«تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    رئيس «النيابة الإدارية» يهنئ السيسي وشعب مصر بعيد الأضحى    ميناء دمياط يستقبل 9 سفن على متنها 28552 طن بضائع    محافظ كفر الشيخ: فتح المجازر لذبح الأضاحى للمواطنين بالمجان خلال عيد الأضحى    مقتل شخص وإصابة 2 آخرين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    بحجة ارتفاع أمواج البحر.. تفاصيل نقل الرصيف العائم من شاطئ غزة إلى ميناء أشدود الإسرائيلي    قبل انطلاق كوبا أمريكا.. رونالدينيو يهاجم لاعبي "السامبا"    عيد الأضحى.. تجهيز ساحات الصلاة واستعدادات الحدائق والمتنزهات فى بنى سويف    إعلام لبنانى: مقتل شخص وإصابة آخر جراء استهداف مسيرة إسرائيلية لدراجة نارية    تكبيرات العيد.. صيغتها .. الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله    حياة كريمة.. الكشف وتوفير العلاج ل900 حالة فى قافلة طبية ببنى سويف    وفد من الكنيسة يهنئ محافظ شمال سيناء بعيد الأضحى المبارك    بعد بوتين.. الرئيس الصيني يُهنئ رامافوزا بإعادة انتخابه رئيسًا لجنوب إفريقيا    الاحتلال الإسرائيلي يعلن قصف مبنى عسكري لحزب الله جنوبي لبنان    إيطاليا تستهدف معادلة 6 منتخبات أبطال فى يورو 2024    الشيخ ماهر المعيقلي يلقي خطبة عرفة (بث مباشر)    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    يورو 2024 - مدرب المجر: هدفنا الوصول بعيدا في البطولة    محمد شريف يكشف كواليس انتقاله للأهلي بعد توقيعه للزمالك    "الماتادور في مواجهة الناريون".. ماذا يفعل منتخب إسبانيا في افتتاحية اليورو عبر التاريخ؟    البلتاجي: ركلة جزاء الأهلي صحيحة.. ومدافع الزمالك يستحق البطاقة الحمراء    عيار 18 الآن.. أسعار الذهب اليوم السبت 15-6-2024 في محافظة قنا    كفرالشيخ: تحرير 7 محاضر لمخالفات خلال حملات تموينية على المخابز بقلين    هتصلي فين؟.. ساحات عيد الأضحى المبارك بالإسماعيلية    وزارة المالية تطرح 20 مليون جنيه «فكة إضافية» لتلبية احتياجات المواطنين خلال عيد الأضحى    "ولاد رزق 3 " يتصدر أفلام عيد الأضحى السينمائي    محمد رمضان يكشف عن أغنيته الجديدة "مفيش كده".. ويعلق: "يوم الوقفة"    عمرو دياب يكشف عن أحدث أغانيه "تتحبي" بعد يومين من طرحه "الطعامة"    يحدث الآن - من مسجد نمرة بدء شعائر خطبة عرفة 1445 2024    وزيرتا التعاون والبيئة تبحثان مع الجانب الإيطالي تعزيز فرص التعاون في إدارة المخلفات الصلبة    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس بعيد الأضحى المبارك    مع ارتفاع درجات الحرارة.. 5 نصائح مهمة لتجنب الإصابة بضربات الشمس في عيد الأضحى    التضامن: تنظم سلسلة من الدورات التدريبية للاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين حول الإسعاف النفسي الأولي    هيئة« الدواء» تعلن رقمنة 5 خدمات للتواصل والاستفسار عن توافر الأدوية والإبلاغ عن الآثار الجانبية    الرعاية الصحية: انعقاد غرفة الطوارئ ضمن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى 2024    أسعار الفاكهة اليوم السبت 15-6-2024 في قنا    بعثة الحج توفر مخيمات مكيفة ومرطبات ومأكولات لحجاجنا بعرفات    حكم صيام أيام