تمتلئ صفحات «الفيسبوك» بصور طريفة ونماذج لترجمات غير موفَّقة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية، أو العكس، من عيّنة «المريخ كثيف يهز»، إشارة إلى أحد أنواع الشيكولاتة لمخفوق الحليب، وطبعا من الواضح أنه سوء استخدام لخدمة الترجمة المقدَّمة من «جوجل»، والتى انتشرت انتشارا غير حميد فى استخدامات المصريين لدرجة تعيق الفهم، وهناك نماذج أخرى كوميدية باللغة الإنجليزية كذلك، منها: «شوربة الحمَّام» (بتشديد الميم وفتحها بما يعنى Bathroom Soup)، أو «صحيفة الأهرامات» (Pyramids) إشارة إلى صحيفة «الأهرام» المعروفة، وحدِّث ولا حرج عن تكليفات بعض الطلاب المنقولة «قص ولصق» من الإنترنت أو مترجمة من النصوص الإنجليزية بطريقة «عَم جوجل»، بشكل مُحرج ومُعيق الفهم، فخدمة «جوجل للترجمة» عبارة عن بحث مُمَيْكَن لا يفقه شيئا، ولا يستطيع التوفيق بين بدائل مناسبة للكلمة الواحدة لاختيار أفضلها مثل المترجم البشرى، كما أنه يشير إلى كسل البعض بحيث يستعملونه فى ترجمات طويلة لنصوص، دون حتى تكليف أنفسهم مراجعة النص المترجَم أو إعادة النظر فيه لمراجعة الفقرات غير المناسبة، وصارت ترجمة «جوجل» وأخواتها تتعدَّى كونها مجرد أداة لمساعدة المترجم إلى بديل للمخ البشرى. من جانب آخر، يوضِّح مدى انتشار الترجمة الدقيقة والصحيحة فى مجتمع ما إلى انفتاحه على ثقافات مختلفة، إما نقلا عنهم أو إليهم، كنت قد تساءلتُ فى مقالة الأسبوع الماضى عن سبب عدم نقل العالم عن علومنا اليوم وقلة الإسهام العربى فى الرصيد العالمى من التقدم! ومقال اليوم امتداد لنفس الفكرة، فقلة عدد الكتب والروايات والأفلام المترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى المختلفة، والعكس، سبب آخر لقلة إسهامنا فى التراث العالمى، ناهيك بتدنى أرقام الكتب المترجمة إلى العربية، ومن اللغة العربية إلى لغات الدول الأخرى، هناك على سبيل المثال رحلة بحثى المضنية منذ سنوات عن عدة أفلام مصرية معاصرة مترجمة إلى الإنجليزية ترجمة مفهومة وصحيحة، كهدايا لأصدقائى الأجانب، لدرجة أننى لجأت أحيانا إلى بعض مخرجى الأفلام أنفسهم لسؤالهم، لكن بلا جدوى كذلك. عادةً ما ترصد الحكومات أموالا لتترجم ثقافتها للعالم، ولا تترك هذا المجال محكوما باقتصاديات السوق فحسب، فى نفس الوقت ليس من المستحبّ أن تكون الترجمة مدفوعة بأسباب سياسية أو للدعاية لشخص، فمن غير المفهوم عالميا أن تبادر مطربة مثل بسنت لتغنّى للشعوب الناطقة بالإنجليزية أغنية «الشعب كله» بكلمات غير واضحة، أو أن تبادر سيدة أخرى فاضلة بتوجيه كلمات ساخرة ومهينة بالإنجليزية لرئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، آمرةً إياه أن «يخرس»، لدرجة وصلت أنه تم دعوتها لمنتدى الإعلام العربى لتصبح بوصلاتها الكوميدية واجهة لمصر.. هذه النماذج تبدو فى فجاجتها مثل ترجمة «شوربة الحمَّام» التى أنجزها «العم جوجل»، لأنها تُسهم فى عدم التفاهم واللا تواصل بين الشعوب، ثم نشكو بعدها أن العالم لا يفهمنا ويتحيَّز ضدنا.