ثوران بركاني جديد شمالي إثيوبيا| الدكتور عباس شراقي يكشف    شعبة السيارات: قرار نقل المعارض خارج الكتل السكينة سيؤدي لارتفاع الأسعار.. إحنا بنعمل كده ليه؟    وزير الخارجية الفنزويلي لنظيره الإسرائيلي: أنت مجرم حرب واسم فنزويلا أكبر من أن يخرج من فمك    استقرار الطقس.. أمطار متفاوتة الشدة على السواحل الشمالية والدلتا    إصابة 11 عاملا في انقلاب سيارة نصف نقل على طريق السويس    السيطرة على حريق هائل بورشة نجارة بمدينة دهب    محامي المجنى عليهم في واقعة مدرسة سيدز الدولية: النيابة أكدت تطابق اعترافات المتهمين مع أقوال الأطفال    بمشاركة 22 دولة، محافظ الفيوم يفتتح اليوم المهرجان الدولي السينمائي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء25 نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    اسعار مواد البناء بمحافظة أسوان اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2025    أسعار الفاكهة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في قنا    أسعار طبق البيض اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في قنا    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في بداية التعاملات بالبورصة العالمية    تحرك مفاجئ بأسعار النفط وسط مخاوف تدفق الخام الروسي بعد التقدم في مفاوضات أوكرانيا    خالد عمر: إضعاف الإخوان سيفتح الباب لوقف الحرب في السودان    بعد التحذيرات الأمريكية، فنزويلا تهدد شركات الطيران الدولية بسحب التصاريح خلال 48 ساعة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في القاهرة والمحافظات    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    الآثاريون العرب يدعون لتحرك عاجل لحماية تراث غزة وتوثيق الأضرار الميدانية    معرض مونيريه بالاكاديمية المصرية للفنون بروما | صور    "درش" يشعل سباق رمضان 2026... ومصطفى شعبان يعود بدور صادم يغيّر قواعد الدراما    إعلام فلسطيني: جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف للمباني شرقي مدينة غزة    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا العام أكثر قوة وشراسة.. واللقاح ضروري للغاية    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    أميرة أبو زهرة تعزف مع لانج لانج والأوركسترا الملكي البريطاني في مهرجان صدى الأهرامات    وزارة الصحة تحذر من إساءة استخدام المضادات الحيوية لهذا السبب    مركز محزن ل ليفربول، ترتيب الدوري الإنجليزي بعد نهاية الجولة ال 12    ب 10 لاعبين لأغرب سبب.. إيفرتون يهزم مانشستر يونايتد    تعرف على موارد صندوق إعانات الطوارئ للعاملين    كان من قادة ميلشيا البلاك لوك الداعمة للانقلاب .. إعتقال شريف الصيرفي بعد تشبيه تزوير الانتخابات بالديناصورات    وصول يسرا و إلهام شاهين وصابرين إلى شرم الشيخ للمشاركة بمهرجان المسرح الشبابي| صور    بعد واقعة مدرسة السلام، الطفولة والأمومة يعتزم وضع تشريعات جديدة لمنع الاعتداء على الأطفال    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة محاولة اقتحام مرشح وأنصاره لمركز شرطة فارسكور    10 حقائق مذهلة عن ثوران بركان هايلي غوبي.. البركان الذي استيقظ بعد 10 آلاف عام    أمميون يدعون للضغط على إسرائيل وحظر تسليحها بسبب خرقها وقف إطلاق النار فى غزة    نعمل 24 ساعة ولا يمكن إخفاء أي حالة، أول رد من الصحة على شائعات وفاة أطفال بسبب الإنفلونزا    "الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    خبراء: استعدادات رمضان والضغوط الموسمية تدفعان