على الرغم من جهود وزيرة القوى العاملة والهجرة ناهد حسن عشرى للحفاظ على وضع مصر على قائمة الملاحظات الطويلة للدول التى تعمل على تحسين أوضاع العمال، فإن إجراءات الحكومة الحالية فى إقرار قانون الحريات النقابية والذى ظل حبيس أدراج المجلس العسكرى إبان المرحلة الانتقالية الأولى فى حكومة الدكتور عصام شرف حتى وصل حكومة محلب دون أى إجراءات حقيقية تضمن استقلال العمل النقابى. فى حين جاءت التشريعات الإجرائية للعمال عبر تعديل المحاكم وسبل التقاضى فى المنازعات بين أصحاب الأعمال والعمال، فضلاً عن أن المجلس القومى للحوار المجتمعى لم يثنِ منظمة العمل الدولى عن قرارها بحسب لجنة الخبراء إدراج اسم مصرعلى قائمة الملاحظات القصيرة "القائمة السوداء " والتى لازمت مصر إبان النظام السابق، نظرًا لوجود عوار تشريعى بقانون 35 لسنة 1976 ومخالفته للاتفاقيات الدولية رقم 87 الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم. من جانبها توقعت وكالة العمال العرب عبر مصادرها بلجنة الخبراء بمنظمة العمل الدولى أن هناك شبة إجماع بين خبراء العمل الدولى على لإدراج اسم مصر بالقائمة الملاحظات القصيرة "السوداء"، ضمن فاعليات مؤتمر العمل الدولى فى جينيف يونيو المقبل وأوضحت المصادر أن المنظمة اعتمدت على تقارير ميدانية ونظرية أعدتها نقابات واتحادات عمالية مستقلة تتضمن عمليات لانتهاك حقوق العمال من فصل تعسفى وغلق مصانع ووقْف نقابيين عن العمل ومواجهة الاحتجاجات العمالية بالعنف وبالكلاب البوليسية وإطلاق الرصاص على العمال، إضافة لوجود قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 سيئ السمعة الذى يجرم الإضراب ويجعل من تنفيذه أمرًا مستحيلاً، هذا بالإضافة إلى عدم صدور قانون للنقابات العمالية بخلاف القانون الحالى الذى يعطى الحق للحكومة ممثلة فى وزارة العمل بالتدخل فى شؤون النقابات. ومن جانبه علق الباحث العمالى ومدير مؤسسة البيت العربى لحقوق الإنسان مجدى عبد الفتاح، أن إدارج مصر ضمن القائمة السوداء، بسبب الانتهاكات التى تمارسها الدولة فيما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أمرًا طبيعيًّا، خاصة وأن منظمة العمل الدولية قدمت أكثر من مرة ومنذ حكومة شرف توصياتها من أجل أن تتخطى مصر وضعها بالقائمة السوداء، لكن الحكومة المصرية لم تأخذ تلك التوصيات بعين الاعتبار، وأوضح عبد الفتاح أن التوصيات شملت إطلاق الحريات النقابية، وضرورة وضع حد أدنى للأجور، وتدريب العمال، وقانون العمل، وعودة المفصولين، إلا أن الحكومات المصرية المتعاقبة أعطت المنظمة وعودًا دون آليات لتحقيقها. فبرغم القرار الإدارى الذى أصدره وزير العمل الأسبق أحمد البرعى بإطلاق الحريات النقابية، فإن القانون لم يصدر حتى الآن، ولم تقدم الحكومة أسبابًا واضحة؛ فكانت النتيجة أن لدينا أكثر من 2000 نقابة لا تتمتع بأى غطاء قانونى إلى جانب أكثر من 3 مليون عامل بالقطاع الخاص يعملون دون معايير العمل اللائق و12 مليون عامل فى مصر محرومين من الحماية القانونية والتأمينات والضمان الاجتماعى، الوضع الذى يتطلب ضرورة إصدار قانون عمل جديد يحمى حقوق العمال ويضع آليات واضحة لدور الدولة. وطالب عبد الفتاح من السلطة التنفيذية فى مصر ضرورة احترام إرادة المواطنين المصريين فى مطلب العدالة الاجتماعية باتخاذ تدابير حقيقية وملموسة وإصدار التشريعات التى يمكن أن تساهم فى تحقيقها. وعلى صعيد متصل أصدر "الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة" بيانًا أدان ما يحدث للنقابيين من تعسف بسبب نشاطهم النقابى وطالب وزيرة القوى العاملة والهجرة بوقف التعسف ويطالب فورًا بضرورة إلغاء وقف عمال شركة تاون جاس ولورد والتوقف عن الضغط على عمال البولى بروبلين ومحاولات إجبارهم على دخول الاتحاد العام. وكذلك يطالب الاتحاد بتنفيذ مطالب العمال فى الثلاثة مواقع كما يطالب بسرعة إصدار قانون الحريات النقابية، ويحمل الاتحاد الحكومة المصرية ورجال الأعمال المصريين نتيجة أفعالهم فى التعسف ضد العمال ونتيجة الامتناع عن إصدار قانون الحريات النقابية من بقاء مصر فى القائمة السوداء لدى منظمة العمل الدولية وما يترتب عليها من عقوبات. من جانبها أرسلت وزيرة القوى العاملة والهجرة ناهد حسن عشرى خطابات لكل الاتحادات الست المسجله لدى وزارة القوى العاملة لتتمكن الوزراة من تشكيل الوفد المصرى من النقابات لمخاطبة المنظمة خلال المؤتمر المزمع انعقاده بجينيف يونيو المقبل.