اكد المجلس القومى لحقوق الإنسان فى تقريره الخاص بلجنة تقصى الحقائق والتى شكلها المجلس برئاسة منال الطيبى عضو المجلس، حول الاعتداءات الطائفية التى وقعت إثر فض تجمعى رابعة والنهضة والتى طالت المواطنين المسيحيين ودور عباداتهم وممتلكاتهم، والتى شكلت انتهاكات جسيمة وصارخة لحقوق الإنسان أن جماعة الإخوان ومناصريها من التيار الإسلامى شكلوا اعتداءات ممنهجه على دور العبادة والمنشأت العامة. وقد قام المجلس بإحالة التقرير للجنة تقصى الحقائق حول 30 يونيو والمشكلة بموجب قرار من رئاسة الجمهورية "لجنة قومية مستقلة لجمع المعلومات والأدلة وتقصى الحقائق، التى واكبت ثورة 30 يونيو 2013 وما أعقبها من أحداث". وقالت اللجنة التى شكلها المجلس فى تقريرها إنه على الرغم من أن مصر قد شهدت من قبل اعتداءات طائفية متفرقة ضد المواطنين المسيحيين ودور عباداتهم وممتلكاتهم على مدار عقود زمنية مضت، إلا أن ما حدث بعد فض تجمعى رابعة والنهضة فى 14 أغسطس 2013 كان أمرا مختلفا من حيث حجم وجسامة الاعتداءات، وحدوثها فى وقت واحد وعلى نطاق واسع شمل 17 محافظة من محافظات مصر، وكذلك أيضا فى "منهجية" هذه الاعتداءات. ورصد التقرير قيام أنصار ومؤيدو الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسى "رئيس الجمهورية السابق" عقب فض تجمعى رابعة والنهضة بعدد كبير وواسع ومتنوع من الاعتداءات التى استهدفت المواطنين المسيحيين ونالت منهم ومن دور عبادتهم وممتلكاتهم، الأمر الذى أدى إلى تنامى مخاوف هؤلاء المواطنين وشعورهم بالاضطهاد على أساس هويتهم الدينية، خاصة مع عجز الجهات المسؤولة فى الدولة عن حمايتهم وحماية ممتلكاتهم، الأمر الذى يجدد هذه المخاوف فى كل مرة، ويجعلها مستمرة ومتعاظمة حتى بعد انتهاء الحدث أو الاعتداء، مما يعكس واقع الشعور الدائم لدى هؤلاء المواطنين بالاضطهاد وعدم الأمن والاستقرار. وأضاف: لقد شملت الاعتداءات الطائفية اعتداءات على الكنائس سواء بالتدمير الكامل أو الجزئى، منازل، محلات وممتلكات، مدارس، أديرة، ملاجئ، جمعيات، مكتبات، سيارات، كما تضمنت الاعتداءات عمليات قتل وسحل وحرق وسرقة ونهب. فعلى الرغم من أن الاعتداء الأساسى كان على حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، إلا أن ذلك أدى لانتهاك عدد كبير أخر من حقوق الإنسان يأتى فى مقدمتها الحق فى الحياة، الحق فى الأمان الشخصى والسلامة الجسدية، الحق فى الملكية، الحق فى السكن، حقوق الطفل، الحق فى التنظيم، الحق فى التعليم، الحق فى العمل، وغيرها من الحقوق الأساسية التى كفلتها كافة المواثيق الدولية التى وقعت وصدقت عليها الدولة المصرية وأصبحت ملزمة لها. وقد سجلت لجنة تقصى الحقائق عدة ملاحظات من بينها، أن الاعتداءات التى شهدتها محافظات الوجه القبلى اتخذت شكلا ممنهجًا ومنظما يكاد أن يتطابق فى العديد من الحالات فى تفاصيله تمثل فى مظاهرات قامت فى وقت واحد وذلك فى صباح يوم 14 أغسطس 2013، تمر المظاهرات فى خط سير معلوم