المئات من الشباب تزاحموا بالمسرح المكشوف بدار الأوبرا مساء الأربعاء لحضور حفل توقيع ومناقشة رواية "1919" لكتابها أحمد مراد، الصادرة عن دار الشروق، بعد ثلاث روايات حققت مبيعات قياسية، واستمرت في قائمة "الأكثر مبيعا" حتى بعد صدور روايته الرابعة. حضر الاحتفال مجموعة من الكتّاب والمثقفين بجانب جمهور مراد الذي أغلبه من الشباب، من بينهم –المثقفين- الدكتور أحمد خالد توفيق، والروائي أشرف العشماوي، والناقد محمود عبد الشكور، والناشر شريف بكر، وناقش الرواية، وجاور مراد على المنصة الدكتور حسن كمال. صاحب رواية "المرحوم" حسن كمال قال في بداية الحفل "في البداية تعجبت من فكرة رواية أحمد مراد، خصوصا أنها غريبة عن الروايات السابقة وقلت له أنها خطر، لأن القارئ قد لا يتقبل ذلك، ولكن حضور اليوم يثبت عكس كلامي"، مضيفا أن مراد تأثر بالكتابة عن فترة 1919، حتى أنه بدى كالذي يعيش خلال هذه الفترة، وعاصر كل أحداثها. أما الروائي الشاب أحمد مراد بدأ حديثه في حفل التوقيع بشكور جمهوره الذي اهتم بحضور حفل التوقيع الأول لروايته الرابعة "1919"، وقال عن الرواية "لا أحب الحديث عن فلسفة الرواية، بل أفضل الحديث عن ظروف كتابتها، فقد اخترت فكرة الرواية بعد كتابة الرواية الأولى فيرتيجو، وهي الرواية التي احتاجت لوقت أطول عن الروايات الأخريات، كما أني أردت الابتعاد عن الإطار الطبي في الكتابة، بالبحث في التاريخ عما يكتب، وشعرت أن هذه الفترة تحتاج إلى العودة لثورة قديمة، والكتابة عنها، ثورة منسية وليست حديثة لأن لا أحد يريد القراءة عن ثورتي يناير ويونيو". مراد أضاف أن البعض تسأل حول إمكانية كتابة رواية تاريخية ويمكن التلاعب في هذه الأحداث القديمة، إلا أن كتابة كلمة "رواية" على النص تسمح بذلك، بجانب أن المعلومات التاريخية متوفرة بكتب التاريخ وليس الروايات، مشيرا إلى أن أحداث الرواية حقيقية، ولكنها أحداث مدفونة لا يعرف عنها أحد شيئ، واستغل فيها مراسلات سرية وأخبار كانت موجودة خلال هذه الفترة بشكل حقيقي. صاحب "الفيل الأزرق" أضاف أن التاريخ لا يعيد نفسه كما يقال، لكن كل جيل يورث أخطائه إلى الجيل الجديد، واصفا الرواية بأنها "تهدف إلى البحث في تاريخ بلدنا وبشكل أكثر دقة"، لافتا إلى أن البعض اتهمه بكتابة معلومات تاريخية خاطئة مثل أن سعد زغلول كان يلعب القمار، رغم أنه كتب ذلك بنفسه في مذكراته، وهذا يدل أن كثيرين لم يبحثوا في التاريخ جيدا ولم يهتموا به، رغم أنه يقدم دروسا جيدا لما نعيشه اليوم. حسن كمال وجه سؤال للروائي أحمد مراد حول سبب البحث عن إعلانات قديمة خلال كتابته "1919"، رغم أنه لن يستغلها في الرواية، وأيضا سأله عن مصادره في هذه المواد التاريخية، وأجابه مراد "لدي هوس البحث عن كل ما هو قديم، وأيضا ابحث في محل صديق لي عن المقتنيات القديمة"، مؤكدا على أهمية كتابة المعلومات التاريخية بشكل درامي، حتى لا تبدو مقحمة على العمل. مراد أضاف أنه من يقرأ مذكرات نجيب الريحاني سيجد أن عالما أخر خلال هذه الفترة يجهله الكثيرون، واعتبر نفسه المستفيد الأكبر بقراءته الكثير من الكتب حتى يتمكن من كتابة "1919". وأجاب مراد على سؤال أحد عن مدى رضاه عن أعماله، فقال أنه بالتأكيد غير راض بشكل كامل عن كل