بدء المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب فى 13 محافظة .. الأثنين المقبل    رئيس الوزراء يدعو دول مجموعة العشرين «G20» للمشاركة فى مؤتمر إعادة إعمار غزة    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    محافظ القليوبية يتابع إزالة 12 حالة تعدٍ "مغمورة بالمياه " بفرع رشيد بالقناطر الخيرية    قوة إسرائيلية ترفع علم إسرائيل في ريف القنيطرة جنوب سوريا    مصر تبحث مع نيجيريا تعزيز التعاون فى مجالات الزراعة والدواء والطاقة والإنشاءات    غارات إسرائيلية تستهدف عددا من المناطق في جنوب وشرق لبنان    ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات في فيتنام إلى 55 قتيلًا    الزمالك يختتم تدريباته لمواجهة زيسكو الزامبي في كأس الكونفدرالية    نتيجة وملخص أهداف مباراة تشيلسي ضد بيرنلي في الدوري الإنجليزي    دوري أبطال أفريقيا.. بن شرقي وشريف يقودان هجوم الأهلي أمام شبيبة القبائل    إجراء قرعة إختيار 12 ألف حاج من المتقدمين لحج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    مخرجة لبنانية: مهرجان القاهرة السينمائي منح فيلمي «كلب ساكن» حياة مستقلة وفتح له أبواب العالم    زيادة قيمة جائزة رجائي عطية إلى 100 ألف جنيه.. وإعلان الشروط قريبا    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    فيه حاجة غلط، أستاذ سدود يكشف دعامات خرسانية حديثة وهبوط بجسم سد النهضة (صور)    جهود صندوق مكافحة الإدمان × أسبوع.. 450 فعالية لرفع الوعى بخطورة المخدرات    وزير الصحة يتفقد تطوير مبنى العيادات الخارجية بمستشفى الجمهورية التعليمى    رئيس الإمارات يصل إلى البحرين في زيارة عمل    خاص بالفيديو .. ياسمين عبد العزيز: هقدم أكشن مع السقا في "خلي بالك من نفسك"    صلاح يقود هجوم ليفربول أمام نوتنجهام فورست في البريميرليج    القبض على 4 سائقين توك توك لاعتراضهم على غرامات حظر السير| فيديو    الهلال بالقوة الضاربة أمام الفتح بالدوري السعودي    انطلاق معسكر مغامرات نيلوس لتنمية وعي الأطفال البيئي فى كفر الشيخ    السيدة انتصار السيسي تشيد ببرنامج «دولة التلاوة» ودوره في تعزيز مكانة القرّاء المصريين واكتشاف المواهب    قبل عرضه.. تعرف على شخصية مي القاضي في مسلسل "2 قهوة"    إصابة 4 أشخاص بنزلة معوية إثر تناول وجبة فاسدة فى الفيوم    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    غنيم: خطة الصناعة لتحديد 28 فرصة استثمارية خطوة استراتيجية لتعزيز التصنيع المحلي    علاج نزلات البرد، بطرق طبيعية لكل الأعمار    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    "رويترز" عن مسؤول أوكراني: أوكرانيا ستبدأ مشاورات مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين بشأن إنهاء الحرب    الحكم على مها الصغير في قضية سرقة اللوحات 27 ديسمبر    «من تركيا للسويد نفس الشبكة ونفس النهب».. فضيحة مالية تضرب شبكة مدارس تابعة لجماعة الإخوان    حبس المتهمين بالاعتداء على أطفال المدرسة الدولية بالسلام 4 أيام على ذمة التحقيقات    يخدم 950 ألف نسمة.. وزير الإسكان يوجه بالإسراع في تنفيذ مجمع محطات مياه بالفيوم    لاعب الاتحاد السكندري: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    إصابة 28 عاملا وعاملة فى حادث انقلاب سيارة بمركز سمسطا ببني سويف    بث مباشر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا 2025.. مشاهدة دقيقة-بدقيقة والقنوات الناقلة وموعد اللقاء    سعر اليوان الصيني أمام الجنيه في البنك المركزي المصري (تحديث لحظي)    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    دعم العمالة المصرية بالخارج وتوفير وظائف.. جهود «العمل» في أسبوع    انتخابات النواب بالخارج.. إقبال كبير للمشاركة بانتخابات النواب باليوم الأخير في السعودية وسلطنة عمان |صور    ستارمر يعلن عن لقاء دولى خلال قمة العشرين لدفع جهود وقف إطلاق النار بأوكرانيا    إدراج 29 جامعة مصرية في تصنيف QS 2026.. والقاهرة تتصدر محليا    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع في الحرارة العظمى إلى 29 درجة مئوية    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    «يوميات ونيس».. العمل الذي صنع ذاكرة جيل ورسّخ قيم الأسرة في الدراما المصرية    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    المرأة العاملة| اختيارها يحمي الأسرة أم يرهقها؟.. استشاري أسري يوضح    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد هاشم.. واحد منّا ومش هنسيبه
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 12 - 2011