الدولار للارتفاع    ناشطون ألمان يروّجون ملابس من مكبات إفريقية ضمن حملة الجمعة السوداء    بالأسماء| إصابة 23 شخصاً في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة تشيلسي.. صراع النقاط الكبرى يبدأ غدا    محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط    قائمة بيراميدز لمواجهة المقاولون العرب في الدوري المصري    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    مصدر بالاتحاد السكندرى: تقديم اعتراض على رفض تأجيل مباراة نهائى دورى السلة    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    تضامن قنا تعيد إعمار منزل بعد مصرع 3 شقيقات انهار عليهن السقف    ألمانيا تنصح رعاياها بشدة بعدم السفر إلى فنزويلا بسبب توتر الوضع بالبلاد    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    إصابة سيدة بطلق ناري على يد طليقها في المنيا.. ما القصة؟    وكيل توفيق محمد يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي وموعد تحديد مصيره    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    ارتفاع حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي.. اللجنة العلمية لكورونا تحذر: اتخذوا الاحتياطات دون هلع    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على باب الخديو
نشر في التحرير يوم 20 - 07 - 2014

كتب كثيرون فى مواجهة مسلسل «سرايا عابدين» بخصوص مغالطاته التاريخية، ولكن بعيدًا عن ذلك فقد حكى المسلسل من ضمن ما حكى عن السخرة أيام حفر قناة السويس وهى غير المختلف عليها على أى حال -الصورة التى قدَّمها المسلسل كانت معبّرة سواء كانت صحيحة أم لا- فصوَّر رجالًا على ظهر خيول يحملون عصا برأس دائرية تتسع لشخص كأنها ملقاط يجرى الفارس خلف الناس المهرولة أمامه ويصطادهم برأس عصاه فيصير الرجل داخل الدائرة غير قادر على الحركة، حتى يأتيه المترجلون ليقيدوه ويسوقوه إلى مثوى سخرته حيث مكان الحفر.
أعادنى المشهد إلى ماضٍ يسبقه وحاضر نعيشه، فالصورة رسمت وجهًا آخر لحياة المصريين فى عهود محمد علِى وأبنائه، فالسخرة كما يعلم الجميع بدأت مع محمد علِى عندما قرر بناء الجيش ولم يفلح فى الاستناد إلى العبيد من السودان، وكانت فكرة الانضباط فى جيش بطبيعة الحال غريبة ومرفوضة عند المصريين فاستبدال حياة أخرى بحياتهم قد يستمر لعشرين سنة فى مؤسسة الجيش بكل ما تشمله من حزم وربط وبُعد عن الأهل والأبناء كانت فكرة قاسية لا يتحملها أحد، وبالتالى لم يدخل المصريون الجيش طواعية، فقرر محمد علِى تجنيدهم رغمًا عنهم، وكانت تجرى عمليات مشابهة للمشهد الذى رواه المسلسل فى صورة لتجنيد المصريين.
كانت حملات واسعة تنزل إلى القرى للقبض على الناس أو خطفهم رغمًا عنهم وإرسالهم إلى معسكرات الجيش حتى انتشر بين الكثيرين عادة تشويه أنفسهم حتى لا يذهبوا إلى مصير الجيش المجهول، فمنهم من يفقأ عينه أو يقطع أصابعه أو جزءًا من قدمه وهكذا، ودمرت هذه السياسة حياة كثير من المصريين وقطعت روابطهم الاجتماعية وتركتهم فى براثن الفقر والاكتئاب والحياة التعيسة، وقد رصد هذا الجانب من الحياة التى عاشها المصريون فى عهد محمد علِى الدكتور خالد فهمى فى كتابه المميّز «كل رجال الباشا» والذى يمكنك عزيزى القارئ أن تجد فيه تفصيلًا مملًّا عن كل ما سبق، فالكتاب اعتنى بحالة المصريين لا بإنجازات محمد علِى والجيش الذى بناه والنهضة التى أسسها، وهى حقائق، ولكن المميَّز فى فكرة الكتاب وما رصده هو الوقوف على حال الغلابة الذين دفعوا ثمن هذه النهضة ولا يذكرهم أحد حتى أبناؤهم الذين هم نحن.
