في الوقت الذي نفت فيه وزارة الدفاع الروسية الاتهامات الأمريكية بخرق الأجواء الأوكرانية، وأكدت الوزارة أن أجهزة الرصد الروسية لم تسجل أي خروقات لأجواء الدول المجاورة لروسيا، بما فيها أوكرانيا، دعت موسكو إلى إطلاق سراح المراقبين العسكريين التابعين لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، الذين احتجزتهم كتائب المقاومة الشعبية في سلافيانسك يوم الجمعة الماضية. واعتبر أندري كيلين، مندوب روسيا الدائم لدى المنظمة أن احتجازهم لايساهم في نزع فتيل الأزمة. وقال: «نحن نعتقد أنه ينبغي الإفراج عن هؤلاء الأشخاص في أسرع وقت ممكن»، وأضاف: نحن لسنا على علم بحثيات ما جرى معهم ولا أين هم الآن، لكننا كغيرنا من أعضاء منظمة الأمن والتعاون الأوروبي قلقون جدا مما حدث». وأضاف أنه على حسب علمه فقد قام أعضاء الوفد بزيارة جريئة إلى منطقة متوترة هي دونيتسسك التي ينتظر سكانها كل لحظة بدء العملية العسكرية ضد المحتجين المدنيين. وأوضح أن وفد المراقبين جاء إلى أوكرانيا بدعوة من كييف وأن «السلطات الأوكرانية هي التي تتحمل مسؤولية ضمان أمن الوفد». وكانت كتائب المقاومة الشعبية في سلافيانسك أعلنت في وقت سابق اليوم أنها تنوي مبادلة المراقبين العسكريين الأجانب المحتجزين لديها بأسرى لها لدى الجانب الأوكراني بينهم المحافظ الشعبي لمقاطعة دونيتسك بافل جوباريف المعتقل في كييف. وقال دينيس بوشيلين القائم بأعمال حكومة جمهورية دونيتسك الشعبية إن كتائب المقاومة الشعبية تشتبه بقيام المحتجزين بأعمال تجسس لصالح الناتو. وأضاف أن وفد المراقبين العسكريين الأجانب المحتجز ضم أيضا ضباطا من هيئة الأركان الأوكرانية، مشيرا إلى أن كتائب المقاومة تنوي مبادلتهم بأسرى لها بينهم المحافظ الشعبي لدونيتسك بافل جوباريف المعتقل في كييف، مشيرا إلى كتائب المقاومة تتعامل بصورة حسنة مع المحتجزين. وكان المحافظ الشعبي لمدينة سلافيانسك فياتشيسلاف بونوماريوف قال إن مناصري الفيدرالية أوقفوا عند أحد الحواجز باصا يقل 12 شخصا أربعة منهم ضباط يعتقد أنهم من هيئة الأركان الأوكرانية والباقون ضباط سابقون وعاملون من دول أوروبا. وقال بونوماريوف إنه عثر بحوزتهم على خرائط عسكرية لسلافيانسك حددت عليها أماكن الحواجز، وذخائر، وإشارات عسكرية. كما عرض بونوماريوف على الصحفيين وثائق عدد من الضباط المحتجزين. من جانبها، أكدت منظمة الأمن والتعاون في أوروباأن الضباط المحتجزين هم فعلا مواطنو بعض الدول الأعضاء فيها، لكنهم تابعون لبعثة أخرى وصلت إلى أوكرانيا بدعوة من كييف وفق اتفاقية فيينا الموقعة عام 2011. وأضافت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن مجموعة الضباط المحتجزين تضم أربعة مواطنين ألمان ومواطن واحد من كل من التشيك والدنمارك وبولندا والسويد. وتنص اتفاقية فيينا على أن أية دولة عضو في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تستطيع أن تدعو خبراء من الدول الأخرى التابعة للمنظمة للمراقبة على النشاط العسكري على أراضيها. وعلى خلفية التصعيد المتبادل بين موسكو من جهة وواشنطن وحلف الناتو