الانتخابات التى هللنا وغنينا لها، بل إن بعضنا استبد به الحبور والسرور بها لدرجة أن ترك وقاره واحتشامه فتحَزَم علنا وهاتك يا هز ورقص ل«انتخابات الثورة» و«برلمان الثورة»، الذى تمخضت عنه.. تلك الانتخابات التى نعتها معالى المستشار عبد المعز بأنها الأنزه والأعظم منذ انتخابات جدودنا «الفراعنة». تنظر اليوم (الثلاثاء) محكمة القضاء الإدارى دعوى أقامها ثمانية مرشحين من محافظات مختلفة (بلغ بعضهم عتبة جولة الإعادة)، طالبوا فى نهاية عريضتها بالحكم ببطلانها كلها، وانعدام نتائجها تماما استنادا إلى أدلة جدية خطيرة ومذهلة، ربما تجعلنا نترحم على أيام «التزوير العبيط» والانتخابات النظيفة من الناخبين الأحياء التى كان يجريها نظام المخلوع أفندى بانتظام ممل.. فإلى نص ما جاء فى هذه العريضة: «... تسلم كل من (الطاعنين) أسطوانة مدمجة صادرة من مديريات الأمن عليها بيانات الناخبين فى هيئة صورة (pdf) لا يقرؤها الحاسب الآلى، فلما قام الطاعنون بتحويلها إلى لغة يقرؤها (الكمبيوتر) تبين لهم أن أسماء الناخبين الرباعية والخماسية (والسداسية أيضا) غير مقترنة بأرقام بطاقات الرقم القومى ولا عناوينهم، بل إن بعضها مكرر فى الكشوف بحد أدنى مرتين، وقد يصل التكرار إلى 32 مرة، كما تبين للطاعنين أن هذه الأسماء المكررة تم تمكينها من التصويت فى لجان مختلفة داخل دوائرهم ودوائر أخرى فى المحافظة نفسها أو محافظات أخرى، (هل تذكرون المنتقبة الغشاشة التى ضبط بحوزتها بطاقات رقم قومى عدة؟!) وهو أمر يبدو أنه شمل كل محافظات الجمهورية (الآية والدليل القاطع على ذلك) أن الأرقام الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بتاريخ 1 / 7 /2011 (قبل أربعة شهور فقط من الانتخابات) تشير إلى أن إجمالى عدد المواطنين المتمتعين بحق الانتخاب لا يزيد على نحو 40 مليون ناخب، بينما الأرقام المعلنة من اللجنة العليا للانتخابات تقفز بعدد أعضاء الجمعية الناخبة فى مراحل الانتخابات الثلاث إلى نحو 52 مليونا، أى بزيادة 12 مليون ناخب»!!! «... إن هذا (التناقض الخطير) يقطع بديهيا بحدوث تدخل بشرى فى قاعدة بيانات الناخبين بهدف تزويرها، الأمر الذى دعا بعض المرشحين إلى إقامة دعاوى قضائية أمام محاكم القضاء الإدارى بشبين الكوم وطنطا والمنصورة (فى أثناء سير العملية الانتخابية) مطالبين فيها بوقف الانتخابات لحين تصحيح قاعدة بيانات الناخبين..». «... إن الحقيقة التى تنطق بها تلك الكشوف الرسمية أننا أمام جريمة تزوير إلكترونية خطيرة (شوهت واصطنعت جمعية ناخبة غير حقيقية) جرت على أساسها انتخابات مجلس الشعب، وستجرى عليها قريبا انتخابات مجلس الشورى، والانتخابات الرئاسية، وإمعانا فى محاولة ستر الجريمة النكراء سلمت إلى المرشحين نسخة من كشوف الناخبين غير مقترنة بالرقم القومى ودون العنوان الأصلى للناخب لكى لا يكتشف أحد التزوير». «... إن تكرار أسماء مئات ألوف الناخبين من مرتين إلى 32 مرة مع تمكين هؤلاء (أو من يحوز بطاقاتهم) من تكرار التصويت فى لجان مختلفة ومن ثم ترجيح كفة المرشح أو الحزب الذى تستخدم الأصوات المكررة لصالحه (كل هذا) يجعل انتخابات جرت بهذه الصورة، ليست تعبيرا صادقا عن الناخبين و(تؤدى) إلى تسليم مصير شعب قوامه 86 مليون إنسان لتنظيم معين على غير إرادة هذا الشعب». «... وحيث إن إجراء انتخابات على أساس قاعدة بيانات الناخبين مزورة على النحو سالف الذكر أمر يتناقض مع الغاية منها أى التعبير الصادق عن إرادة الشعب، واختيار من يمثله حقيقة لا زورا وكذبا.. وحيث إن مجلس الشعب الجديد مدعو لعقد جلسته الأولى يوم (الإثنين) 23 / 1 / 2012، الأمر الذى قد يرتب آثارا يتعذر تداركها كأن يصدر هذا المجلس تشريعات أو يشكل لجنة لإعداد دستور البلاد الجديد.. إلخ، ومن ثم فإن شرط الاستعجال المتمثل فى الخطر والخشية من فوات الوقت يكون متحققا فى هذه الدعوى.. وبناء عليه (نطلب) فى الشق المستعجل الحكم بوقف قرار اللجنة العليا للانتخابات بإعلان نتائج مراحل الانتخابات الثلاث (قوائم وفردى) وفى الموضوع: إلغاء القرار المطعون عليه وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات والأتعاب». (انتهى النص)