أعماله، كما أنه يكون متخوفا بعد طباعة العمل، من رد فعل الجمهور. وحكى مراد عن تجربته في الكتابة قائلا "في 2007 شعرت باحتياجي للكتابة، وبدأت أكتب في فيرتيجو، وقدمت النص لمحمد هاشم الذي رحب بنشره في دار ميريت، وهو أوّل من دفعني في عالم الأدب، ونشرت الرواية بعد شهرين من تقديم النص". مراد أضاف أن وقتها لم تكن فكرة "البيست سيلر" منتشرة، ولكن روايته لم يكن التفت إليها أحد، وحكى أن الرواية لم تباع حتى أنه اتبع مع زوجته طريقة مختلفة في التسويق، وهو أن يشترى جميع النسخ، ثم يتصل بالمكتبة طالبا نسخة من الرواية، حتى يبدو أن هناك طلب على الرواية، ويطلب أيضا من أصدقائه شراء الرواية. إلا أنه بعد مكالمة صنع الله إبراهيم، والتي أبدى فيها إعجابه بالرواية معتبرا هذا النوع من الأدب غير موجود بالوطن العربي، كما طلب منه تنظيم ندوة لمناقشة الرواية والتقى يومها مراد بكتاب كبهاء طاهر، وبعدها بدأ الاهتمام بالرواية وظهرت الرواية في قائمة الأكثر مبيعا. كما تحدث حسن كمال عن جائزة البوكر معتبرا وصول روايته الفيل الأزرق للقائمة القصيرة جائزة كبيرة، بجانب جائزة الجمهور واهتمام القراء بأعماله، ورد مراد على انتقاد أحد الحضور لمراد بسبب اهتمامه بالجنس في كتاباته، "الجنس لا يمكن تجاهله، كما أن هناك طريقة جيدة للحكم على أي مشهد جنسي في الرواية، وهو حذفه والقراءة بدونه وتحديد مدى تأثر سياق الرواية"، مضيفا أن الجنس متاح على الإنترنت فلا يمكن لشاب أن يشتري الرواية ليقرأ هذا المشهد الجنسي، وأيضا الألفاظ التي يطلق عليها البعض بذيئة، هي أيضا في السياق، فالضابط الذي يعامل الناس بقسوة لابد وأنه سيستخدم هذه الألفاظ. وبرر مراد عدم ظهوره كثيرا في الإعلام بأن هذه الفترة تحتاج إلى العمل، كما أنه لا يريد أن يصبح نجما بل يريد لأعماله النجاح، فهو يرغب أن يعيش حياته بشكل طبيعي ويجلس على المقاهي دون إزعاج. وعن السياسة، قال مراد "المشهد السياسي من وجهة نظري به جتميات أكثر من الاختيارات، مين على الساحة يستطيع أن يحركنا في خطوة إلى الأمام؟ أعتقد أن الإجابة معروفة للجميع، حتى أن الثورة بالنسبة للشعب المصري فعل غريب عنه فهو يجنح إلى السلم والأمن، وعدم وجود نخبة سياسية جيدة هي السبب فيما نحن نعيشه حاليا"، مضيفا "لو هختار رئيس هيكون اختياري للشخص اللي هيعمل استقرار، اللي بيفتقده الجميع حتى الآن" وعن فيلم الفيل الأزرق قال مراد أنه تبقى يوم واحد على تصوير الفيلم، وأنه شاهده سبع مرات حتى الآن، ويرى أن الفيلم جيد ومختلف، وخصوصا بعد أن تحمس مروان حامد لتحويل الرواية إلى فيلم، وهذا ما أدى إلى تقديمه تجربة جيدة من خلال الرواية، ومختلفة عن السينما المصرية. وحكى مراد عن مكالمة هاتفية بينه وبين الروائي صنع الله إبراهيم جرت منذ أيام بعد قراءة الأخير "1919"، قال فيها "يا أحمد أنا هقتلك، لأني بحب الفترة اللي كتبت عنها" وتعجب من قدرته على البحث واستخدام المعلومات التاريخية بشكل درامي. وأكد مراد أنه لن يكتب عن الثورة إلا بعد أن تنتهي، خصوصا أن نجيب محفوظ توقف عن الكتابة منذ عام 1952 وحتى 1959، وهذا بسبب التقلبات التي تأتي بعد أي ثورة، ولذلك فالانتظار هو القرار الأكثر صوابا، حتى ينكشف المشهد بشكل كامل ويمكن الكتابة عنه.