- كتبت « 1919» ليعيد الشباب قراءة التاريخ و يستعيدوا «ثورة منسية» - لا يمكن تجاهل الجنس فى حياتنا و ما أكتبه غير مبتذل - الشخص الذى سيحقق الاستقرار لمصر غير موجود على الساحة عند وصولى لحفل توقيع رواية " 1919 " للكاتب الموهوب أحمد مراد مساء أمس ، كانت توزع أوراق على الحاضرين و عندما نظرت إليها لأول وهلة أصابتنى الدهشة أنها " رخصة عاهرة " تحمل اسم ورد بطلة الرواية ، و هى تحاكى الشهادات الأصلية التى كانت تستخرج قديما عندما كانت مهنة الدعارة مقننة ! مكتوب فى الرخصة أوصاف ورد الأرمنية السورية بيضاء نحيفة ذات شعر أشقر ووجه مستطيل ، الرخصة صادرة من الإدارة المحلية للأجانب و العرب الرغبات فى مزاولة مهنة الدعارة . و بالعودة لحفل التوقيع فكانت الأعداد تتزايد حتى امتلئت الكراسى عن آخرها و تم وضع شلت على الجانبين لكثرة الحاضرين ، و خرج علينا " حسن كمال " صاحب رواية " المرحوم " و مقدم الحفل ، و تبعه الكاتب " أحمد مراد " الذى حيا الحاضرين ، و حيا بشكل خاص د. أحمد خالد توفيق لحضوره و الناقد محمود عبد الشكور . و تحدث كمال بداية عن معايشته لمراد أثناء كتابته للرواية ، و الولع الشديد الذى أبداه مراد لكل ما يرتبط بتلك الفترة ، فكان يستمع لمونولوجات حسن فايق ، و يشاهد صور قديمة لقهوة متاتيا ، غاص مراد فى هذة الفترة التاريخية بين الجرائد القديمة و الكتب ، حتى كان يبحث فى التذاكر و الإيصالات القديمة . " لما كتبت 1919 ؟ " بهذا التساؤل بدأ مراد حديثه ، قائلا أن رواية 1919 كانت تراوده من بعد رواية فرتيجو ،منذ رأى خبر عن حادثة بتاريخ 22/2/1920 ، و قال أنها تصلح لرواية ، و لكن المشروع تأجل لعمله على رواية تراب الماس وقتها ، و بعد روايات " الإثارة السياسية political thriller " ، خرج إلى عوالم " الفيل الأزرق " و عنبر 8 غرب عنبر الجنائيين بمستشفى العباسية . وقال مراد أن بعد السنوات الثلاثة المريرة التى عايشناها مؤخرا قرر أن يعود لثورة منسية ، لم يعد لها مكان سوى فى كتب المدارس ، و هو يخط رواية 1919 كان يضع يده على قلبه ، متسائلا كيف سيستقبل القراء الرواية التاريخية ؟ ، خاصة و هى موجهة لجيل يكره التاريخ ، مواصلا : الاستغناء عن التحدى فى الكتابة يعنى الفتور ، كنت متخوف قبل نزول 1919 ، لكن المجازفة لم تخذلنى . و أضاف مراد أن التاريخ يعيد نفسه عندما لا نتعلم منه ، و أنه أراد من هذة الرواية أن يعود الشباب لقراءة تاريخهم من جديد ، كما نبه أن من يريد قراءة التاريخ يعود لقراءة الكتب التاريخية ، أما 1919 فهو عمل روائى يحوى أحداث حقيقية و لكنه يتناولها فى سياق درامى تخيلى ، كما تحوى الرواية على بعض المعلومات الأساسية التى تساعد القارئ فى فهم هذة الفترة الزمنية . " المذكرات و الصور و الأفلام و الكتب التاريخية " كانت من المصادر التى اعتمد عليها أحمد مراد فى روايته ، قائلا لأخرج لكم هذة الرواية قرأت أمامها ألف كتاب ، قرء مذكرات سعد زغلول و نجيب الريحانى و روز اليوسف ،و شاهد أفلام نجيب الريحانى و استمع لأغانى سيد درويش ليعيش فى هذة الفترة . و قال مراد أن الكتابة بزمن و لهجة و منتجات و نكات 1919 كان بها صعوبة ، و حصل على مساعدات تاريخية خاصة عن تاريخ الأرمن ، مشيرا أن الرواية كانت عمل جماعى و ليس فردى سانده فيه أصدقائه و زوجته ووالدته و أخته ، و تابع