«نعمل على تجنب أى تأثير سلبى لسد النهضة على مصالح مصر المائية، فى جميع مراحل بنائه، ونساند فى الوقت نفسه حق إثيوبيا فى القيام بأى مشروعات تنموية»، بتلك الكلمات الحاسمة رسم الرئيس عبد الفتاح السيسى خطا لا تحيد عنه الحكومة المصرية، لا سيما أنه أكد استعداده للذهاب إلى إثيوبيا مرارًا فى سبيل حل مشكلة السد، دون إضرار بمصالح الوطن أو المساس بأمن مصر المائى. المغازى يعرض الرؤية المصرية حول مشروع سد النهضة وبعد تصريحات الرئيس السيسى عن استعداده لزيارة إثيوبيا، انطلق الدكتور حسام المغازى، وزير الموارد المائية والرى، إلى قلب العاصمة السودانية الخرطوم، على رأس وفد مصرى للتفاوض حول أزمة سد النهضة مع وزير الرى السودانى معتز موسى، ونظيره الإثيوبى ألمايو تجنو، لعرض الرؤية المصرية حول مشروع سد النهضة، وإعلان المخاوف المتمثلة فى سعة السد التخزينية، وفترات ملئه وتفريغه، ودرجات الأمان التى يحظى بها، وهى النقطة الأكثر حساسية التى شدّد عليها المغازى فى كلمته الافتتاحية بالاجتماع، باعتبار انهيار السد سيكون ذا تأثير كارثى على مصر والسودان معا. من جانبها، واصلت إثيوبيا رفض إشراك خبراء دوليين فى فحص السد، وتمسكت بتشكيل لجنة من الخبراء المحليين من الدول الثلاث لتقييم المشروع، الأمر الذى تناوله المغازى بالتشديد على ضرورة وجود خبراء دوليين للتأكد من خضوع أى مشروع للمياه على نهر النيل أو روافده لدراسات مستفيضة من جانب المنتفعين والدول المتأثرة، استنادا إلى المعايير الدولية لتحقيق المصلحة المشتركة، وتجنب أى تأثير سلبى على الجميع. السعة التخزينية وفترات الملء وتأثير انهيار «سد النهضة».. أهم المخاطر التى نتوقعها اجتمع وزراء المياه والرى بمصر والسودان وإثيوبيا، أمس الإثنين، وشهدت الجلسة الأولى للمفاوضات كلمات ترحيب من الوزراء الثلاثة، أعقبتها الجلسة الثانية لعرض الرؤية المصرية للنقاط الخلافية حول مشروع سد النهضة، والمتمثلة فى السعة التخزينية للسد، وفترات الملء والتفريغ، ودرجات الأمان، وأبدت مصادر مشاركة فى الاجتماع تخوفها من درجة أمان السد والتى تهدد كلًّا من مصر والسودان فى حالة انهياره، كما حذرت من هشاشة التربة التى يقع عليها المشروع، وطالبت مصر خلال الجلسة الثانية ببعض الدراسات الفنية التى سبق وطالبت بها خلال جولات المفاوضات السابقة، بينما شددت إثيوبيا خلال الجلسة الافتتاحية على تشكيل لجنة من الخبراء المحليين من الدول الثلاث لتقييم السد، بدلا من إشراك خبراء دوليين، وهو الاقتراح الذى كانت تطالب به مصر وترفضه أديس أبابا. وخلال الكلمة الافتتاحية للمفاوضات، قال الدكتور حسام المغازى وزير الموارد المائية والرى: «مصر لم تكن أبدًا، ولن تكون ضد تنمية إخواننا بدول حوض النيل، طالما يهدفون إلى تحقيق التنمية المشتركة والمستدامة من النهر»، وأضاف: «تعلمون جميعًا ظروف مصر الخاصة جدا بشأن الجفاف وندرة مياه الأمطار، والاعتماد الكلى على مياه النيل من قديم الزمن، وبكوننا متخصصين فى المياه قبل أن نكون سياسيين، فإننى أعتقد أن جميعكم كأصدقاء وأشقاء تشاركوننا نفس المخاوف بشأن تأثير