مشاعر مختلطة انتابتني لحظة أداء الرئيس عبد الفتاح السيسي لليمين الدستورية بالمحكمة الدستورية العليا اليوم ، ومتابعة المراسم التي لم أعشها من قبل خلال عمري كله . فلم يحدث في تاريخنا المعاصر أن ترك أحدهم السلطة ليتولى أخر ويتبادلا التحية في مشهد حضاري كهذا ، أقل ما يُقال فيه أنه يليق بمصر وشعبها وتاريخها . مشاعر تراوحت بين الفرح والدموع ، الارتياح والتوّجس خيفة ، الفخر المصحوب بالرهبة .. أمتلئ وجداني عن أخره برجفة اختلطت فيها كل معاني الحب لهذا الوطن سقط في سبيله وسبيل بقاؤه ألاف المصريين ،بل ملايين المصريين على مر العصور . ولم أستطع أن أمنع نفسي من استدعاء صور المصريين على كوبري قصر النيل وهم يكسرون حاجز خوفهم بعد سنوات التجريف والعناد والإصرار على بقاء مصر تحت عجلات الزمن ، يأبى بعض كهنة المعابد أن يتركوها تتحرر وتنفض عنها تراب الأزمنة الغابرة . تركوها تئن من فرط ما فعلت بها أيادي الفساد والإهمال ، فأرغمها الشعب المصري على التنحي جانباً سعياً لتحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والاستقلال الوطني الذي بهم وحدهم تعود مصر بهيّة من جديد ، ليأتي "غراب أسود" أراد استغلال الأمر ليوّظف ما حققه المصريين من انتصار شعب إلى نصر شخصي يخدم أهداف الأهل والعشيرة. فيكمل المصريين النضال لتحريرها مرة أخرى بعد أن تم اختطافها ، لتعيش مصر وأهلها ملحمة وطنية سيتوقف التاريخ عندها كثيراً . كما إقبال الوفود العربية والأجنبية على تهنئة مصر والقدوم إليها في مشهد كرنفالي احتفالي ، أثار في نفسي الشجون بعد سنين من معاملة المصريين في كثير من الدول بامتهان كنتيجة منطقية لتقصير من يديرون شئون البلاد في إدارة علاقات دولية متميزة سواء مع دول الجوار أو مع الدول التي تشتبك معها بمصالح إقليمية . أما اليوم ، " أرفع راسك فوق أنت مصري " .. " أرفع راسك فوق أنت مصري " . أدركت مصر و أدرك العرب أخيرا انه لا سبيل للنجاة سوى الالتحام والوقوف جنباً إلى جنب ضد مؤامرة بدأت بسقوط العراق وامتدت لتشمل المزيد باحتواء ثورات الشعوب العربية وتحويل مسارها لتخدم أجندتها الخفية ترتدي فيها قناع الثوريين الذين تحرّكوا بوازع وطني للدفاع عن أوطانهم ضد الاستبداد وتندّس بخُبث لتزرع الفتن بين أبناء الوطن الواحد. الآن يمكننا أن نصطف كتفاً بكتف لإعادة أعمار أوطاننا ومقاومة مجلس إدارة العالم وخططه التي لا تنتهي عبر العصور مستهدفة موارد بلداننا العربية وما تتمتع به حدودنا من مواقع جغرافية تمثل مخاوف حقيقة لديه لكونها ليست تحت سيطرته . واليوم ومصر يعود لها بهاؤها أقول .. اليوم هو تنصّيب مصر وليس أي شخص أخر . وبعد أن قام رئيس جمهورية مصر العربية الجديد بأداء اليمين الدستورية أقول له : لا تخذل شعباً منحك ثقته. لا تخيّب ظن أمهات الشهداء اللاتي رأين فيك ولدهن اليوم. لا تنسى أن : " العدل أساس المُلك .. إذا سقط العدل سقط المُلك " وفقك ربي إلى ما فيه خير هذا الوطن الطيّب أهله . عاش نضال الشعب المصري .. والمجد للشهداء .