مَنْ المسئول عن الرقابة على الكتب الخارجية؟، هذا هو السؤال الذى فرض نفسه بقوة على الرأى العام خلال الساعات الماضية، خاصة بعدما فتحت ظهور صورة لأعضاء حركة تمرد فى إحدى الكتب الخارجية، الباب للتفتيش عن الكتب الخارجية ودور وزارة التربية والتعليم فى الرقابة على دور النشر الخارجية، وكيف يحصل صاحب الدور على ترخيص طباعة منهج دراسي يتم تداوله بين الطلاب؟، بالإضافة إلى الرسوم التى تتقاضاها وزارة التعليم على منح الترخيص وما هى الشروط الواجب توافرها فى دور النشر؟ فلم يتوقف الأمر عند تزييف كتاب التاريخ فى الكتب الخارجية، وتضمينه صورًا لم تكن بالكتاب المدرسي، بل تطرق إلى كتاب اللغة الانجليزية، فمن أبرز المواقف التى ذكرت فى كتاب اللغة الانجليزية للصف الثانى الثانوي فى الوحدة 15 صفحة 167 والتى تقول: الإرهابيون يعتقدون بضرورة ترك أو مغادرة البلاد، كما أورد كتاب سنيور لصف الثانى الثانوى الترم الأول الوحدة الثانية صفحة 58 جملة والتي تقول: إن الارهابيين ظهروا على التليفزيون فور القبض عليهم. وفى السياق نفسه، تحدث كتاب سنيور للصف الثالث الثانوي اللغة الإنجليزية بالوحدة رقم 2 صفحتى 56 تقول: أنا شاهت بعض الأخبار الهامة على قناة الجزيرة". من جانبها ، كشفت مصادر مسئولة داخل وزارة التربية والتعليم ل التحرير، أن هناك كارثة كبرى فى المناهج الخارجية والتى يتم تداولها بين الطلاب فى جميع المراحل التعليمية المختلفة، تمثلت فى أنه ما يقرب من 60% من دور النشر الخارجية لم تحصل على ترخيص بتأليف منهج دراسي، مشيرة إلى أن الوزارة تمنح الترخيص لأصحاب الدور الذى يرغب فى تأليف المنهج بعد عرضه على مستشار المادة ومنحه أمر تأليف. وأوضحت المصادر أن الكثير من دور النشر تعمل تحت بير السلم دون وجود رقابة عليها، مضيفة أن الوزارة لا تملك التفتيش على هذه الدور لكونها لم تمتلك حق الضبطية القضائية التى تمنحها الحق فى الكشف عن ومحاسبة أصحاب هذه الدور، وطالبت المصادر بضرورة توفير الضبطية حتى يتم السيطرة على همجية التاليف ووضع مناهج حسب الهوى بين أصحاب الدور الغير حاصلين على ترخيص تاليف المنهج. وألمحت المصادر أن الجزء الأكبر فى الرقابة على هذه الدور يكون من إختصاص شرطة المصنفات الفنية، موضحة أن علي الوزارة والمصنفات الفنية أن تحكم القبضة على هذه الأدوار حتى لا يتم تشويه المناهج الحقيقية للوزارة، لافتة أن دور النشر الخارجية تتطلع على منهج الوزارة الخاص بكل كتاب وتقوم بتاليف منهجها. وقالت المصدر إن الوزارة تمنح صاحب دور النشر بعد مراجعة المنهج الذى يقدمه الناشر من قبل مستشار المادة، لافتة إلى أنه يتم تحصيل 5 آلاف جنيه عن كل نسخة كتاب فى الترم الواحد بمعدل ما يقرب من 10 آلاف جنيه خلال العام الدراسي يمنحها المؤهل للوزارة للحصول على الترخيص. وكشفت المصادر ذاتها عن الصورة التى تم تداولها عليها صورة لأعضاء حركة تمرد وتحدثت عن مساوئ حكم الإخوان كسبب أساسى من أسباب ثورة يناير لإحدى الملازم والكتب الخارجية بمدينة المحلة، ورجح المصدر أنها إحدى صفحات كتاب التاريخ للصف الثالث الثانوي، حيث تحدثت الصفحة التى تم تداولها عن أسباب الثورة وهو ما تحدث عنه كتاب التاريخ الذى تم تاليفه عن طريق مركز المناهج الخاص بالوزارة. وشددت المصادر على أن المرحلة التى تمر بها البلاد من أصعب المراحل، وأن الكثير من نسخ الكتب الخارجية أقحمت السياسة داخل مناهجها وهو ما يؤدى إلى خلق أزمة حقيقة بين مؤيدي ومعارضى النظام الحالى، كما أن المناهج ليست وسيلة لتصفية الحسابات بين الأطراف حتى يتم استغلالها فى ذكر مساوئ أو أفضال أحد السياسيين أو الرؤساء، لافتة أن الوزارة تمنع التحدث فى المدرسة عن السياسة ومن ثم فإن تدريس تلك المناهج سيؤدي إلى كارثة. وطالبت المصادر بضرورة وقف ما يحدث من مهزلة فى المناهج الدراسية، موضحة أن هناك أجيال تربت على تلك المناهج وعقول، وعلى الوزارة ضرورة التدخل بشكل فورى لمنع تداول هذه