لم أكن من أشد المتحمسين لمسيرة أول من أمس، لم أكن متأكدا من جدواها سياسيا، لكننى فى أشد لحظات تشاؤمى لم أتصور أنها قد تتطور لما شهدناه على مدى اليومين الماضيين. الآن وبما أن المسيرة وما تلاها من أحداث قد وقع بالفعل أصبح لدىّ أسئلة كثيرة: لماذا لا يظهر البلطجية إلا عند الاحتكاك بالجيش؟ ولماذا يلتزم الجيش والشرطة الحياد وأقصى درجات ضبط النفس فقط عندما يكون المشهد مليئا بالبلطجية؟ وهل هناك تضاد بين ضبط النفس وحماية أرواح المدنيين الثوار من هجوم البلطجية عليهم؟! لماذا لم يمنع الجيش التظاهر أمام قصر عابدين وقصر الرئاسة بمصر الجديدة أيام الثورة ويمنع الآن مسيرة سلمية باتجاه وزارة الدفاع مقر المجلس العسكرى الذى يحكم البلاد؟! هل دار بخلده مثلا أن المتظاهرين سيقتحمون مبنى الوزارة؟ هل الثوار حقا بهذا الغباء؟ وإذا كان المجلس العسكرى يرى أن الثوار بهذا الغباء أو ربما يندس بينهم حملة الأجندات، لِم لم يتخذ لنفسه مقرا منفصلا يسمح لمن يريد أن يتظاهر سلميا بأن يتقى هذا الحرج وفى الوقت نفسه يحافظ على مبنى وزارته؟ لماذا يصر المجلس على أن يوحى للجميع أن التظاهر ضده أو انتقاده هو انتقاد لكيان الجيش العظيم؟ لماذا يقع أعضاء المجلس العسكرى فى الخطأ نفسه الذى تقع فيه التيارات السياسية الدينية عندما توحى للجميع أن الاعتراض على أعضائها هو اعتراض على دين الله ومقدساته؟! لماذا يقدم المجلس اتهاماته بالتخوين والعمالة للإعلام ولا يقدمها للقضاء، وهو الذى ينادى بدولة القانون؟ لماذا يصدر المجلس العسكرى أحكاما صريحة بتورط الحركات السياسية فى خيانة وطنية وينشر هذه الأحكام مطمئنا إلى أن الناس لن تراجعه فيها، لأنها صدرت عن رجال يرتدون الميرى؟ لماذ يحرص المجلس على حرق رجاله واحدا تلو الآخر ويباعد بينهم وبين قلب الثورة بتصريحاتهم؟ هؤلاء الرجال الذين أحببناهم لماذ يتورطون بهذه السهولة فى أخطاء ساذجة؟ اللواء شاهين ثم اللواء الفنجرى ثم اللواء الروينى. إذا كان اللواء الروينى يعرف أنه هناك مسيرة فلماذا لم يتعامل معها بذكاء وحكمة ليوفر على الجميع الصدام والمهاترات بدلا من الإيحاء للناس أن العملاء سيهاجمون الجيش وأن الجيش لا حول له ولا قوة فى هذه المواجهة المحتملة؟ هل كان اللواء الروينى يراهن على فكرة «سيبوهم يغلطوا»؟ ولماذا يتصيد المجلس العسكرى للثوار الأخطاء بالفعل بدلا من كسبهم فى صفه؟ وسؤالى للثوار: طالما عارفين إن فيه تربص اتحركتوا ليه؟،طالما عارفين إن الجيش بيسلم الثورة للأهالى وبيديهم ضوء أخضر لمقاومتها لماذا وقعتو فى هذا الفخ؟، ما دمتم تعرفون جيدا أن المجلس العسكرى يهزمكم أمام الشعب بألعاب سياسية ساذجة مستوحاة من ألعاب النظام السابق لماذا تقابلون هذه الألعاب بثورية محضة خالية من أى فكر سياسى؟ وما الحكمة من التورط فى صدامات دموية متوقعة؟ هل يصح أن يظهر انقسام الثوار فى موقف مثل موقف العباسية وتضارب الآراء: نرجع التحرير ولا ما نرجعش؟! وهل سيكون ثوار التحرير على قدر من الفطنة السياسية التى تحول بينهم وبين صدامات جديدة يوم الجمعة القادمة مع مليونية الإسلاميين؟ طالما اللواء الروينى عارف إنه فيه مخطط لتدمير الدولة، التدريب عليه فى النرويج يقوم على تدمير الشرطة ثم الإعلام ثم الاقتصاد ثم القضاء ثم رئيس الدولة ثم وزارة الدفاع على التوالى.. طيب سكتوا ليه فى كل المراحل السابقة لحد ما المخطط قرب من وزارة الدفاع؟ مجموعة «إحنا آسفين يا ريس» التى ألقت القبض على أحد النشطاء من الشارع وهللت على الإنترنت بهذا الانتصار بتقبض على الناس بأى صفة؟ وهل يمولهم أحد ليحولوها إلى حرب أهلية؟ لماذا يقع المجلس والثوار فى الخطأ نفسه بالنسبة إلى اختيار من يتحدث للإعلام فإذا كان المجلس يختار من يصنع بكلامه فجوة بين الثورة والجيش فالثوار يختارون أحيانا من يصنع بانفعالهم المبالغ فيه فجوة بين الثورة والشعب؟ من المسؤول عن أن معظم الشعب المصرى لا يعرفون لماذا قامت الثورة؟ ومن الذى سيستفيد عندما تخسر الثورة شعبيتها فى الشارع؟ ومن المسؤول عن الإيحاء المتكرر للناس أن تردى الأحوال الاقتصادية مسؤولية الثوار؟ من الذى يتورط فى تنويمهم مغناطيسيا وإلهائهم عن حقيقة التقصير فى إدارة شؤون البلاد؟ سؤالى الأخير: هل يعرف رجال الجيش القيمة الحقيقية للشرفاء الذين يشوهونهم مجانا؟ أعتقد أنهم يعرفون قيمتهم جيدا، فهؤلاء الشرفاء هم الذين مهدوا الأرض أمام المجلس العسكرى حتى يصلوا إلى الحكم.. ربما هنا تحديدا تكمن المشكلة.