عمليات بناء وملء وتشغيل مشروع سد النهضة على دول المصب». وزير الرى أشار إلى أن هناك احتياجا لإعداد بعض الدراسات طبقا للموصَى به فى التقرير النهائى للجنة الدولية للخبراء، للتأكد من خضوع أى مشروع للمياه على نهر النيل أو روافده لدراسات مستفيضة من جانب المنتفعين والدول المتأثرة، استنادًا إلى المعايير الدولية، مع وضع عامل الوقت فى الاعتبار كعامل ضاغط وهام، مؤكدًا أن التعاون والتنسيق هما أفضل الطرق لتحقيق الأهداف الإنمائية فى إقليم حوض النيل، لتحقيق المنافع المشتركة وتجنب الآثار الضارة للجميع. مغازى أشار فى كلمته إلى الاجتماع الذى عقد بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس عمر البشير بالخرطوم، واجتماعه برئيس الوزراء الإثيوبى هيلى مريم ديسالين فى مالابو، وأضاف: «كان اجتماعا مثمرًا، وهو سبب اجتماعنا اليوم». عبد العاطى: نأمل أن يدرك الجانب الإثيوبى مخاوفنا من التأثيرات السلبية المتوقعة للسد وفى تصريحات خاصة ل«التحرير»، قال الدكتور مساعد عبد العاطى الخبير فى القانون الدولى للمياه: «نأمل أن يدرك الجانب الإثيوبى مخاوفنا من التأثيرات السلبية المتوقعة للسد، وأن تدرك إثيوبيا أن مصر هى الدولة الوحيدة دون سائر دول حوض النيل التى تعتمد على مياه النهر»، مشيرًا إلى أن الموقف المصرى يستند إلى قواعد القانون الدولى المنظمة لإقامة المشروعات المائية على الأنهار الدولية، والتى توجب على الدولة صاحبة المشروع عدم الإضرار بدول الحوض الأخرى، وأيضا الالتزام بإجراءات الإخطار المسبق والقيام بدراسات الأثر البيئى وذلك قبل البدء الفعلى للمشروع المائى، وهو الأمر الذى لم تلتزم به إثيوبيا». عبد العاطى أشار إلى أن على إثيوبيا مراعاة المعايير الدولية لإقامة السدود، وأهمها معايير السلامة والبناء، مؤكدًا أن مصر لا تعارض بناء سد النهضة فى حد ذاته بقدر ما ترفض الإضرار بحقوقها القانونية، وأنها تريد فقط تطبيق هذه القواعد على مشروع السد، ومن ثم يجب على المفاوض المصرى أن لا ينساق وراء المزاعم الإثيوبية وعدم تمديد إجراءات عمل اللجنة بما يمكن إثيوبيا من إتمام بناء السد ووضع مصر أمام الأمر الواقع، ويجب أن يكون المفاوض المصرى جاهزًا ومستعدًّا لكل الأسانيد المبطلة للمزاعم الإثيوبية، والمتضمنة أن مصر لا تتعسف مع الجانب الإثيوبى، بل على العكس. خبير القانون الدولى للمياه قال: «التعسف الإثيوبى بدأ منذ كانت أديس أبابا تتفاوض على سعة تخزينية تبلغ 14 مليار متر مكعب قبل ثورة يناير 2011، ثم استغلت الوضع والاضطراب الداخلى فى مصر فى أثناء الثورة لترفع السعة التخزينية إلى 74 مليار متر مكعب، فى سلوك يمثل غلوًّا وتعسفًا، كما خالفت إجراءات الإخطار المسبق ولم تقدم كل الدراسات المتعلقة بالسد إلى مصر، ولم تقم بدراسات الأثر البيئى للمشروعات المراد بناؤها كما ينص القانون الدولى».. لافتا إلى أن هناك نقاطا مشتركة للوصول إلى حل للأزمة، أهمها تقليل السعة التخزينية للسد بما يحقق مصلحة إثيوبيا فى التنمية، وبما لا يلحق الضرر بالحقوق المائية لمصر، فضلا عن إطالة فترة ملء الخزان إلى أطول مدة ممكنة.