التشريق.. الإفتاء تحسم الجدل    يوم عرفة 2024 .. فضل صيامه والأعمال المستحبة به (فيديو)    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    زراعة 327 ألف شجرة بكفر الشيخ.. والمحافظ: «زودوا المساحات الخضراء»    "كان بيقطع اللحمة".. لا شبهة جنائية في وفاة جزار بسكين في الجيزة    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    سمر علام بطلة العرض المسرحي "عامل قلق" أمام سامح حسين فى العيد    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    ميناء شرق بورسعيد يستقبل ثالث سفينة تعمل بوقود الميثانول الأخضر    ب«6 آلاف ساحة وفريق من الواعظات».. «الأوقاف» تكشف استعداداتها لصلاة عيد الأضحى    هل رمي الجمرات في الحج رجم للشيطان؟.. «الأزهر» يوضح    الجالية المصرية في السعودية: تفويج جميع الحجاج المصريين إلى جبل عرفات    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    أستاذ ذكاء اصطناعي: الروبوتات أصبحت قادرة على محاكاة المشاعر والأحاسيس    هبوط اضطراري لطائرة تقل وزير الدفاع الإيطالي بعد عطل طارئ    بسبب جلسة شعرية محبطة.. صلاح عبد الله يروي سر ابتعاده عن كتابة الأغاني للمطربين    إبادة «فراشات غزة» بنيران الاحتلال| إسرائيل على قائمة مرتكبي الانتهاكات ضد الأطفال    محمد علي السيد يكتب: دروب الحج ..سيدي أبوالحسن الشاذلي 93    لاعب سلة الأهلى يكشف تفاصيل عدم السلام على رئيس الاتحاد السكندري    ألمانيا تسحق إسكتلندا بخماسية في افتتاح يورو 2024    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«فهرنهايت» السلفيين..!!
نشر في التحرير يوم 06 - 01 - 2012

«من عادة البؤس أنه قد يبدأ مسيرته الرهيبة من الاقتصاد والاجتماع، لكنه لا يتوقف أبدا بعد ذلك عند بطون الناس الخاوية وأجسادهم الهزيلة التى تعربد فيها شتى صنوف العلل والأمراض، وإنما يتمادى ويستفحل فيعصف ويسحق فى طريقه العقول والأفهام والأرواح، بل والأخلاق والضمائر أيضا.. هنا بالضبط تكتمل مهمة البؤس ويقعد مستقرا مرتاح البال ومتهنيَّا».
هذه كلمات قديمة كتبتها قبل نحو ثلاثة أعوام، مستهلا بها تعليقا حزينا على خبر أثار وقتها ضجة كبيرة مختصرة أن المركز الثقافى البريطانى فى القاهرة قرر إغلاق مكتبته العامة تماما ونهائيا لأن «المصريين لا يقرؤون وليسوا من محبى الكتب».. وهذا هو نص ما قاله آنذاك الخواجة مدير المركز، مدعما حكمه القاسى ذاك ببيانات وأرقام مخجلة عن أعداد الذين ما زالوا يتعاملون مع المكتبة، مما يجعل استمرار الإنفاق عليها ضربا من العبث وإهدارا سفيها لأموال الشعب البريطانى!! واليوم أستحضر التعليق القديم هذا بمناسبة خبر آخر مستجد، أظنه أسوأ وأكثر بلاغة فى التعبير عن حالتنا الراهنة.. الخبر الجديد ليس منشورا، وإنما سمعته من صديق، بينما كنا نتسامر ونتسلى بالطرائف المضحكة المبكية التى يجترحها الإخوة السلفيون هذه الأيام، وآخر حوادث عربداتهم الظلامية الجهولة، لا سيما بعدما أعلن فريق منهم تأسيس جماعة ستتولى بالعافية والإرهاب فرض الأمر بالمنكر والنهى عن المعروف (العبارة السابقة صحيحة وأقصدها تماما). فأما خلاصة ما أنبأنى به صديقى هو أن جماعة «المنكر» آنفة الذكر بدأت شغل البلطجة فعلا، وأن