مراد أن فكرة 1919 كانت مجمعة فى ذهنه من قبل ،و بدأ فى كتابتها بعد انتهاء الفيل الأزرق بأسبوع ، و استغرقت منه حوالى عامين و نصف . أما عن شخصيات الرواية ، فقال مراد أن بعضها حقيقى و الآخر لا ، و أن بعض الشخصيات الحقيقة لم يرد عنها سوى أسطر قليلة فى التاريخ لذا نسج هو تفاصيلها بخياله ، ملتزما بنهاية الشخصيات الحقيقة فى روايته ، و كان يسير مراد فى روايته على خطين فى الكتابة "ورد" تمثل قاع المجتمع و القهر ، و "سعد زغلول" السياسة و الحاكم ، و أنه اعتمد على كتاب مصطفى أمين الممنوع للحصول على معلومات عن الجلسة السرية بين ميلر و سعد زغلول . و عندما سئل مراد عن رتم روايته الذى لا يحمل الإثارة كباقى رواياته ، قال 1919 تختلف عن الروايات السابقة ، و تعتمد على الراوى العليم بالشخصيات ،و الرواية ضخمة كحجم و أحداث ، و ليس هناك أسهل من كتابة الإثارة ، و لكنى أردت أن أبدأ بعرض هادئ حتى يدخل القارئ فى هذة الفترة و كأنه يعيشها و يفهم أحداثها . و عن أطرف تعليق سمعه مراد عن روايته ، قال أن بعد يومين من صدور 1919 اتصل به الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم قائلا : سأقتلك لأنك كتبت عن فترة أحبها ، و لا أعلم كيف جمعت كل ذلك ، هذا مجهود شاق و يستحق ، و قال له من قبل عن الفيل الأزرق عندما عرضه عليه : بلاش يا أحمد أنا بخاف من الحاجات دى . و ردا على تساؤل عن الجنس فى روايات مراد ، أجاب مراد قائلا : لا يمكن أن نتجاهل الجنس فى حياتنا ، و ما أكتبه يعتبر على الحافة و غير مبتذل ليؤدى دوره فى المشهد فقط، و لا أحتاج لكتابة الجنس لأبيع خاصة مع وجود الفضائيات المفتوحة ، مستدركا عندما أكتب عن عالم العاهرات فيجب أن أتحدث بلغتهم ، و قال مراد مازحا بعد تساؤلات كثيرة عن الفيل الأزرق و شخصية مايا : كتبت لكم 1919 و به بيت من العاهرات و مازلتم تسألون عن مايا ؟ ، و عقب أن نهاية الفيل الأزرق مفتوحة ليختار كل قارئ نهايته . و قال مراد أنه تم الانتهاء من تصوير فيلم الفيل الأزرق و أنه سيعرض بعد رمضان و لكن لم يتم تحديد اليوم حتى الآن، و قال مراد أنه شاهد الفيلم حتى الآن 7 مرات و ستكون تجربة جديدة على المشاهد المصرى و العربى و مروان حامد أحدث طفرة بتقديم سينما مختلفة تحترم المشاهد و النص ، و عن 1919 قال لا أعلم عن تحويلها لعمل سينمائى خاصة مع اتجاهات السينما الحالية . و عبر مراد أن مع ازدياد عدد القراء يتشجع أكثر على الكتابة، أما عن جائزة البوكر فقال مراد أنه سيستلمها بعد أيام قليلة فى دبى ،و أن يوم 29 أبريل ستعلن الرواية الفائزة . أما عن بدايته قال مراد : فى 2007عندما صدرت رواية فيرتيجو ككاتب جديد و غير معروف ، كانت الرواية مركونة على الأرفف ، و حاولت ترويجها بمهاراتى التسويقية ، و لكنها لم تزد المبيعات ، و لكن بعد أن قرأها الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم و أعجب بها ، أقام له حفلة توقيع و بعدها بدأت الرواية تعرف و ترتفع مبيعاتها . و علق على المشهد السياسى قائلا أن ثقافتنا ضحلة و قرائتنا للتاريخ ضعيفة ، نجنح للأرض و السلم و الاستقرار ، و القيام بالثورة خروج عن المألوف ، و رغم ذلك فنحن أكثر الدول احتلالا و قياما بالثورات ، مؤكدا أن الشخص الذى سيحقق الاستقرار لمصر غير موجود على الساحة الآن ، و لا شئ أسوء من ثورة مبتورة .