قبل عشر سنوات تقريبًا، كنت مختصًّا بمتابعة أخبار السينما المصرية فى مجلة «صباح الخير»، فى بهو مؤسسة «روزاليوسف» التقيت صدفة أحد أكثر المخرجين انتشارًا فى هذه المرحلة، كان فى زيارة لزميل آخر وسألنى عن مكتب الناقد الكبير طارق الشناوى، وقال نصًّا: «لو شفته هاضربه»، كان كغيره من صناع السينما يرتفع ضغطهم من الصفحة التى يكتبها الشناوى عن أفلامهم الجديدة فى «روزاليوسف» المجلة. تعجبت من رد فعل المخرج وما زلت أتعجب من غضب صناع الفن من النقاد رغم أنهم لا يقيسون نجاحهم إلا بالإيرادات، وكانت كبيرة فى هذا الوقت رغم كل الانتقادات، لكن قراءة الأسلوب الذى توثّق به الصحافة الحركة الفنية يمكن أن يفسّر هذه العدائية. ما يسجله الناقد المعروف هو الذى سيبقى والإيرادات ستذهب إلى صاحب النصيب، لم يلتقِ المخرج يومها بالشناوى ولم يكن لينجح فى تنفيذ تهديده بالتأكيد، لكن الناقد الكبير استمر فى كتابة ما يريد وشكَّل حالة خاصة فى ساحة النقد الفنى فى مصر خلال السنوات العشرين الأخيرة، هو الناقد الوحيد حسب استطلاع أجرته مجلة «جودنيوز سينما» (صدرت بين 2004- 2009) الذى نجح فى الوصول إلى القارئ العادى، غابت عنه لدرجة كبيرة الحسابات والخواطر، رغم أنه ينتمى إلى عائلة فنية، لكن شهادته أبدًا لم تكن مجروحة، ويكفيه أنه ملمّ بتاريخ الأغنية الوطنية فى مصر، ويكتب بنفس الدقة عن السينما المصرية وتحديات الرقابة وحتى الدراما التليفزيونية، التى بسببها تذكّرت واقعة المخرج الذى اختفى من الساحة، بينما ينتظر مشاهدو مسلسلات رمضان مقالاته اليومية التى تعد سجلًّا مكتوبًا للموسم الرمضانى يمكن لمن يريد أن يرصد تطور الدراما فى مصر والفروق بين مسلسلات الآن وكيف كانت دراما زمان أن يعتبرها -أى مقالات الشناوى- بمثابة مرجع لا يمكن الاستغناء عنه، فقلة قليلة من الكتاب هى التى تستطيع أن تجمع بين الغزارة فى الإنتاج والتنوع الكبير فى الموضوعات والتماس مع هموم الناس يوميًّا، قلة قليلة يعد نموذجًا واضحًا لها طارق الشناوى. بعد التتر المخرج المذكور لم يقدّم أى فيلم سينمائى منذ 2006، وغاب عن الدراما التليفزيونية منذ 2010.