من جهة أخري، بحث وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره الألماني فرانك فالتير شتاينماير في مكالمة هاتفية تطورات الأوضاع في أوكرانيا. وذكرت وزارة الخارجية الروسية أن المكالمة الهاتفية جاءت بمبادرة من الجانب الألماني، مشيرة إلى أن الوزيرين ناقشا تطورات الأزمة الأوكرانية. وشدد الوزيران أثناء الاتصال على ضرورة اتخاذ الإجراءات التي تهدف إلى تهدئة الوضع في أوكرانيا. ومن الواضح أن أوروبا بدأت تكشف عن انزعاجها من الضغوط الأمريكية بشأن فرض عقوبات جديدة على روسيا. فقد أعلن مايكل مان السكرتير الصحفي للمفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون أن الاتحاد أخذ بعين الاعتبار تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة حول تشديد العقوبات ضد روسيا، إلا أنه «يملك نظامه الخاص باتخاذ القرارات». وقال مان إن المفوضية الأوروبية وجهاز السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي «قد انتهيا من تنفيذ جزء كبير من العمل حول تحضير عقوبات المرحلة الثالثة ضد روسيا، إلا أنه لا توجد أي مهل زمنية لتفعيلها، وأكد أنه لفرض هذه العقوبات «يتعين اتخاذ قرار سياسي مستقل من قبل دول الاتحاد الأوروبي»، مضيفا أنه لا يستطيع أن يحدد أي نشاطات معينة تستطيع أن تسفر عن فرض العقوبات الاقتصادية، إذ أن الحديث قد يدور حول خرق اتفاقيات جنيف. كما امتنع المسؤول الأوروبي عن التعليق على نص حزمة العقوبات الأوروبية ضد روسيا، مؤكدا أنه لا يعلم شيئا عن تصريحات بعض البرلمانيين الأوروبيين عن فكرة التخلي عن إنشاء أنبوب «السيل الجنوبي» لنقل الغاز. وكان مايكل مان قد صرح في وقت سابق أنه سيجري النظر في «المرحلة الثالثة» (من الإجراءات الاقتصادية، ومسألة العقوبات الإضافية من (المرحلة الثانية) أي توسيع «القائمة السوداء» للمسؤولين والسياسيين الروس الممنوعين من دخول أوروبا وإيداع الأموال في البنوك الأوروبية)، سيتم النظر فيها يوم 12 مايو المقبل خلال اللقاء الدوري لرؤساء الدول والحكومات الأوروبية في بروكسل. وظهر تعبير «مراحل» العقوبات الاقتصادية ضد روسيا في أعقاب القمة الطارئة للاتحاد الأوروبي في 6 مارس الماضي، التي نص بيانها الختامي على أن «المرحلة الأولى» منها هي إلغاء قمة روسيا-الاتحاد الأوروبي المقررة في يونيو المقبل، ووقف المباحثات حول التأشيرات والشراكة مع روسيا، التي تراوح مكانها بسبب الموقف المتصلب لبروكسل خلال العامين الأخيرين. أما «المرحلة الثانية» فتنص على إنشاء «قائمة سوداء» لأسماء المسؤولين الروس، الذين حسب رأي الاتحاد الأوروبي «يتحملون مسؤولية زعزعة الاستقرار في أوكرانيا». وتحوي هذه القائمة في الوقت الراهن 33 اسما لمسؤولين وبرلمانيين، فيما تحوي «المرحلة الثالثة» عقوبات اقتصادية تقف نصف دول الاتحاد الأوروبي ضدها خوفا من إلحاقها ضررا بأوروبا أكبر منه بروسيا، هذا ويتوافق الدبلوماسيون الأوروبيون خلال الأحاديث الخاصة بينهم على أن الاتحاد الأوروبي لن يستطيع الامتناع عن فرض العقوبات الاقتصادية في حال دخول قوات روسية إلى أوكرانيا.