باكورة نشاطها الإجرامى لم يقتصر على اقتحام حياة الناس والعدوان على حرياتهم الشخصية، بل وصل إلى محاولة إشاعة الظلام العقلى على ما تشير حادثة غريبة شهدتها بلدته (غير البعيدة عن القاهرة) الأسبوع الماضى، إذ قام قطيع من الدهماء يجمعهم الجهل وطول اللحية بتهديد رجل عجوز ينصب من سنين طويلة فرشة لبيع الكتب القديمة، بأنهم سيحرقون فرشته إذا لم يستجب لأوامرهم ويتخلص مما سموه «كتب الكفر» التى يعرضها.. ما هى كتب الكفر تلك؟! نسخ متناثرة من روايات لإحسان عبد القدوس، وأمين يوسف غراب، ونجيب محفوظ!!! و.. أعود إلى سطور التعليق الحزين القديم فقد جاء فيه: هذا الخبر المؤسف ذهب بى إلى أجواء فيلم «فهرنهايت 451»، المأخوذ عن رواية بالعنوان نفسه ألفها الكاتب الأمريكى راى برادبرى واقتبسها فى عام 1966 فرانسوا ترافو، أحد أبرز مخرجى ما سمى فى ستينيات القرن الماضى سينما «الموجة الجديدة» الفرنسية. رقم «451» المعنون به الفيلم والرواية هو درجة الحرارة المناسبة لحرق الكتب طبقا لوحدة قياس «فهرنهايت» التى تعتمدها أجهزة دولة إرهابية وفاشية (خيالية)، بينما هى تمد سطوتها وتسلطها إلى عقول الناس وتظهر عداء واحتقارا شديدين للمعرفة والثقافة مجسدة فى الكتب بالذات، حتى إنها أسست هيئة حكومية كاملة مهمتها تلقى البلاغات والوشايات عمن يحوزون هذا الصنف من وسائل المعرفة، وبناء عليه تتحرك وحدات الفرقة المذكورة لحرق الكتب وإبادتها، واعتقال من ضبطت بحوزتهم ورميهم فى السجون أو المصحات العقلية. الشخصية المحورية فى الرواية والفيلم يدعى «جاى مونتاج» يعمل مجندا فى وحدة من هذه الوحدات، وهو يؤدى عمله ويشعل الحرائق فى الكتب بطريقة روتينية وبغير عواطف سلبية أو إيجابية، وإنما كواجب وظيفى فحسب، إذ إنه لم يختر تلك المهنة، بل ورثها عن أبيه الذى ورثها بدوره عن جد «جاى»، غير أن هذا الأخير يلتقى ذات مساء بجارته «كلاريسا ماكليلان» التى يشاع عنها أنها ربما مجنونة أو بلهاء، فقط لأنها تبدو وكأنها تفكر ولا تكف عن طرح أسئلة تبدأ كلها ب«لماذا»! ومع تتابع مشاهد الفيلم نرى كيف نجحت «كلاريسا» فى نقل عدوى التفكير (المحظور أساسا) إلى جارها «مونتاج»، فإذا به يتجرأ ويبدأ فى سؤال نفسه عن معنى حياته ومعنى السعادة.. إلخ، ومن هنا تبدأ مسيرة تحولاته الفكرية التى ستزداد وتيرتها وسرعتها بعد أن يشارك فى حرق مكتبة سيدة عجوز أصرت أن تبقى وسط النار المشتعلة فى كتبها وماتت معها. لم يمض وقت طويل حتى أوصلته هذه التحولات إلى العصيان والتمرد النهائى، ليس فقط على مهنة حرق الكتب، ولكن على النظام القمعى كله الذى صادر عقله واستلب أرواح الناس وأدمغتهم.. وفى النهاية ينخرط «رجل النار» فى جماعة المثقفين المناضلين من أجل استعادة العقول والأرواح السلبية، بل ويذهب معهم إلى المكان النائى الذى يتحصنون فيه من البطش، حيث يمضون أوقاتهم يتمتمون ويحفظون الكتب، وقد تسمى كل واحد منهم باسم كتاب معين ومؤلفه، فهذا كتاب «جمهورية أفلاطون»، وذاك «هاملت» شكسبير، وآخر تقمص كتاب «العهد القديم» أو «الكوميديا الإلهية» لدانتى.. وهكذا صار الجميع «كتبا» من لحم ودم تستعصى على الحرق وتحفظ المعارف الإنسانية لحين يأتى الخلاص!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.