سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أحمد مراد: قررت الرجوع لثورة 19 المنسية بدلاً من الحديث عن ثورة 25 يناير المحبطة التاريخ لا يعيد نفسه.. والمشهد السياسى الحالى مزدحم بالتحديات لا الخيارات:
الحضور الجماهيرى الضخم، الذى أغلبه من الشباب، والإقبال الكبير على شراء روايته منذ اليوم الأول لصدورها، والانتهاء من الطبعات الأربع لآخر رواياته« 1919»، الصادرة عن دار الشروق، وتحويل أعماله إلى أعمال سينمائية ودرامية، وترشحه لأرفع الجوائز الأدبية « البوكر العربية»، التى ستعلن ليل 29 أبريل الجارى، كل هذا يؤكد أن الكاتب الروائى أحمد مراد يشكل ظاهرة إبداعية لافتة، على المستويين الجماهيرى والنقدى. أصبح أحمد مراد، باعترافه، كاتب «الأفضل مبيعا»، وهو الذى كان يقف يراقب بالساعات من سيشترى روايته «فيرتيجو» المركونة على الرف لا تباع، حتى قرر تغيير سياسة تسويق روايته، وحتى أعجبت الكاتب صنع الله إبراهيم الذى عقد لها ندوة مناقشة، حضرها الروائيان بهاء طاهر وإبراهيم عبدالمجيد، ومن هنا التفتت المكتبات إليه، وأصبحت حفلات توقيع روايات أحمد مراد مناسبة ثقافية مهمة. أمس الأول ازدحم المسرح المكشوف بدار الأوبرا، فى حفل توقيع رواية 1919 لأحمد مراد، لدرجة أن ظنت بعض العائلات المارة بالمصادفة من هناك، أن هناك مسرحية لنجم ما. قدم للحفل وأداره الكاتب حسن كمال صاحب رواية «المرحوم» الذى كان منبهرا بالحضور الجماهيرى قائلا: «وجودكم أكبر دليل على أن الثقافة مهمة، وليست على الهامش، وأن القراءة فى مصر ضمن أولويات الناس». واعترف كمال أنه أبدى لمراد، قبل صدور الرواية، عدم ترحيبه بتجربة 1919، وأنها غريبة، وأنها خارج إطار روايات مراد السابقة، إلا أن مراد صمم على نشرها، وكان معه حق، وأثبتم أنتم أنه على حق، حسب وصف كمال. غير أن أحمد مراد، الذى كان يبدو عليه الارتباك والفرحة، قال إن روايته 1919، أكثر الروايات التى ظلت معه، والتى وردت له فكرة كتابتها بعد الانتهاء من روايته الأولى «فيرتيجو»، فحين كان يحضر لكواليس «تراب الماس»، فوجئ بخبر يتحدث عن 22 فبراير 1920، وهو خبر لفت نظره، ونسج منه رواية 1919، التى هى إسقاط، حسب اعترافه، لثورة 25 يناير، قائلا: «بعد الفترة المريرة التى مرت بها مصر خلال الثلاثة أعوام الماضية، وجدت أنه الوقت المناسب لإطلاق «1919»، ولأن الناس لن تتحمل الكتابة عن الثورة الحالية المحبطة، فقررت الرجوع لثورة قديمة منسية، ليس لها أى وجود بيننا سوى فى المدارس، حيث جرى تشويهها، فكل مناهج التعليم تركز فقط على أهداف ثورة يوليو». وأكد مراد، أكثر من مرة، أن 1919 عمل أدبى، وليس تاريخيا، راعى فيه تكثيف المادة التاريخية التى تكشف عن معلومة، معلنا هوسه الشديد بقراءة التاريخ، وكل ما هو قديم وتراث، ساعده فى ذلك بعض أصدقائه، خاصة أن له صديقا يمتلك محل انتيكات، فكان يلمس تلك الانتيكات ويعايش الأشياء القديمة، حتى يستطيع الكتابة بروح مختلفة عن تلك الفترة المهمة، وأنه قرأ معظم مذكرات تلك الفترة، خاصة مذكرات سعد زغلول، ونجيب الريحانى، ومذكرات لإحدى العاهرات، وعبدالفتاح القصرى صاحب اللغة المعبرة بحق عن تلك الفترة. «من