كتب- باهر القاضي ومحمد حنفي فى أحد عقارات حى منيل الروضة، تسكن آخر حفيدة تنحدر من أسرة محمد على بشقة بالدور الرابع، تحتوى على عديد من الأنتيكات وصور لأمراء وملوك الأسرة. إنها السيدة فاطمة الزهراء جمال الدين خورشيد، حفيدة الخديو عباس حلمى الثانى، التى تناهز 82 عاما من العمر، ذهبت كاميرا «التحرير»، والتقتها للتعرف على رؤيتها فى بعض المواقف السياسية ومستقبل الأسرة العلوية عقب ثورة 23 يوليو، ومصير ممتلكات الأسرة العلوية، ورأيها فى مسلسل «سرايا عابدين» وطقوسها فى شهر رمضان. ■ فى البداية، حدثينا عن نفسك؟ - فاطمة الزهراء جمال الدين بكير خورشيد، حفيدة الخديو عباس حلمى الثانى، ابن الخديو عباس حلمى الأول، ابن الأمير أحمد طوسون، ابن محمد على باشا الكبير من زوجته الأولى أمينة، وأنتمى إلى الخديو عباس حلمى الثانى من ناحية الأم، فجدتى «مهرجان» هانم ابنة الأمير لؤى الشهير باسم صالح باشا فريد ابن الخديو عباس حلمى الثانى، وحفيد الخديو عباس حلمى الأول، وأبى الطيار الخاص بالملك فاروق. ■ لماذا فضلت البقاء فى مصر على الرغم من هجرة أغلبية الأسرة العلوية؟ - أنا أعشق مصر، وباحب ترابها، تربيت منذ صغرى وسط أبنائها، وأمارس كل العادات والتقاليد المصرية، وحصلت على الجنسية المصرية بجانب جنسيتى التركية، وأنا أنتمى إلى مصر مثل أى مواطن مصرى، ولا يمكن أن أتصور فى يوم من الأيام أننى أعيش خارج مصر، وكذلك بناتى اللاتى يسكن معى، وتعلمن فى القاهرة لا نختلف فى أسلوب حياتنا عن أى أسرة مصرية فى العادات والتقاليد ونمط الحياة، ونعيش على الحلوة والمرة، ونتمنى أن تكون مصر من أقوى الدول فى العالم على كل المستويات. ■ ما رأيك فى مسلسل «سرايا عابدين»؟ - فى الحقيقة، عندما شاهدت المسلسل فى حلقاته الأولى، اندهشت واستغربت على ضياع قيمة وهيبة أبناء الأسرة العلوية، خصوصا الذين حكموا منهم، ف«سرايا عابدين» المفروض أنه يجسد شخصية الخديو إسماعيل الذى حكم مصر 13 عاما، وهو شخصية بارزة ترك فى التاريخ كثيرا من البصمات الإيجابية، وقدم خدمات جليلة لوطنه، إلا أن المسلسل تجاهل الوقائع التاريخية الإيجابية للخديو، وركز فقط على الأسلوب المعيشى فى السرايا، الأمر الذى لا يليق تماما بمسلسل تاريخى، الذى يتعين عليه ذكر الأحداث الهامة بواقعية دون تشويه، فالمسلسل خال تماما من الحقائق التى تفيد المشاهد، وأتساءل: ما الذى سيستفيده المشاهد من عرض أحداث نساء الخديو وأبنائه؟ «سرايا عابدين» بلا أى قيمة فنية، ولا يليق له تجسيد شخصية عظيمة مثل الخديو إسماعيل. ■ ما أبرز سلبيات المسلسل؟ - المسلسل كله سلبيات، ولا أرى له أى إيجابية تذكر، سواء من ناحية طريقة سرد الأحداث أو تاريخ وقوعها، وهذا شىء طبيعى ومنطقى، لأن كاتبة المسلسل كويتية الأصل لا تعرف عن تاريخ الأسرة العلوية شيئا لا من قريب ولا من بعيد، فهى لا مصرية ولا تركية، إضافة إلى أن المسلسل به ألفاظ سوقية سردها على لسان أبناء الخديو، وهو على عكس الحقيقة تماما، فهؤلاء الأمراء سواء كان الأمير فؤاد أو توفيق كان يأتى لهما مدرسون أجانب لتعليمهم فن الإتيكيت والموسيقى والتعامل بمختلف اللغات، فى حين أن المسلسل أخرج صورة الأمير فؤاد على أنه «أهبل وعبيط»، وهذا لا يعبر عن الواقع، كما أن طريقة الصراعات التى صورها المسلسل بين نساء الخديو غير حقيقية على الإطلاق، ولا تليق بزوجات الخديو، إنما تليق بزوجات معلم فى حارة. المسلسل فى مجمله يظهر للمشاهد أن الخديو إسماعيل كان كل شىء فى حياته «ستات فى ستات»، وهو أمر مسىء لشخص الخديو ولتاريخ الأسرة العلوية التى صنعت التاريخ المصرى الحديث، وعلى الجميع أن يدرك أن أى محاولة لتشويه أبناء الأسرة العلوية هو تشويه لصورة مصر، فهى لم تكن بهذا المستوى من السوقية. ■ هل ترين أن التاريخ أنصف الملك فاروق بعدما عرف عصره بالفساد، وأى الملوك أنصفه التاريخ فى رأيك؟ - فى الحقيقة، الملك فاروق يعد من أكثر الملوك، الذين تعرضوا للظلم تاريخيا، فالتاريخ صوره بأنه فاسد، ولم يهتم بإدارة شؤون الدولة على قدر اهتمامه بالسيدات، حتى فى اللحظة الذى قدم فيها فاروق مصلحة البلد على مصلحة الأسرة العلوية، وفضل الرحيل بصمت وبأخلاق النبلاء دون أن يتسبب فى إراقة دماء مصرية، رغم طول فترة حكم الأسرة العلوية التى تولت حكم مصر بداية من عام 1805 مع محمد على باشا وحتى 1952 برحيل فاروق، لم يرصد التاريخ تلك اللحظة بمعناها الحقيقى، وهو نبل ونزاهة الملك، بل تم تصدير مفاهيم أخرى مثل طرد الملك ورحيله. ما نشهده الآن من رحيل الرؤساء فى الساحة العربية على النقيض تماما، فلا يخلو رحيل أى رئيس إلا بالدماء. أما بالنسبة إلى أكثر ملك من الأسرة العلوية أنصفه التاريخ، هو محمد على باشا، حيث نشر التاريخ كثيرا من إيجابياته، وسمى عصره بنهضة مصر الحديثة، أما باقى الملوك شأنهم شأن الملك فاروق. ■ هل استفاد الشعب المصرى من نشوب ثورة 23 يوليو؟ - بالنسبة للشعب المصرى بالتأكيد استفاد من القوانين التى صدرت فى عهد الرئيس عبد الناصر، مثل قانون الإصلاح الزراعى الذى بمقتضاه أعطى حيازة زراعية لكل مواطن مصرى، إضافة إلى قوانين أخرى حققت لهم معيشة كريمة، لكن بالنسبة إلى الأتراك والإقطاع فثورة يوليو كتبت نهايتهم. ■ من هو أكثر الرؤساء إفادة لمصر بعد ثورة 23 يوليو من وجهة نظرك؟ - مصادرة الرئيس جمال عبد الناصر وتأميمه أملاك الأتراك بشكل عام يجعلنى لا أفضل عصره، ولدينا تحفظات كثيرة، ومن وجهة نظرى أرى أن الرئيس أنور السادات صاحب انتصار أكتوبر هو الأفضل، حيث نعمت البلاد بالخير والسلام، ودخلنا فى مرحلة انفتاح على العالم الخارجى، وأصبحت لدينا علاقات خارجية قوية، وشعر الشعب بزهو انتصاره فى العاشر من رمضان، وشهدت البلاد حالة استقرار. ■ من هى قرينة الرئيس التى تشبه زوجات ملوك الأسرة العلوية؟ - فترة الرئاسة التى شهدتها مصر عقب ثورة 23 يوليو وصولا إلى ثورة 30 يونيو حضنت كثيرا من الشخصيات المتناقضة، وبالتالى هناك اختلافات بين زوجات الرؤساء، ومع ذلك تعد السيدة جيهان السادات هى الأقرب سلوكا وأداء من زوجات أبناء محمد على، وأرى أنها الأفضل من بين قرينات رؤساء مصر بعد 23 يوليو. ■ ما رأيك فى ثورة 25 يناير؟ - هى ثورة الشعب المصرى بكل طوائفه ضد الفساد والظلم والاستبداد والبطالة وغلاء الأسعار والفقر، أنا وبناتى نزلنا ميدان التحرير كسائر أبناء الشعب نطالب برحيل الرئيس الأسبق حسنى مبارك عن الحكم. وثورة يناير برهنت على أن الشباب المصرى كان واعيا، هؤلاء الشباب الذين ثاروا ضد الغلاء وفوارق الطبقات والقبضة الأمنية وانتهاك حقوق الإنسان وتهميش متعمد لشباب الوطن وانتشار المحسوبية، وكل تلك الأمور وغيرها من أوجه الفساد التى وحدت كلمة الشعب المصرى، وجعلته يحلم بمستقبل أفضل، وكان بيان اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت برحيل مبارك بمثابة حلم جميل طال انتظاره، رقص بعده الشعب فرحا وسرورا بنجاح ثورته، فإذا لم تقم ثورة 25 يناير لكان البديل ثورة جياع تقضى على الأخضر واليابس. ■ كيف تقضين شهر رمضان؟ - نحن لا توجد لدينا طقوس مختلفة فى الشهر الكريم، مثلنا مثل سائر أبناء الشعب المصرى، فالأكلات المتعارف عليها نأكلها كسائر المصريين، وحريصون على أعمال الخير، هذا العام كالعادة قمت بشراء فانوس رمضان لبناتى، مثلما كانت والدتى تفعل لى وأنا طفلة صغيرة، فالعادات تتوارث ويتناقلها جيل بعد جيل، وكنت قد صمت وعمرى 12 عاما.