قريبا، ستكتب كل صفحات الإنترنت حول العالم بلغة واحدة، ليست العربية أو الإنجليزية أو الفرنسية، لكنها لغة حاسوبية بديلة يمكن ترجمتها فوريا إلى كل اللغات البشرية. لغة عالمية واحدة، أشبه باللغة الأم لكل أجهزة الكمبيوتر حول العالم، هى الهدف الذى يسعى إليه مبرمجون نشطون حول العالم، ومن ضمن الرواد فى هذا المجال، فريق من المبرمجين بمكتبة الإسكندرية برئاسة د. مجدى ناجى، الذى يدير وحدة تكنولوجيا الاتصال بالمكتبة. يشرح د. ناجى فكرة لغة UNL أو «اللغة التواصل العالمية» للترجمة بين لغات العالم أجمع من خلال الكمبيوتر. لغة التواصل هى مجموعة من الأكواد والرموز التى تحلل اللغة إلى كلمات وأفعال وعلاقات. «أكل سمير التفاحة»، كمثال لجملة بسيطة، تتولى برامج الكمبيوتر تحليل كلماتها وترجمة كل كلمة على حدة وماهية كل منها، فالتفاحة نوع من الفاكهة، و«أكل» فعل ماض، وهكذا. ثم يتولى البرنامج تعريف العلاقات بين الكلمات الثلاث، من فاعل وموضوع وشخص يقع عليه الفعل. بعد ذلك يتولى البرنامج ترجمة العبارة من يو إن إل إلى أى لغة فى العالم. قد يبدو أن هذا الأسلوب أصعب كثيرا من الأسلوب التقليدى»، طبقا للدكتور مجدى، فهو يستغرق 4 عمليات للترجمة بين لغتين وليس عمليتين فقط بالأسلوب التقليدى. لكن الأسلوب التقليدى، المستخدم فى برامج ومواقع كثيرة مثل خدمة جوجل للترجمة، يعتمد فى الترجمة بين العربية والإنجليزية مثلا على أداة تترجم من العربية إلى الإنجليزية والعكس. أما أسلوب اللغة العالمية فيعتمد على ترجمة العربية إلى يو إن إل، ثم من يو إن إل للإنجليزية، والعكس. «على الرغم من ذلك فلهذا الأسلوب ميزة كبيرة، فهو يختصر الجهد المطلوب للترجمة بين لغات كثيرة»، فالترجمة مثلا بين الإنجليزية والسواحيلية والصينية والعربية فى وقت واحد بأسلوب يو إن إل أمر شديد السهولة مقارنة بعدد العمليات المعقدة التى تتطلبها الأساليب التقليدية. ولهذا الأسلوب فى الترجمة مزايا أخرى متعددة، مثل ترتيب قواميس متعددة بأسلوب أفقى، «فيتوافر لكل لغة عدد من القواميس المختلفة. فى حالة ترجمة نص طبى، يلجأ البرنامج إلى القاموس الطبى كمرجعية أولية، وفى حالة النص التجارى، يترجم العبارات بهذا المنطق، وهكذا»، على حد وصف د. مجدى. ظهرت فكرة يو إن إل عام 1996 على يد علماء جامعة الأممالمتحدة باليابان، لتنشأ «مؤسسة اللغة العالمية للتواصل» التى تضم أكثر من 200 مبرمج كمبيوتر ومتخصص فى اللغة من أنحاء العالم لإتمام المشروع الطموح. المشروع مفتوح المصدر، أى أن من حق أى شخص فى العالم الاشتراك فى تطويره، إلا أن مكتبة الإسكندرية، باتفاق خاص مع مؤسسة يو إن إل، تقوم بمهمة إعداد القواميس والأكواد اللازمة لاستخدام يو إن إل مع اللغة العربية، إضافة لمجهودات خاصة بتطوير اللغة نفسها. يقول د. ناجى إن الباحثين المشاركين فى المشروع قد حققوا شوطا كبيرا فى تطوير هذه اللغة وبناء أسس للغة العربية، وأنهم بدأوا مشروعا تجريبيا طموحا بترجمة أسماء كل الكتب العربية إلى اللغة العالمية الجديدة، لخلق قاعدة بيانات شاملة ومتاحة للباحثين وأمناء المكتبات عن الإصدارات الفكرية العربية بكل لغات العالم. «كنت أتخيل أن هذه المهمة ستكون شديدة السهولة، لأن عناوين الكتب بطبيعتها سهلة وقصيرة»، لكن توقعات د. مجدى لم تكن فى محلها. الكثير من أسماء الكتب يتكون من أشباه جمل، ويحوى علامات ترقيم معقدة. «الحكومات: الأنظمة والبرلمانات» على سبيل المثال، يحوى تعقيدات كبيرة لبرنامج المترجم الالكترونى، فالعلاقة بين الكلمات ليست مباشرة أو واضحة مما يتسبب فى ارتباك المترجم الإلكترونى أمامها، وعلامة الترقيم «:» فى حد ذاتها تحتاج إلى إعدادات خاصة. على الرغم من ذلك، يؤكد د. مجدى أنه شديد التفاؤل بتحقيق تقدم كبير فى الفترة القصيرة المقبلة لنشر ثقافة يو إن إل، التى ستساهم بشكل غير مسبوق فى نشر ثقافة المعرفة بلغات العالم.