يريد التاريخ البحت فليرجع إلى كتب التاريخ، (...) لكن التاريخ لا يعيد نفسه كما يسوق البعض». أضاف مراد أن بعض شخصيات الرواية كانت مجرد خط فى جريدة ما، أو حادثة، فنسج منها أحداثا لروايته. وقال إن هناك صعوبات واجهته فى روايته مثل الموسيقى والرسومات إلى جانب الحصول على تاريخ الأرمن الذى ساعده فيه أصدقاؤه. وأضاف: «هناك من ساعدنى فى انجاز الرواية.. حسن كمال، وأمى، وزوجتى، وأختى. لذلك أرى أن 1919 عمل جماعى، وليس فرديا يخص أحمد مراد وحده». واستنكر مراد الحديث، خلال حفله، الذى حضره الكاتب أحمد خالد توفيق، والروائى ناصر عراق، والمطرب محمد محسن، عن إفراطه فى تناول الجنس والألفاظ الخارجة فى أعماله الروائية قائلا: «لا أتناول الجنس فى رواياتى بشكل مبتذل أو به إسفاف، بل أتناوله على الحافة لا كعنصر رئيسى تدور من حوله الأحداث أو بتضخيم فيه بقصد الجنس نفسه». وسأل مراد: هل هذه المشاهد الجنسية تخدم فكرة الرواية أم مقحمة لا مبرر لها؟، مشيرا إلى أن الجنس عنصر مهم من عناصر الحياة، وأن تجاهله غريب وغير مفهوم...» الألفاظ التى ترد فى رواياتى من متطلبات الشخصيات نفسها توضع بما يلائم الشخصية، فمثلا فى «تراب الماس» كان من الضرورة الدرامية تلازم السباب على لسان الضابط، وهو ما نلمسه بأنفسنا فى الشارع أو من خلال تعاملنا مع ضباط الشرطة». تابع مراد: «ليس من مهام عملى كروائى كتابة رواية تعجب القارئ فقط، بل من مقاييس نجاح العمل الروائى أن يحرك شيئا ما بداخل المتلقى ويستفزه، وليس فقط كتابا لمجرد الكتابة يوضع على الرف بعد الفراغ من قراءته». وحول البطلة «ورد» فى 1919 قال مراد: «هى شخصية خيالية تماما، أردت أن تكون على غلاف الرواية، حتى أكسر توافق الناس للصورة الذهنية للتاريخ، المتمثلة فى صورة سيارة قديمة بالأبيض والأسود». وردا على سؤاله حول تحويل 1919 إلى فيلم سينمائى، قال مراد: «وفقا لمعايير السينما المصرية، من الصعب التكهن. ولكننى أتمنى أن تشاهدوا فيلم الفيل الأزرق فى العيد». وعن المشهد السياسى، قال مراد إن هذا المشهد فيه تحديات وليست اختيارات، مؤكدا أنه لا يوجد على الساحة شخص نستطيع القول عنه إنه سيحرك البلد للأفضل، ويدعم الاستقرار، موضحا أن ما يحدث فى مصر نتيجة عدم وجود نخبة مثقفة تقود البلد، وبالرغم من أننا أكثر الشعوب، حسب وصف مراد، التى قامت بثورات على مدار تاريخها، فإننا أيضا من أكثر الشعوب التى تم احتلالها. وانتهى الحفل، بدهشة كل الحضور، للطابور الطويل الذى وقف فيه من قرأ الرواية ومن لم يقرأها بعد، لتوقيع مراد على نسخته. رواية «1919» رابع عمل لمراد، الذى درس التصوير السينمائى وصدر له «فيرتيجو»، التى نالت جائزة البحر الأبيض المتوسط الثقافية من إيطاليا، و«تراب الماس» و«الفيل الأزرق» والأخيرة نالت المركز الأول فى مبيعات الكتب بمعرض القاهرة الدولى للكتاب 2013، وبلغت القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2014 مع خمس روايات أخرى. وكل رواياته صادرة عن دار الشروق. أحمد مراد يجيب على أسئلة الحضور جانب من الحضورالكثيف لحفل التوقيع حوار جانبي بين المؤلف وأحد القراء مراد وحسن كمال فوق المنصة