بوست مازن أمان: (دخلنا دار نشر «ميريت» ليستقبلنا صاحبها الناشر محمد هاشم بحفاوة. كنت اصطحبت أصدقاء من الجامعة ليتعرفوا على الناشر الإنسان، من اشتهر بدعم الشباب والكتاب المهمشين من الدولة ودور النشر الكبيرة. حديث عن الأدب انساق إلى السياسة، وهاشم ينتقى لى ولأصدقائى كتبا نشرتها دار «ميريت» عن كل موضوع نناقشه، ويضعه ضمن الكتب التى قررنا أن نشتريها. غمز ولمز بين الأصدقاء عن ميزانيتنا والمصروف الذى طار. هاشم يضيف المزيد من الكتب الجيدة إلى مجموعتنا، متمتما لا تقلقوا، المهم أن تقرؤوا. أصابنى الإحراج، فحسبة بسيطة للكتب المتراكمة لى والأصدقاء تشى أن ما فى جيبى لن يسد النقص. هاشم يترك الكتب على المنضدة بجوار الباب، ويجرنا إلى المكتب، حيث نحتسى الشاى الساخن، ويعطينا من علبة سجائره لندخن. نهم بالانصراف، فيقسم أن نتغدى سويا، ونعتذر بسبب تأخرنا. ينادى هاشم على المحاسب، ويسأله كم حساب الكتب، فيرد 150 جنيه. هاشم يقول له أمامنا: حرام عليك، هؤلاء طلبة، ويتوجه إلىّ ويسأل: 50 جنيه كويس؟ أسأله مندهشا: الحساب كله 50 جنيه؟ فيقول للمحاسب، خلاص خد منهم 30 جنيه، فأسارع بالقول، لا يا عم محمد 50 كويس، فيقسم أن لا يأخذ أكثر من 30 جنيه. كان مصروفى الأسبوعى 20 جنيها آنذاك). بوست فيليب فكرى: (6 ب قصر النيل على بعد عدة أمتار من ميدان التحرير، الدور الأول، شقة 14، 6 ب قصر النيل، تقع أغلى دار نشر فى مصر.. دار «ميريت» للنشر، أسسها محمد هاشم عام 1998، قبل أن يعلم أنها ستصبح قِبلة للثوار، ومنارة للمعارضة النبيلة من خلال إصداراتها التى حرضت على الثورة، وفضحت ألاعيب وفساد العصر المباركى.. سرعان ما تحولت «ميريت» إلى ما يشبه «مجلس قيادة الثورة» بعدما صارت ملجأ لكل ثائر، وملاذا لكل مبدع.. قدم عم هاشم عديدا من المبدعين الذين صاروا من ألمع نجوم الأوساط الثقافية، كما قدم عديدا وعديدا من الكتب التى صارت علامات فى ثوب الثقافة المصرية. والآن لم يتسع شارع قصر النيل لدار «ميريت»، ولم يسع ميدان التحرير لاحتوائها، سيبحث هاشم عن مقر آخر بعدما أجبره مالك العقار على مغادرة المكان من أجل مليون ونصف المليون من الجنيهات، هكذا سيلجأ عم هاشم ومحبوه وكل أعضاء نادى «ميريت» للبحث عن مكان آخر من أجل حفنة من الجنيهات، تاركين رحيق أجمل أيام العمر وبقايا عظماء الثقافة، عم نجم وخيرى شلبى وسيد حجاب وغيرهم من أعمدة مصر.. كم أتمنى أن أملك هذه الجنيهات حتى أسارع فى إبقاء هذه المنارة التنويرية ولكن.. ما باليد حيلة.. «سوف أترك قلبى هنا وأمضى» هكذا قال محمد هاشم كلماته التى سبقتها دموع الرحيل). بوست إيهاب عبد الحميد: (بخصوص موضوع «ميريت»، وانطلاقا من الدور الذى لعبته الدار على مدار أكثر من عشر سنوات، ومع مئات الكتاب والفنانين ومحبى الكتابة والفنون من مختلف الأجيال. وهو دور متفق عليه ولا مجال لنقاشه هنا. لماذا لا تتدخل إحدى الجهات المهتمة بالثقافة وتشترى شقة «6 ب قصر النيل»، وتواصل تأجيرها لدار نشر «ميريت». على بالى الآن شركة «الإسماعيلية»، التى تقول على موقعها إن من بين أهدافها شراء بعض العقارات فى وسط البلد وترميمها من أجل إنشاء أماكن فنية وثقافية، وقد نفذت ذلك بالفعل فى فندق «فينواز» القديم على سبيل المثال. على بالى أيضا عدد من رجال الأعمال الذين يعرفون جيدا دور «ميريت» فى الثقافة والثورة، الذين بإمكانهم أيضا أن يلعبوا الدور نفسه، وهم كثيرون بالمناسبة. إن الاستثمار فى هذا المكان هو استثمار اقتصادى وثقافى فى وقت واحد. والمستثمر الذى يمتلك ما يكفى من السيولة سوف يستفيد كثيرا من هذه الخطوة ماديا ومعنويا. لا يجب التعامل مع «ميريت» على أنها «مشروع تجارى» بقدر كونها «مركزا ثقافيا» له طابع خاص، أزعم أنه لا مثيل له فى منطقتنا العربية كلها على الأقل. لن يضير «ميريت» كثيرا أن تنتقل إلى شقة أخرى فى شارع مجاور. لكن خروجها من مكانها التاريخى سوف يصيب الكثيرين بالإحباط، كونهم عجزوا فى الدفاع عن موقع صغير «3 أوض وصالة» يمثل لهم الكثير من الذكريات والأوقات الحلوة).