أعترف وأنا خجلانة ووشّى فى الأرض أن لغتى العربية الفصحى بعافية حبتين، مع إنى متربية ف بيت ماكناش بنتكلم فيه غير عربى، ورغم إنى كنت ف مدرسة أجنبية وأهلى بيتكلموا إنجليزى وفرنساوى، لكن زينا زى كل المصريين فى البيوت بنتكلم عامية، وبالتالى لم نتعرف على قواعد العربية الفصحى إلا فى المدرسة. والمدرسة على أيامى كانت مصدر تنفير لا جذب لأى مادة أيا كانت. فتذكرت وأنا أرى الأطفال يتعلمون الأبجدية العربية فى المدارس الخاصة الجديدة أننا فى المدرسة كنا نتعلمها بالعامية «ألف به ته ثه جيم حه....»، بينما يتعلمها الجيل الجديد كما يجب أن تكون «ألف باء تاء ثاء جيم حاء....». إذن المدارس عدّاها العيب. تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد ما ضيعوا جيل كامل اللى هو جيلى، لكن للأسف اللى بتحاول المدارس تعويضه قرر الأهالى التفريط فيه. عندنا أطفال طبقة اجتماعية كاملة يكادون يكونون لا يعرفون اللغة العربية لا الفصحى منها ولا حتى العامية. جيل لا يجيد لغته الأم، يستعملها بس فى المناسبات. لتصبح لغته الأم هى لغة مدرسته الخاصة لا لغة بلده. أبناء المدارس الأمريكية يتحدثون أمريكانى، وأبناء المدارس البريطانية يتحدثون إنجليزى، والألمانى ألمانى، والفرنساوى فرنساوى... وما خفى كان أعظم إذا قررت دول أخرى الاستثمار فى التعليم فى مصر. أصبحت اللغة العربية «عيب» أو «بلدى»، اللى عايز يبقى «ستايل» يتكلم أى لغة تانية.. إلا العربى. مع إن أصحاب كل اللغات اللى بنخلى ولادنا يتكلموها دى لو سألت واحدا منهم سؤالا بلغة غير لغة بلده مش هيرد عليك أصلا. فى شوارع باريس لو سألت فرنسى عن أى معلومة بالإنجليزى هيرد عليك بالفرنساوى -ده لو رد أصلا- مع إنه فاهمك وبيعرف إنجليزى. بقالى سنين أؤنب نفسى بسبب فشلى فى إعراب الأفعال، وهذا أحد أسباب إنى بكتب بالعامية علشان أعفى نفسى وأعفيكم من أخطائى. ولكننى فى الحقيقة أحب لغتى العربية للغاية، إنها جزء من هويتى، حتى لو كنت أجيد لغات أخرى. وفى الحقيقة تعلم لغات أخرى وإجادتها ده فرض تعليمى زيه زى تعليم الحساب كده، لكن للأسف موضوع اللغات الأجنبية تحول من مجرد أداة معرفية نكتسبها لتحسين مهاراتنا وثقافتنا إلى هوية أجنبية نستبدل بها هويتنا المصرية العربية. للأسف كثير من العائلات مصممة تمحى هوية أبنائها. مصممة تخليهم خواجات فى بلدهم، لا يتحدثون لغتها.. فعليا مش عارفة ألوم على مين. على الأهالى ولا على المدارس ولا على سوق العمل اللى بيفضل الخواجة أو المصرى «المتخوجن» على المصرى وبس.. الخلاصة: نعلم ولادنا لغات.. واجب علينا.. ننسّى ولادنا لغتهم.. عيب علينا.