المناهج فى السوق حرصا على مصلحة الطلاب. من جانبه قال الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم، إنه لا توجد رقابة على دور النشر الخارجية، موضحًا سيتم تقنين الأوضاع بها ووضع رقابة حاسمة. وقال أبو النصر، فى تصريحات خاصة ل "التحرير"، إن كل ما يتعلق بحركة "تمرد" في كتب المدارس ورد ذكرها ضمن عدة حركات شبابية ذكرها كتاب التاريخ للصف الثالث الثانوي ،عندما ذكر الحركات الشبابية التي ساعدت على الحشد الجماهيري في 30 يونيه، نافيًا وجود صور أو أسماء لأعضاء أو مؤسسي الحركة داخل المناهج الدراسية التي تطبعها الوزارة. وأضاف أن ما عرض في برنامج العاشرة مساءًا كان جزء من كتاب خارجي من تلك الكتب التي تطبع في الخفاء، وهي مسئولية شرطة المصنفات وليست مسئولية الوزارة، مؤكدًا أن الكتب الخارجية التي تحصل على تراخيص طباعة من التربية والتعليم تخضع لرقابة الوزارة أما الكتب التي تطبع في الخفاء، فهي لا تخضع للوزارة ومراقبتها مسئولية شرطة المصنفات. فيما قال الدكتور عبد الله سرور استاذ كلية التربية بجامعة الاسكندرية، أن عدم وضع رقابة من قبل وزارة التربية والتعليم على الكتب الخارجية أمر خطير للغاية، مشيرًا إلى أن تضمين إحدى الكتب الخارجية الذى وضع صورًا لشباب حركة تمرد إنما هو قام بعمل تزويير للتاريخ، وهو الأمر الذى يؤثر سلبًا على الطلاب والقارئين؛ لأنه نوع من التضليل للقارىء. وأضاف :"يجب أن يكون للوزارة سلطة فنية وعلمية على الكتب الخارجية التى تتناول موضوعات المناهج والمقررات، ولا يصح أن تكون الوزارة فى غيبة، بحيث أن كل من يؤلف يكتب كلامًا غريبًا أو يضع صورًا غير لائقة. وكشفت نوال شلبى، مدير مركز تطوير المناهج السابق، أن المركز ليس له أى علاقة بما أثير حول إضافة معلومات عن حركة تمرد داخل كتاب تاريخ الصف الثالث الثانوى العام، أو إضافة أي معلومات تخص ثورتى 25 يناير أو 30 يونيه، وأكدت "شلبي" أن مركز تطوير المناهج قام بعملية مراجعة وتنقيح الكتاب فقط، وقام بإزالة الحشو والتكرار من داخل منهج التاريخ للصف الثالث الثانوى العام. وأشارت إلى أن كتاب هذا العام والذى قام المركز بمراجعته انتهى عند حرب اكتوبر 1973، ولم يقم المنهج بإضافة فصل ثامن داخل كتاب هذا العام يتعلق بثورتى 25 يناير و30 يونيه، وإنما كان الكتاب خالى تمامًا من أى معلومات تخص الثورتين أو الحديث عن أى حركات أو أحزاب سياسية، ولفتت إلى أنه تم توقف المركز عند حرب اكتوبر؛ لأن منهج تاريخ 3 ثانوي فى إطار التغيير والتأليف الجديد للعام الدراسي المقبل، وبالتالى ليس هناك أي داعي إضافة معلومات جديدة ليتم بعد ذلك تغيير الكتاب فى العام الجديد؛ لأن كتب المرحلة الثانوية عليها دور تغييرها وتأليفها للعام الدراسى المقبل. وأضاف مدير مركز المناهج السابق، فى تصريحات خاصة ل "التحرير"، أن المركز عقب انتهاءه من عملية مراجعة الكتاب قام بتسليمه إلى وزارة التربية والتعليم، لافتة أن المركز لديه أصول كتاب التاريخ الأصلى الذى راجعه المركز وقام بتنقيحه، ولم يتضمن أى حديث أو معلومات عن الثورتين. وكشفت أن إضافة معلومات جديدة داخل كتاب هذا العام تخص ثورتى 25 يناير و30 يونيه تم من خلال الوزارة ومستشاري المادة بوزارة التربية والتعليم، دون علم مركز المناهج، ولم يتم استرجاع الكتاب بعد إضافة تلك الملعومات لمركز تطوير المناهج لمراجعتها، وتم طباعة الكتاب وإصدار إذن تداوله من مستشار المادة بالوزارة، مشيرة إلى أنها أرسلت عشرات الخطابات لوزير التعليم حول هذا الشأن ولكن لم يرد إطلاقا. وأوضح مدير مركز المناهج السابق، أن وزير التربية والتعليم، منح أحقية صدور إذن التداول للكتب لمستشارين المواد بالوزارة، بدلاً من مركز تطوير المناهج، مشددة على أنه مَن يسأل عن إضافة حركات سياسية أو حزبية بعينها داخل كتاب التاريخ هذا العام أو إضافة معلومات تتعلق بثورتى 25 يناير أو 30 يونيه، مستشاري المادة بالوزارة وليس مركز تطوير المناهج".