على الكنائس والجمعيات وجميع ممتلكات المسيحيين وتقوم باقتحامها عنوة، القيام بقطع المياه عن المبنى أو عن المنطقة وأحيانا أيضا الكهرباء، نهب وسلب المكان، ثم القيام بإحراقه. ويسبق كل ذلك أو بالتزامن معه مهاجمة قسم أو مركز الشرطة الواقع فى المنطقة. كما رصدت اللجنة علامة أكس (X) تم وضعها على منازل ومحلات المواطنين المسيحيين لتمييزها عن منازل ومحلات المواطنين المسلمين وذلك حتى يسهل على المعتدين مهاجمتها. إلا أنه ومن خلال عملية الرصد، إتضح لفريق عمل اللجنة أن الاعتداءات التى وقعت بمحافظات الوجه البحرى لم تتسم بنفس التنظيم وبنفس المنهجية التى وقعت بها فى محافظات الوجه البحرى، وما وقع منها كان يتسم بالشكل العشوائى. كما شهدت الاعتداءات فى محافظات الوجه القبلى نطاقًا أوسع من حيث تنوع الاعتداءات وعددها ومنهجيتها عن محافظات الوجه البحرى، حيث شملت المواطنين المسيحيين منتهكة حقهم فى الحياة والسلامة الجسدية والحرية والأمان الشخصى لهم وكذا حقهم فى السكن والتعليم والعمل والملكية والتنظيم وحقوق الطفل وحقوق المرأة، كما طالت الاعتداءات المنشآت العامة والخاصة وبخاصة دور العبادة. أما فى محافظات الوجه البحرى لم تنال الاعتداءات من المواطنين المسيحيين - سوى حادثة سائق التاكسى بالإسكندرية - ولكنها طالت المنشآت ودور العبادة فقط، وما حدث من وقائع اعتداء على الأشخاص بهذه المحافظات (الوجه البحرى) كانت بهدف قتل عدد من رجال الشرطة والجيش المسؤولين عن تأمين المنشآت ودور العبادة، ولم يتم بدافع عقائدى أو طائفى ولكن وقع بسبب وجودهم فى تلك الأماكن لتأدية واجبهم فى التأمين في أثناء الأحداث. وحملت اللجنة فى تقريرها جماعة الأخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وكذلك الجماعة الإسلامية المسؤولية الكاملة عن التحريض على الاعتداءات الطائفية التى حدثت بعد فض تجمعى رابعة والنهضة، حيث رصدت اللجنة قيام هذه الجهات بالتحريض على الاعتداء على المسيحيين وقياداتهم الروحية فى العديد من المناسبات. كما جاءت شهادة الشهود لتؤكد على تورط الجماعة الإسلامية جنبا إلى جنب جماعة الأخوان المسلمين فى غالبية حوادث الاعتداء سواء على دور العبادة أو ممتلكات المسيحيين أو على أقسام ومراكز الشرطة وذلك فى قرى صعيد مصر. وتابع التقرير: كما ساعدت ظاهرة انتشار الأسلحة المهربة عبر الحدود المصرية بكثافة فى محافظات الصعيد على عدم قدرة قوات الأمن على مواجهة تلك الجماعات المهاجمة المسلحة بأسلحة ثقيلة (أر بى جى – جرينوف)، وعلى الرغم من تعرف المواطنين المسيحيين على الكثيرين ممن قاموا بالاعتداء عليهم وعلى ممتلكاتهم إلا أن الأغلبية كانت ترفض الإدلاء بهذه الأسماء خوفا من الانتقام. وأضاف التقرير أن عدة عوامل مثل الفقر والجهل وغياب التنمية عن الكثير من قرى الصعيد لعبت عاملا أساسيا فى انتشار الأفكار المتطرفة وتوسع وتنوع الاعتداءات الطائفية فى هذه القرى عنها فى محافظات الوجه البحرى (قرية دلجا نموذجا).