رفضت موسكو العقوبات الأمريكية الجديدة ضدها، وقالت إنها تحتفظ بحق الرد عليها. واعتبرت أن العقوبات الأمريكية الجديدة ضدها "محاولة بدائية للانتقام لأن الأحداث في أوكرانيا لا تتطور وفق سيناريو واشنطن"، مشددة على أنها لن تقبل "التخويف" من واشنطن، وتحتفظ بحقها في اتخاذ "إجراءات مقابلة" ردا على العقوبات الأمريكية. وقالت وزارة الخارجية الروسية، إذا قررت واشنطن تدمير العلاقات الروسية الأمريكية فهي من سيتحمل المسؤولية. وأكد أن موسكو منفتحة على الدوام للتعاون البناء مع كافة الدول بما فيها الولاياتالمتحدة على أساس المساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومراعاة مصالح لآخرين بشكل حقيقي. وأعربت الخارجية الروسية عن خيبة أملها من تأييد الاتحاد الأوروبي للعقوبات الأمريكية على روسيا بضغط من واشنطن رغم أن هذه العقوبات تتعارض مع مصالحه. وأكدت أن الاتحاد الأوروبي بتأييده العقوبات الأمريكية إنما يأخذ على عاتقه مسؤولية استمرار العملية الأمنية في شرق أوكرانيا التي تؤدي إلى سقوط ضحايا يوميا. وأشارت إلى أن بروكسل تحذو حذو واشنطن فتحمل كامل المسؤولية للجهة التي تقوم بخطوات حقيقية من أجل تسوية النزاع في أوكرانيا وتتجاهل بالمقابل تدفق اللاجئين الأوكرانيين إلى روسيا وقصف مواقع في الأراضي الروسية وغيرهما من الأعمال الاستفزازية المعادية لروسيا. وفي وقت سابق، انتقد سيرجي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي قرار واشنطن توسيع العقوبات المفروضة ضد روسيا على خلفية الأحداث في أوكرانيا. وقال إن قرار الإدارة الأمريكية الجديد فرض عقوبات على عدد من الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين الروس، بذريعة مصطنعة، لا يمكن وصفه إلا بأنه قرار بغيض غير مقبول على الإطلاق. ورأى أن المنطق الذي يسود في واشنطن، هو منطق إملاء إرادتها السياسية على الدول الأخرى، وهو منطق فاسد محكوم عليه بالفشل – وفقا لتعبير الدبلوماسي الروسي. وأكد ريابكوف نية روسيا اتخاذ إجراءات ستكون "مؤلمة وحادة" بالنسبة لواشنطن، لكنه شدد على أن موسكو لا تخطط لتقليد "الأساليب المرفوضة لإدارة الولاياتالمتحدة"، مضيفا أن روسيا لن ترد على الاستفزازات بل ستعمل بهدوء. هذا وأدرجت واشنطن عقوبات جديدة على روسيا على خلفية الأزمة في أوكرانياز وتركز هذه العقوبات على قطاعات الطاقة والمصارف والمؤسسات العاملة في مجال الدفاع في روسيا. وشملت شركة "روسنفط" اكبر شركة نفط روسية، وشركة "نوفاتيك" ثاني أكبر شركة غاز في روسيا، ومصرفي "فنيش إيكونوم بنك" و"غازبروم بنك" الحكوميين، ومؤسسة "بازالت"، وشركة فيودوسيا للنفط، وكونسورتيوم التقنيات الراديو إلكترونية، وشركة "سوزفيزديه"، ومؤسسة بناء الماكينات العلمية الصناعية الروسية. وفي المجال العسكري، شركة "كلاشنيكوف" لإنتاج الأسلحة النارية الخفيفة وشركة "أورال فاجون زافود" لإنتاج الدبابات ومجمع "الماز-أنتي" لإنتاج منظومات الدفاع الجوي. هذه العقوبات تحد من إمكانية حصول الشركات والمؤسسات الروسية، المدرجة في قائمة