاقة؟ أنا: عملت نفسى ماسمعتش، وشدّيت شنطتى علشان أطلَّع الرخصة. الظابط: ألّا هو إيه النظام؟.. لوحدك كده ليلة العيد! هو الإكس خلع؟ أنا: طلعت رخصة السواقة وكارنيه النقابة. الظابط: ده تهديد ولّا إيه؟.. طب أنا حقّى أفتش العربية. أنا: بغض النظر إنه مش حقّك، اتفضل. الظابط: فتّش لى يا ابنى العربية.. افتحى الشنطة وطلّع لى رخصة العربية. أنا: نسيتها، اعمل المخالفة اللى إنت عاوزها.. ده حقّك. الظابط: طب ماتكلمى الإكس يجيبها. أنا: الإكس؟ الظابط: الجو يعنى. أنا: آآآآه.. الجو، من عيونى.. هكلّمه. طلعت التليفون، وسألته: أقوله مين حضرتك، علشان يكلّمك. الظابط: يكلمنى ليه.. هو يعرفنى؟ يكلّمك إنتى وييجى يجيبهالك. أنا: غالبًا هيطلع يعرفك، أصله عقيد أمن وطنى، جنبنا فى لاظوغلى، دقايق ويكون عندنا، أصله مش الجو.. ده جوزى. الظابط: اقفل يا ابنى الشنطة، اتفضلى يا هانم وسلامنا للباشا، وتانى مرة ماتنسيش الرخصة». تكمل الزميلة سارة: لا فيه جوز ولا عقيد أمن وطنى. بس فيه عينة من ظباط الداخلية، تخاف ماتختشيش. لمجرد إنه شافنى مش خايفة، رغم إنه عمّال يشتم كل اللى قبلى، ويضرب السواقين ويجرهم على البوكس، وأنا مش هاممنى، فاتلم لما حس إنه رايح فى داهية. ليست حالة فردية، ولا «عينة» كما وصفتها الزميلة، هى أحد إفرازات التركيبة النفسية لقطاع واسع، ممن يُفترض بهم حمايتنا، خصوصًا النساء منا. وليست حادثة تحرُّش حرس السفارة البريطانية بالزميلة آلاء سعد من جريدة «الشروق»، ببعيدة.. مكانيًّا ولا زمانيًّا. وإذا كان هذا هو حال مَن يعمل منهم بحى راقٍ، وعلى بعد أمتار من وزيرهم، فماذا عمن يعملون بعيدًا عن الأعين والأضواء. لو مددت البصر، سترى عشرات لم يجدن أمامهن سوى صفحات التواصل، التى ترصد أجهزتنا الأمنية كل حرف فيها. وعشرات آخريات لم يجدن صفحات تواصل ليشكين عبرها، وتصادف ما تعرضن له مع غضب ضباط على عناصر أمنية أقل رتبة، فعرفنا الاعتداء على الفتاة المريضة عقليًّا فى قسم إمبابة، ومحاولة اغتصاب فتاة على أيدى عنصرين من قسم المنيا. وتحفل التقارير الحقوقية، وتحقيقات بعض القضايا، بحالات تحرش أمنى بناشطات ومواطنات عاديات. السيد الرئيس، تعلم بحكم منصبك السابق أن انتهاكات الشرطة كانت شرارة ثورة 25 يناير، وربما أوصى «جهازكم السابق».. ب«حتمية إعادة هيكلتها». إذا كان الخلاف على توقيت «فرمتتها».. فلا تؤجِّل عمل اليوم إلى الغد.