أمس الأول لم يكن اليوم الوحيد الذي ازدحم فيه مقر دار ميريت بالبشر، فهذا المكان بات مثل "ترمومتر" للثورة، إزدحامه يعني أن الميدان مليئ بالثوار، يأتي بعضهم لأخذ قسط سريع من الراحة، أو الإسعاف الأولي لجرح أو إغماءة، قبل أن يعاود النزول.

لكن هذا اليوم كان مختلفا، حيث الزحام كان استعدادا لمسيرة حاشدة ردا على اتهام الناشر محمد هاشم بتحريض البلطجية على أعمال الحرق والتخريب.

والذين التفوا حول هاشم يومها كانوا أصحاب وجوه معروفة. شعراء وأدباء وناشرون وتشكيليون وسينمائيون من أجيال مختلفة، ملأوا مدخل العمارة الواقعة في شارع قصر النيل، ودرجات السلم القديم الضيق المؤدي إلى الدار.

إبراهيم عبد المجيد وعبد المنعم رمضان ومجدي أحمد علي وشعبان يوسف وفاطمة البودي ومحمد العدل ورامي عصام وغيرهم من المثقفين، أخذوه من يده ونزلوا به إلى الشارع في مسيرة إلى ميدان طلعت حرب حيث ينتظرهم آخرون.

أحاطوه بدفء وهم يهتفون: "سيبوا الورد يفتح سيبوا، هاشم منّا ومش هنسيبوا"، وهو سائر بينهم وعينه تقاوم دموع الفرح بمحبة الأصدقاء وغير الأصدقاء، نفس الدموع التي ترغرغت في عينه يوم جاءه خبر فوزه بجائزة نادي القلم الدولي من ألمانيا، والتي تعطى لدار نشر خدمت العمل الوطني، وساندت الكتاب المناضلين، وهو ما استحقته ميريت، حيث وقفت وراء الكتابات والحركات السياسية المحترمة، منذ أنشئت في 1998، ومن أبرزها حركة "كفاية"، و"أدباء وفنانون من أجل التغيير"، واحتضنت أبرز الوجوه الثقافية والسياسية التي غضب عليها النظام القديم، وباركتها أسماء بحجم أحمد فؤاد نجم وسيد حجاب وإبراهيم منصور وصنع الله إبراهيم وغيرهم.

بعد قليل، سوف تتهلل أسارير الكتاب والفنانين الداعمين لهاشم، وتتعالى صيحاتهم فرحا، ويشيرون بعلامة النصر، للمسيرة التي أتت من ميدان التحرير لدعمهم، ليلتحم الجمعين ويذوب المثقفين في نسيج المواطنين الثوار، فينتبه أحدهم ويتذكر الاتهام القديم للمثقف بأنه يعيش منفصلا عن الشارع.

الداخل من باب الدار طوال أيام الاعتصامات، سوف يجد الصالة الصغيرة، التي غطيت حوائطها بالكتب، مليئة بالشباب الثائر، الخارج عن وصاية المنظرين، يأكل "لقمة" سريعة، يشرب شايا دافئا، وتتبدل الوجوه بين ساعة وأخرى.

على اليسار طرقة قصيرة تصل بين غرفتين، الأولى هي مخزن للكتب، والبطاطين، التي يتم توزيعها على المعتصمين، والثانية تتحول إلى عيادة صغيرة لعمل إسعافات أولية للمصابين، وفي أيام المليونيات، تتجلى أغاني الشيخ إمام من مكبرات الصوت أمام مقر الدار:
"مصر يامه يا بهية، يا ام طرحة وجلابية
الزمن شاب وانت شابة، هو رايح وانت جاية.."

