آخر جرائم الإرهاب بتفجير القنابل أمام جامعة القاهرة أول من أمس، ليست أسوأ ولا أحط جرائم الجماعات الإرهابية، ولكنها واحدة من الجرائم التى تكشف الوجه الحقيقى للإرهاب وتسقِط ما تبقى من أكاذيب حول المتورطين فيه. سوف تسمع بيانات بأسماء جماعات حقيقية أو وهمية تتبنى الجريمة المنحطة، ومع كل التقدير للدراسات التى تتحدث عن هذه الجماعات والفروق بينها، فإن الواقع فى مصر يقول إننا أمام عدو واحد يغير ملامحه ويبدل اللافتات التى يحملها، ولكنه يبدأ وينتهى من حيث تقف جماعة «الإخوان» أساس الإرهاب ومنبعه الفكرى والتنظيمى!! لا نريد أن نعود إلى التاريخ البعيد أو القريب.. حيث بدأ الإخوان فى ممارسة العنف والاغتيال بعد سنوات قليلة من نشأتهم، ولا كيف وقف حسن البنا ينكر أمام النيابة معرفته بالمتهم الرئيسى فى إحدى جرائم الاغتيال ليعود بعد ذلك فيعترف بأن المتهم هو سكرتيره الخاص!! ولا كيف تمرس الإخوان فى فن «الملاوعة» حتى أصبح علامة مسجلة باسمهم.. فالقتلة منهم يغتالون السياسيين بسبب «الطيش» فقط!! ويغتالون القضاة لأنهم فهموا خطأ أن مرشدهم حين يطلب «التخلص» من شخص ما فهو لا يعنى «قتله»!! ويذهب فريق منهم لاغتيال عبد الناصر، فتكون الحجة أن القيادة كانت قد تراجعت عن قرارها بقتله، لكنها لم تستطع إبلاغ قرارها لمن حاولوا اغتياله فى الوقت المناسب بسبب المواصلات.. فكان ما كان!! ولا نريد أن نعود إلى النقطة الفاصلة الأخرى فى تاريخ «الإخوان» مع تنظيم سيد قطب عام 1965 الذى أدخل الحركة الإسلامية كلها فى نفق الإرهاب المظلم وحوّل المجتمع كله إلى كفار ووصمه بالجاهلية.. ويعلم الله أنهم هم وحدهم من دخلوا إلى الجاهلية وخرجوا عن صحيح الإسلام.. يومها قيل للناس إن «الإخوان» أبرياء من هؤلاء الخوارج، وبعد سنوات كان هؤلاء الخوارج هم من يتحكمون فى الجماعة ويشكلون مكتب الإرشاد ويفخرون على الملأ بأن «القطبيين» سيحكمون مصر والعالم العربى والإسلامى!! من هذا الفكر الإخوانى المنحرف خرجت كل جماعات الإرهاب، وإليه تعود الآن، لنجد أنفسنا فى وجه هذا التحالف المنحط الذى يتصور أنه يستطيع بالإرهاب أن يعود إلى حكم مصر أو أن يجد مكانًا عند شعب اكتشف الحقيقة، وأسقط الفاشية، واستعاد الثورة، وأنقذ البلاد من مصير مظلم على يد تنظيم لا يعرف معنى الوطن ولا سماحة الإسلام ولا قيمة مصر التى لا يمكن أن تتحول إلى قندهار أخرى على يد الخوارج الجدد!! أول من أمس كانت جريمة التفجيرات عند جامعة القاهرة شهادة جديدة بمدى الانحطاط الذى وصل إليه الإرهاب، وكاشفًا جديدًا عن وحدة جماعات الإرهاب بقيادة الإخوان فى محاولتها لتدمير البلاد وزرع الفوضى وتحدى إرادة الشعب. فى يوم الأربعاء الذى يشهد عادة ذروة شغب الإخوان لمحاولة إثبات الوجود، كانت الجريمة الجديدة، وكانت معها المفاجأة، وهى أن اختفى الإخوان وتلاشت مظاهراتهم وعادوا إلى جحورهم!! وفى نفس التوقيت وما قبله كان عدد من حلفاء الإرهاب ينشرون مزاعمهم حول اتصالات بين «الإخوان» والحكم فى مصر!! وكان البعض من الإخوان وحلفائهم يعودون إلى ترديد كلمة «المصالحة».. وكأنها كلمة السر التى تسبق أى تصعيد فى الإرهاب!! وبعيدًا عن كل هذه الألاعيب والمناورات من فصيل لا يحسن إلا الإرهاب والملاوعة، فإن الحقائق البسيطة تقول إننا نخوض حربًا ضد عدو واحد يوزع فصائله بين «الإخوان» و«القاعدة» وما بينهما من فصائل إجرامية. وبعيدًا عن لافتات عديدة لتنظيمات حقيقية أو وهمية، فإن الحقائق البسيطة تقول إن الإرهاب ما كان يمكن أن يمارس جرائمه لولا «الحاضنة الإخوانية» التى توفر المعلومات والمأوى والدعم المالى والغطاء السياسى، والتى تستنزف قوى الأمن بمظاهرات المولوتوف، وتعطل اقتصاد الدولة وتحاول ترويع المواطنين وتمارس القتل الذى لم يعد يفرق بين دماء مارى وشيماء، ولا بين شرطى وطفل صغير!! يتصور «الإخوان» ومن يدعمونهم فى الداخل أو الخارج، أن تصعيد الإرهاب سوف يدفع الدولة إلى التراجع ويعيد إليهم الشرعية التى أسقطها الشعب فى 30 يونيو!! ويروج البعض للحكاية التى لم تعد تقنع أحدًا عن «الإرهاب المعتدل» الذى يمثله الإخوان، و«الإرهاب المتطرف» الذى تمثله باقى الجماعات التى لم يعد خافيًا أنها خرجت من الإخوان.. وإليها تعود!! الحقيقة البسيطة والواضحة لدى شعب مصر بأكمله الآن، أن الإرهاب واحد مهما تعددت فصائله.. وأن أساس الحرب ضده هى المواجهة الحاسمة للإخوان.. وأن القضاء على هذا الفصيل الإرهابى الإخوانى سوف يحرم باقى فصائل الإرهاب التابعة له من الداعم الأساسى.. وأن أى تردد من الحكم الحالى فى هذا الصدد سيكون معناه أن يتولى الشعب المهمة بيده. فلتتحرك الدولة وتحسم الأمر، فما يفعله الإخوان وحلفاؤهم ليس له من معنى إلا أننا أمام إرهاب مهزوم يحاول تأجيل نهايته.. وعلينا أن لا نمكنه من ذلك!!