هل ستنضم اليوم -يا صديقى- إلى جماهير شعبنا للتعبير عن إصرارهم على مواصلة الجهاد السلمى لتحقيق أهداف الثورة؟ وهل ستشارك فى مواكبنا الشعبية للتعبير عن الوفاء لأرواح شهدائنا الأبرار؟ وهل ستخرج معنا للمطالبة بالقصاص من قَتَلة الثوار، وممن فقؤوا عيون أبطالنا الأحرار؟ هذا يوم مشهود، يجتمع فيه الناس، ويتداولون فى أحوالنا المتردية، وما وصلنا إليه بعد عام كامل من ثورة شعبية مدهشة لم تتوقف عن تقديم الأرواح والدماء ثمنا للحرية، والكرامة الإنسانية. وإذ يرفض البعض أى احتفال بعيد الثورة، لأنها لم تكتمل بعد، وكذلك يرفض آخرون أن نحتفل فى ذكرى مؤلمة حين فقدنا الأحبة، وأصيب أصدقاؤنا الأعزاء بعاهات أفقدتهم أعمالهم ووظائفهم، وغيّرت من مساراتهم فى هذه الحياة الدنيا، وإن شاء الله ستكون سببا فى تغيير مساراتهم إلى الأفضل كثيرا فى الحياة الآخرة، والآخرة خير وأبقى. وثمة من يريد أن يحوّل عيد الثورة إلى مجرد احتفال للطبل والزمر، بلا مضمون حقيقى، وبلا تعبير عن رفض شعبنا حكم العسكر بعد كل ما ارتكبوه من جرائم وحماقات. إلا أن جماهير شعبنا الواعى، تدرك معنى أن نحتفل بانتصارنا على الخوف والسلبية، نحتفل بخروجنا معا للوقوف فى وجه الطاغية وجيشه المدجج بالسلاح. نحتفل بقدرتنا على الثورة عند اللزوم، ففى أى لحظة يمكن أن نثور على الظلم، كما ثُرنا على فرعون وهامان وجنودهما حتى أسقطناهم جميعا من فوق عروشهم التليدة. وهنا نشير إلى أن 25 يناير 2011، مثل 6 أكتوبر 1973، فالرمز فيهما أكبر مما سواه، والمعنى فيهما أعظم من غيره، ولذلك كتب أستاذنا توفيق الحكيم فى أكتوبر 73، كلمته تحت عنوان «عبرنا الهزيمة»، فقرار الحرب فى ذاته نصر، وعبور قواتنا الباسلة أكبر مانع مائى مجهز بأنابيب ضخمة لضخ النابلم الحارق، ثم اقتحام خط بارليف المنيع، هذا هو حقا النصر المبين بالعبور فوق شعورنا بالهزيمة والانسحاق أمام عدو متقدم عنا، وكذلك حين هزم شعبنا خوفه، وثار بشجاعة مدهشة على جلّاديه، وانتصر عليهم وهو أعزل وهم مدججون بالسلاح، ثم انتصر عليهم مرة أخرى حين أصر على رحيل الديكتاتور وعصابته، وحين أصر على محاكمتهم محاكمة عادلة، وسنُصرّ بإذن الله على محاكمة كل من تلوثت يداه بدماء شعبنا العظيم. يحق لنا أن نحتفل بانتصارنا على الظلم والقهر والطغيان، يحق لنا أن نحتفى بأبطالنا من الجرحى والمصابين، يحق لنا أن نتذكر شهداءنا، ونرعى أهلهم وذويهم، يحق لنا ذلك كله، كما أنه واجب علينا أيضا، فلن نسمح أبدا أن تضيع كل هذه التضحيات هباء، ولن ننسى شهداءنا مهما طال الزمن، لأنهم أصحاب الفضل الأول فى كل ما تحقق فى هذا البلد، وكذلك لهم الفضل فى ما سيتحقق فى الأيام القادمة بإذن الله. أما أبطالنا المصابون، فهم معلّقون فى رقابنا جميعا، ومن ثَم فالاحتفاء بهم قائم، وفى الوقت ذاته، الثورة مستمرة حتى نبنى مصر الحرة الديمقراطية المدنية الحديثة.