بدو سيناء.. ملف ملتهب حاول النظام السابق أن يبقيه كما هو حتى يفجره وقتما يشاء، وعندما تولى المجلس العسكري مقاليد إدارة البلاد أبقى هو الآخر الملف ملتهبا وزاده التهابا عندما حاول إقصاء البدو من دورهم البرلماني والسياسي وتحالف مع التيار الإسلامي لإختيار مرشحين ليسوا من أبناء القبائل ليبقي الملف على حافة الإنفجار في منطقة يحمل أغلب سكانها السلاح. نقص حاد في فرص العمل، وتدني وإنعدام عام في الخدمات الصحية والتعليمية، وعدم تمليك الأراضي، وأحكام غيابية ملفقة على المئات من البدو، واستمرار عمليات الدهم العشوائي والقبض عليهم للاشتباه، وقلة مياه الشرب الصالحة كلها مشكلات يعاني منها بدو الجنوب والشمال على حد سواء منذ سنوات طويلة يشعر فيها البدو حتى الآن أنهم لا زالوا مهمشون داخل الدولة المصرية، مما جعل أسئلة كثيرة حول الهوية تدور بين عدد كبير من الأجيال صغيرة السن هل تعملنا الحكومة على أننا مصريين، ولماذا تتعامل معنا بكل هذه العنصرية. سقف المطالب البدوية الآن بدا يتجاوز مطالب إصلاح أحوالهم المعيشية فقط، ووصل إلى مطالب جادة بأن تكون لهم مشاركة فعالة ومؤكدة في أعداد الدستور الجديد. وادي فيران منطقة تتضم 52 تجمعا سكنيا للبدو من مختلف القبائل، يعتصم بها المئات منذ أكثر من 45 يوما بسبب تردي الأوضاع المعيشية للبدو بالمنطقة التي تتبع القطاع الجنوبي من شبه جزيرة سيناء الأكثر غنى، وعلى الرغم من ذلك يرفض أي مسؤول الذهاب إليهم أو الاستماع إلى مطالبهم. وادي فيران التي تتحكم في طريق رئيسية تعتبر العمود الفقري لجنوب سيناء قد تتحول إلى بوزيدي سيناء التي ستنطلق منها ثورة البدو على أوضاعهم المهمشة؛ بسبب عدم تدخل الأجهزة المصرية لحل مشكلاتهم. قال الشيخ أحمد الهريش -شيخ الثوار بالمنطقة وأبن قبيلة الجرارشة- «إذا كانت مصر عانت 30 عاما تحت حكم مبارك فأن البدو عانوا 42 عاما بينها 12 عاما تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي». ويضيف أن البدو هم أصحاب الأرض بسيناء وعلى الرغم من ذلك ليسوا أصحاب قرار ولم تعترف بهم الدولة كمواطنين مصريين حتى الآن، وإن ذلك زاد من شعورهم بالتهميش في منطقة تمس الأمن القومي المصري كله. ويوضح أن بدو وادي فيران الذين يعيشون على امتداد أكثر من 120 كيلومتر يعانون من البطالة بنسبة تصل إلى 99 في المائة؛ نتيجة عدم توافر فرص عمل لهم سواء في السياحة أو شركات البترول المنتشرة بجنوب سيناء. ويضيف «لدينا مشكلات تتعلق بعدم اتخاذ أي قرار جاد حتى الآن بشأن الأحكام الغيابية ضد المئات من أبناء البدو على الرغم معرفة من يحاكمون الآن أن هذه القضايا كانت ملفقة في النظام القديم». هذا ويعاني البدو أيضا بشكل عام بسيناء من عدم تمليك الأراضي والمنازل حيث لا يوجد بدوي واحد يمتلك منزله، أبضا يعانون من عدم وصول مياه الشرب الصالحة فالمياه تصل إليهم يوميا 7 ساعات فقط وتصل نسبة الأملاح بها إلى 30 في المائة فيما تصل نسبة الحديد إلى 35 في المائة. على مقربة من شرم الشيخ وداخل تجمعات الرويسات، يعيش الآلاف من البدو أيضا في ظروف معيشية صعبة، فهم لا يحققون أي استفادة من الوضع السياحي داخل المدينة ويعاني 90 في المائة من البطالة حسبما يقول الشيخ سليم سويلم أحمد من قبيلة العليقات. ويضيف «الهريش» أن البدوي لا يتمتع بأي حقوق المواطنة فلا يوجد له مسكن أو منزل ومعظمهم يعيشون في الجبال. ويقول أن التجاوزات التي حدثت في الانتخابات من جانب التيارات الإسلامية كانت مقصودة بالإتفاق مع من يحكمون مصر بغرض إقصاء البدو عن دورهم السياسي وهذا فهم خاطئ قد يزيد التوتر بسيناء، موضحا أن البعض يحاول استغلال بعض الحوادث الفردية داخل سيناء للإساءة للبدو من وقت لآخر لأسباب لا نعرفها وما هو الغرض منها. ويقول مسعد أبو فجر -الناشط البدوي المعروف ورئيس حركة «ودنا نعيش» التي كانت أول حركة تطالب بحقوق بدو سيناء- أنه لا يشعر بأي تغير في التعامل مع ملف البدو بعد الثورة لا زال الملف ملتهبا والبعض يحاول أن يبقيه على هذه السخونة، ولكن ذلك خطأ؛ لأنه لو انفجر سينفجر في وجه الجميع وستضرر منه مصر كلها وأنه لا استقرار داخل سيناء بدون البدو الذين هم السكان الأصليين لسيناء ويجب أن تكون لهم مشاركة فعالة في لجنة أعداد الدستور لأنهم مواطنين مصريين ولهم حقوق. وأضاف أن الأوضاع في سيناء الآن تتجه نحو الفوضى، وواصل «أقول لمن يلعب بالنار بسيناء عليه أن يعلم أن النار ستحرق الجميع، وأن هناك من يحاول ضرب رأس الثورة من خلال إشاعة الفوضى بسيناء وأن هناك مشكلات يعاني منها البدو تحتاج إلى التدخل السريع لحلها»، موضحا أن أبناء القبائل هم المواطن الحقيقي والضامن الوحيد للأمن بسيناء، وأنه يجب على الجميع المشاركة في تهدئة الأوضاع بسيناء وأن القبائل لهم حقوق في هذه الدولة يجب أن يحصلوا عليها. وأضاف أن ما حدث في الانتخابات البرلمانية بسيناء هو محاولة من المجلس العسكري والمتعاونين معه على إقصاء متعمد للبدو، وأما أن تكون هناك وقفة أو سيكون الجحيم. ويواصل قائلا «هناك ألغام بسيناء يحاول البعض تفجيرها بدلا من العمل على حلها لأسباب غامضة على الرغم من علم الجميع أن سيناء من أخطر الملفات بمصر الآن».