أماكن مستحدثة تم تخصيصها للباعة الجائلين بجراج الترجمان بالقرب من ميدان الإسعاف وتسكينهم فيها، بعدما أطلقت محافظة القاهرة، اليوم الأحد، إشارة البدء في نقلهم من وسط القاهرة ومنطقة قصر العينى ومجمع التحرير والشوارع الرئيسية التى ينتشرون بها الى مول الترجمان، وذلك بصفة مؤقتة، لحين الإنتهاء من إنشاء مجمع أسواق أرض وابور الثلج. الباعة الجائلون ظاهرة ليست بجديدة على المجتمع المصري ومجتمعات العالم الثالث، ولكنها ولأول مرة يتم تقنينها فعليا، فالباعة الجائلون الذين يشغلون الميادين العامة ومواقف النقل العام والخاص ومحطات المترو يحملون بضائعهم على أكتافهم تحت أشعة الشمس من أجل العودة لأولادهم ببعض النقود، هؤلاء الباعة فشلت الحكومات المتعاقبة على مدى السنوات الماضية في التعامل معها، رغم وجود قانون ينظم أحوالهم وهو قانون رقم 305 لسنة 2012. وعقب ثورة يناير، طرأ تغيير على هذه الفئة، فكانت أحد أهم ظواهر الإنفلات الأمني، وجاء الإنتشار والإزدهار كنتيجة طبيعية لاستمرار مشكلة البطالة وتفاقمها، خاصة بعدما تعسرت الحالة الإقتصادية فى مصر خلال الفترة التي أعقبت الثورة، حتى بات هؤلاء فى كل مكان يبتاعون بضاعة من مختلف الأصناف والألوان، والهدف هو البحث عن وسيلة رزق، خاصة أن عدداً كبيراً منهم يحمل مؤهلات عليا ومتوسطة، وتقطعت بهم أسباب البحث عن فرصة عمل. ووصلت تجارة الباعة الجائلون إلى أرقام كبيرة، إذ يقبل معظم المصريون من محدودي الدخل علي شراء بضاعتهم، لأنها تتناسب مع دخولهم وقدراته المالية، الأمر الذى يؤدى إلى ضرورة التعامل مع هذه القضية بحذر لأنها جزء لا يتجزأ من القطاع غير الرسمى للاقتصاد المصري، الذي يعتبر مصدراً للعمالة ويفتح بيوت كثيرة من الأسر المصرية. واليوم، وفى إطار جهود أجهزة الدولة لإعادة المظهر الحضارى لشوارع العاصمة، بعد ترهل دام لفترة تم تنظيم حملة موسعة لنقل الباعة الجائلين لأسواق جديدة وعصرية تضمن لهم الاستقرار والبعد عن ملاحقات رجال شرطة المرافق والبلدية لمخالفتهم القوانين الخاصة باشغال الطريق، إذ يبلغ عدد الباعة الجائلين بمنطقة وسط البلد فقط 2200 بائع في مناطق رمسيس والإسعاف و26 يوليو والأزبكية وقصر النيل، وفقا للحصر الذي أجرته النقابة المستقلة للباعة الجائلين بمشاركة مهندسين من الحي وشرطة المرافق ومحافظة القاهرة، ومن المقرر نقلهم لجراج مول الترجمان. وتعد متابعة وإدارة قضية الباعة الجائلين ملفاً شائكاً، تتكاتف جهود مختلف أجهزة الدولة حالياً، من أجل إيجاد منظومة شرعية يعمل من خلالها ما لا يقل عن 5.4 مليون بائع جائل وأسرهم على مستوى محافظات الجمهورية، منظومة تقنن أوضاعهم وتمنحهم الثقة في وجود رغبة لدى المسئولين لحل أزمتهم بمنحهم سجلاً تجارياً وبطاقة ضريبية تلحقهم بمسار التجار، بدلا من وضع حلول وقتية تقف عند نقلهم لمكان آخر بهدف حل مشكلة الطريق. وأضحى تنظيم اقتصاد هؤلاء الباعة الجائلين أمراً حتمياً، للاستفادة من جهودهم في تعظيم حجم التجارة الداخلية ومنحهم التراخيص اللازمة، ووضعهم تحت رقابة تضمن حماية المستهلك من شراء بضاعة فاسدة أو معيوبة أو غير مطابقة للمواصفات، وهذا التنظيم سيعود بالفائدة على الإقتصاد المصري بارتفاع أسهمه، وعلى الباعة الجائلين بتوفير فرصة عمل لهم تمكنهم من العيش حياة كريمة، خاصة أنهم من الفئات المهمشة في المجتمع والتي تعيش على خط الفقر.