ذكر الكتاب أن انتفاضة كبيرة قامت فى الصعيد ضد سياسات محمد علِى فى التجنيد والضرائب، وأن أكثر من 30 ألف رجل وامرأة شاركوا فيها وزحفوا على مقرات حكم الحكام المحليين وأسروهم، وأن التمرد امتد إلى المديريات المجاورة فى مصر الوسطى ولم تفلح وسائل السلطة بالترغيب والترهيب فى إخماد الانتفاضة، فقررت السلطة إرسال قوة مدربة من جنود وضباط لمواجهة التمرد، فسحقوه وخلفوا وراءهم 4000 قتيل. قصة السخرة فى حفر قناة السويس -سخرة المصريين- مصدر الدخل الأجنبى الأهم لمصر منذ إنشائها وحتى الآن، بنيت أيضًا على أرواح آلاف منهم وتحطيم حياة عشرات الآلاف من العائلات، وتبقى الأسطورة مستمرة فى عهود متتابعة ملخصها أن جدارًا عازلًا كبيرًا وضخمًا يقف فى منتصف الأرض ما بين حياة المصريين ورفاهتم وحريتهم، وبين النهضة والتطوير والتنمية والبناء -عندما يحدث طبعًا- ونظل نقدّس أناسًا وحقبًا صنعت مجدًا على حساب أهل الأرض وملحها.
لا أقول أن لا نمتن لكل مجد تحقَّق وكل نصر حدث وكل بناء أُقيم ولكن أقول إن الوطن هو الناس هو الشعب هو الحياة التى يعيشها أهل هذه الأرض عليها وتحت سمائها، الوطن هو الفرد - الوطن هو كل فرد، وأقول أن مقدار تعظيمنا وتقديرنا لحاكم أو لحقبة فى تاريخنا وحتى حاضرنا يجب أن يقاس بمدى ارتباط ما تحقَّق من إنجاز برفاهية هذا المواطن صاحب الأرض، وطالما كان الإنجاز بعيدًا عن الفرد أو ضاغطًا عليه بالسلب، فيستمر انتباهنا للفجوة الكبيرة والشرخ العظيم.
لهذا كانت عبقرية الشعارات التى رفعت فى يناير على ألسنة المصريين عفويًّا «العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية» -التطوير والتحديث هنا فى عرف الثورة مرتبط بحرية الفرد وكرامته- هى جزء من فلسفة الثورة العظيمة لحل معضلات الماضى الأزلية - لا معنى فى دولة الثورة للأمن من دون الحرية أو للتنمية والعيش من دون الكرامة.
أحب أن أختم بجزء من مقال للشيخ محمد عبده فى مجلة «المنار»، ردًّا على مقال كتبه مصطفى كامل يطالب فيه بإعلان العيد المئوى لتولّى محمد علِى عيدًا وطنيًّا، ذكره د.خالد فى كتابه، حيث كتب يقول «قالوا إنه أطلع نجم العلم فى سماء البلاد.. نعم عنى بالطب لأجل الجيش.. أرسل جماعة من طلاب العلم إلى أوروبا ليتعلموا فيها.. فهل أطلق لهم الحرية أن يبثوا فى البلاد ما أفادوا؟! كانوا يختطفون تلامذة المدارس من الطرقات وأفناء القرى.. كما يختطفون عساكر الجيش، فهل هذا مما يحبب القوم فى العلم ويرغبهم فى إرسال أولادهم إلى المدارس؟! يقولون إنه أنشأ المعامل والمصانع، ولكن هل حبَّب إلى المصريين العمل والصنعة حتى يستبقوا تلك المعامل من أنفسهم؟! يقولون إنه أنشأ جيشًا كبيرًا فتح به الممالك، فهل علَّم المصريين حب التجنيد وأنشأ فيهم الرغبة فى الفتح والغلبة وحبب إليهم الخدمة فى الجندية وعلمهم الافتخار بها؟!».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.