العقوبات، على قروض في سوق المال الأمريكية. فالعقوبات التي فرضت على البنوك لا تتعلق بتجميد الأصول، ولكن بمنعها من الحصول على قروض أمريكية لفترة تتجاوز التسعين يوما. إضافة إلى أن واشنطن يمكنها أن تمارس ضغوطا على أي شركة أجنبية تعمل في الولاياتالمتحدة لكي ترفض العمل مع الشركات الروسية الموجودة في قائمة العقوبات. ولكن هل ترفض الولاياتالمتحدة الفرصة التي منحتها لها روسيا للعمل في القطب الشمالي؟! هل سترفض شركة "إكسون موبل" شريكة "روسنفط" الروسية المشمولة بالعقوبات مواصلة التعاون في الجرف القاري؟! إن العقوبات التي فرضها واشنطن ضد روسيا تتعارض والمصالح القومية الأمريكية. وستصطدم شركات الطاقة الأمريكية الكبرى، التي تود الاستثمار في روسيا، بقيود معينة، وبالتالي سوف تفقد قدرتها التنافسية مقارنة مع غيرها من شركات الطاقة العالمية. ولا يمكن أن ننسى أن العقوبات على إيران كلفت الاقتصاد الأمريكي مئة وخمسة وسبعين مليار دولار خلال عشر سنوات. إلى ذلك اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن العقوبات التي تفرضها واشنطن ضد روسيا تتعارض والمصالح القومية الأمريكية، مشيرا إلى أن واشنطن تدفع باتجاه تصعيد النزاع الأوكراني. وقال بوتين إن شركات الطاقة الأمريكية الكبرى التي تود الاستثمار في روسيا ستصطدم جراء هذه الإجراءات بقيود معينة، وستفقد بالتالي شيئا من قدرتها التنافسية مع باقي الشركات. واعتبر أن مثل هذه الطريقة في التعامل، إن دلت على شيء، فإنما تدل على عدم المهنية على الأقل، وقال إن من يخططون للسياسة الحالية في الولاياتالمتحدةالأمريكية ينتهجون سياسة خارجية عدوانية بما فيه الكفاية وغير مهنية بما في الكفاية. ولفت الرئيس الروسي إلى أنه ينبغي بجهود مشتركة حث أطراف النزاع في أوكرانيا على وقف فوري لإطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات، مشيرا إلى أن روسيا دون غيرها، باستثناء أوكرانيا نفسها، لها مصلحة في إيقاف إراقة الدماء وتسوية الأزمة الحالية في الدولة الجارة"، بحكم علاقات الأخوة التاريخية بين البلدين. واعتبر أن الدول التي تدفع بأوكرانيا نحو التفكك والمصير القاتم لا تملك الحق في إلقاء المسؤولية على عاتق الآخرين. ومن جانبه انتقد رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف قرار الولاياتالمتحدة فرض عقوبات إضافية على الاقتصاد الروسي على خلفية اختلاف وجهات النظر بين روسيا والغرب حول الأزمة الأوكرانية. وأكد أنه لا يوجد عقوبات قادرة على إلحاق ضرر فادح بالاقتصاد، أو على إركاع طرف ما. وأضاف أن العقوبات على الشركات الروسية غير مشروعة، لأنها لا تستند إلى قرارات الأممالمتحدة، بل يجري فرضها تعسفيا، لافتا إلى أن روسيا مضطرة لإعادة بناء نموذجها الاقتصادي للتنمية بسبب العقوبات الأمريكية والانتقال إلى البحث عن بدائل لاستيراد التكنولوجيا الأجنبية. كما حذر ميدفيديف من أن تؤدي العقوبات الجديدة إلى إعادة العلاقات الروسية الغربية إلى فترة عام 1980، ما قد يدفع روسيا إلى زيادة التركيز على تعزيز الدفاع والأمن.