فى البداية لا بد أن نثمِّن القرار الأهم الذى اتخذه الرئيس عبد الفتاح السيسى بالتبرع بنصف ثروته ونصف راتبه، وتبعه رئيس الوزراء، وقرار تطبيق الحد الأقصى للدخول. المشكلة معلومة للجميع، عجز شديد فى الموازنة، أعباء الدين كبيرة، الهيكل الحكومى متضخِّم، أعباء الدعم تثقل الميزانية، الموارد ضعيفة، من المؤكد أننا نحتاج إلى تعظيم الموارد وتقليل النفقات، أشعر أن الدولة نظرها متوجه إلى اتجاه واحد، الدعم، والدعم شقان، جزء يذهب إلى الأغنياء، فى مصانع كثيفة الطاقة وغيرها، وجزء يذهب إلى الفقراء فى صورة خبز وسلع تموينية وسولار وبنزين وطاقة عموما، وأشعر أن الدولة عينها على دعم الفقراء، وربما يكون هذا ضروريا، لكن بحساسية مفرطة وبجوار حزمة من الإجراءات الموازية، مع العلم أن الحد الأدنى لم يطبَّق بشكل حقيقى، وهناك تلاعب كبير تم به فى العام الحالى بعد قرار الببلاوى، لا مكان لتفصيلاته، فإجراءات الاتجاه الواحد، كالمريض، ذى القلب العليل أو الكلية التى تحتاج إلى تغيير، فأراد الطبيب أن ينزع القلب الفاسد، وبعدين يبحث عن قلب بديل براحته بعد كده. هناك مئتا مليار جنيه فساد فى مصر، كما قال رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات هناك مثلها أو أكثر تهرب ضريبى «سهل ضبطه لو أن هناك إرادة سياسية» الحد الأقصى يُوفِّر 18 مليارا، كما قال الخبراء، هناك مئة مليار فى الصناديق الخاصة على أقل تقدير، هناك مئات المليارات تضيع بسبب حجر جيرى يُباع بقرشين ورخام يباع ب18 قرشا وغيرها من فوسفات وذهب، ومحاجر ورمال، والسعر العالمى أضعاف هذا، فلو تركنا كل هذا، وبدأنا بمليارات قليلة تضخّ فى الخبز أو السولار، أو السلع التموينية، فنصيحتى بتغيير مستشاريك يا سيادة الرئيس قبل أن نغرق جميعا. فالمطالب الاجتماعية، التى سمَّاها الإعلام «فئوية» وكأنهم أشخاص مستغلون، فضَّلوا مصلحتهم الشخصية على مصلحة البلد، فهذا تصور فاسد.. إنهم أشخاص لا يستطيعون تلبية الحاجات الأولية لأسرهم من تعليم ليس مجانيا كما نعلم، ومن صحة ليست مجانية كما نعلم، ومن رشاوى يدفعونها فى أروقة البيروقراطية الحكومية، ومن هذا المنطلق، فالمدرس لا يؤدى عمله فى المدرسة ليوفر طاقته للدروس الخصوصية، والطبيب يترك مستشفاه، ويذهب إلى العيادة الخاصة أو المركز الطبى، والموظف الذى يتعامل مع الجمهور، يأخذ الإكرامية، أو يُوقِّع، ويذهب إلى أعماله الحرة، سواء مهنة أو تجارة، لو تم تعديل الهيكل الإدارى للأجور، خصوصا أن كثيرا من الخبراء قالوا إنه لا يحتاج إلى أموال جديدة، بقدر ما يحتاج إلى إعادة توزيع، كما فعل المهدى فى التليفزيون مثلا، لو تم التعديل، نستطيع أن نضرب بيدٍ من حديد على الفاسدين والمتراخين، أما بتأجيل ذلك كما نصحك الخبراء، فهو استمرار للوضع كما هو عليه، كل فرد يحل مشكلته بطريقته، ويظل البلد كما هو محلك سر «حتى المَثَل الشعبى مصطلح عسكرى»، أما غير القادرين على حل مشكلاتهم الفردية، وفوجئوا بخبز غير مدعوم أو ارتفاع أجرة الميكروباص، أو ارتفاع عام فى الأسعار، فالانفجار قادم، البلد فيه كتير يا سيادة الرئيس، مش مافيش، دَعْبِس وهتلاقى بلاوى متلتلة كانت بتتسرق، أستطيع أن أضرب أمثلة قليلة فى مقالات قادمة، كل دى أفكار من جوه الصندوق، صدَّعنا الإعلام فى الفترة الماضية، بأفكار من خارج الصندوق، وأما الصندوق فمليان أفكار لم يأخذ بها أحد، قلنا للرئيس المعزول «القِبلة إلى اليسار قليلا» ما سمعش الكلام، سيدى الرئيس لليسار دُر مُعتدَل مارش.