فصاحب المكان مؤمن بأن الثقافة والفن هما السلاح الأشد فتكا بالقمع والظلام، وهو دائما مشغول، إما متسمرا أمام شاشة الكمبيوتر في الغرفة الرئيسية، يتابع الأحداث، أو منهمك في محادثة تليفونية مع الرفاق هنا أو هناك، وإذا قام من مكانه لأخذ جولة في الميدان للإطمئنان، فإنه يبث طاقة عجيبة في قلوب الموجودين، فينفضون التعب وينزلون معه، يتوه منهم في الزحام، ثم يجدونه ملتحما بمسيرة تلف حول "الصينية" التي في قلب الميدان وهو يصفق بحماس: "يسقط يسقط حكم العسكر".

وإذا زاد التعب على العاملين معه بالدار، ولمح في عيونهم أقل قدر من الكلل، ينبههم بقسوة إلى أنه طالما استمرت الثورة "لن يُغلق هذا الباب في وجه أحد"، فيعودون إلى أدراكهم، ويقوم عبد الله بعمل "دور شاي" للموجودين، أو النزول وجلب "شوية بقالة" للعشاء، ويقوم الشباب من أصدقاء المكان بحمل البطاطين لتوزيعها في الميدان، ربما تكون أرخص أنواع البطاطين، لكنها تفي بالغرض.

أيام الاعتصامات، ربما يتعثر زائر ميريت في حقيبة بلاستيكية مليئة بالأدوية التي تبرع بها الأصدقاء، تزيد عليها حقائب مشابهة تحوي خوزا وكمامات في أيام ضرب قنابل الغاز، بعد أن جمع الأصدقاء نقودا من بعضهم البعض بحسب ما تيسر، لشرائها وتوزيعها على المتظاهرين. حيث كان سعر الكمامة في الميدان 10 جنيهات للواحدة.

وبالطبع لا يعتبر هاشم توزيع هذه الأدوات تهمة، بل إنه أصر على تكملة المشوار: "طول ما فيا نفس هعمل كده"، تسأله صحفية: ماذا عمن لا يعرفون ميريت ودورها في الثورة، سوف يصدقون أنك توزع هذه الأشياء على البلطجية؟. يجيب: "لو أن توزيع لقمة جبنة تسد جوع متظاهر، أو خوزة تحميه من الحجارة التي يرميها العسكر، فأنا أتشرف بهذه التهمة، والأيام سوف تثبت أن هؤلاء ليسوا بلطجية".

وهاشم "ثورجي" بامتياز، لا يقبل بالحلول الوسط، يلوم على النخبة التي على استعداد للتفاوض سياسيا مع المجلس العسكري، يرى أن هذا كان ممكنا قبل أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، لكن الأمر قضي، ولا بد من "رحيل المجلس العسكري، وعلى النخبة التي تهتم بالحصول على كرسي في مجلس الشعب أن ينزلوا لمساندة الفتيات والشباب الذين يقتلون وتنتهك أجسادهن في الشارع"، يقولها هاشم في مداخلة ساخنة مع برنامج "اليوم مع دينا عبد الرحمن" مساء الأحد الماضي، فلا تمر 24 ساعة إلا ويتهم بأنه يدعم البلطجية، وتنقلب عليه الدنيا، يحاول الإعلامي وائل الإبراشي الاستفسار منه عما حدث تليفونيا، ويتضمن رأيه كلاما حول الإسلاميين وأنهم تحالفوا مع العسكر، فيتهمه أحد قيادات السلفية بالحقارة، ينقطع الاتصال، فلا يستطيع هاشم الرد، لم يعرف الشيخ السبب وراء عدم وجود هاشم أمامه على الهواء، لم يعرف أن المثقفين والشباب الذين احتوتهم "ميريت" منعوه من الذهاب إلى مدينة الإنتاج الإعلامي وحده خوفا على هاشم الذي هو: "واحد منّا ومش هنسيبه".

اقرأ أيضا:
* اتحاد الناشرين الدولى يتضامن مع الناشر محمد هاشم

* مثقفون يرفضون اتهام الناشر محمد هاشم بالتورط في أحداث مجلس الوزراء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.