رسميًا.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 بعد قرار مجلس الوزراء    شراقي: استمرار الفيضان الكبير من سد النهضة لليوم الخامس على التوالي    رئيس الوزراء يحضر جلسة مجلس النواب الأربعاء لعرض بيان حول قانون الإجراءات الجنائية    المجدول يصل ل360 جنيهًا.. أسعار البلح في سيوة اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في الصاغة بعد ارتفاعه 60 جنيهًا    وزير الإسكان: المرحلة الأولى بحياة كريمة ترفع تغطية المياه ل99%.. والصرف الصحي ل70%    حركة الجهاد الإسلامي: الإعلان الأمريكي الإسرائيلي وصفة لتفجير المنطقة    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: ارتفاع «مؤقت» في درجات الحرارة    أولى جلسات دعوى تعويض ب100 مليون جنيه في واقعة حبيبة الشماع    مصير هدير عبدالرازق تحدده المحكمة.. مستأنف القاهرة الاقتصادية تنظر معارضة البلوجر على حكم حبسها    وزير السياحة يكشف تفاصيل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير: العمل اكتمل بنسبة 99%    إدارة ترامب قد تستخدم البلوتونيوم العسكري كوقود لمحطات الطاقة النووية الجديدة    مصرع شاب في تصادم بين تروسيكل وميكروباص بالوادي الجديد    هالة صدقي تثير الجدل برسالة ساخرة عبر إنستجرام: "وجودنا في الدنيا كله أفجر حاجة"    التفاصيل الكاملة لواقعة مقتل صانع المحتوى"أمير أسمع" في القاهرة    شريف فتحي: الرمال البيضاء والسوداء بالوادي الجديد.. منجم ذهب سياحي واستثماري    لديه الحلول، ما شروط زيدان لتدريب مانشستر يونايتد؟    ما اكتفتش بالحضور متأخرة، شاهد ماذا فعلت ملك زاهر في العرض الخاص لمسلسل شقيقتها "ولد وبنت وشايب"    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 30-9-2025 يصل لأعلى مستوى وعيار 21 الآن بالمصنعية    كوريا الشمالية والصين تتوصلان إلي توافق حول القضايا الإقليمية    «مفيش أهلاوي توقع الوحاشة دي».. ميدو: أسوأ مباراة للزمالك أمام الأهلي    عمرو أديب بعد خسارة الزمالك: عندي 60 سنة.. 55 منهم بشوف الزمالك بيتغلب    «مينفعش تعمل كدة».. الحضري ينتقد محمد صبحي ويصفه ب«قليل الخبرة»    5 توابل وأعشاب سحرية لحماية صحة القلب والوقاية من الأمراض    الأمم المتحدة تؤكد استعدادها لدعم خطة ترامب للسلام    توتال إنيرجيز توافق على بيع نصف مشروعاتها للطاقة الشمسية في أمريكا الشمالية    "شنكار الشحات" اللقطة الذهبية في القمة 131    في ظهور نونو سانتو الأول.. وست هام يتعادل مع إيفرتون    الشحات: تعاهدنا خلال عزومة ياسر إبراهيم على الفوز بالقمة    ارتفاع يضرب جميع الأنواع، أسعار الزيت اليوم في الأسواق    الرئيس الفرنسي يرحب بخطة ترامب لإنهاء الحرب في قطاع غزة    مصرع طفل سقط من الطابق الرابع في مستشفى بقنا    النوم بعد الأربعين.. السر المنسي لصحة الدماغ والقلب    بعد هزيمة الزمالك.. لميس الحديدي ساخرة: قلبي يقطر دما    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025 في مرسى مطروح    عاجل - ترامب: خطتي للسلام في الشرق الأوسط قد تشمل إيران    السفير محمد كامل عمرو: خطة ترامب قد تكون بذرة صالحة للتسوية في غزة إذا ما نُفذت بنزاهة    أحمد داش يشاهد فيلم لا مؤاخذة بعد 11 عامًا من عرضه الأول    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة الأقصر    البيزنس الأسود لجماعة الأخوان «الإرهابية» تستخدم التبرعات وحصيلة الاستثمارات لتمويل المنصات الإعلامية الموجهة ضد مصر    وزير الطيران يبحث مع نظيره البولندي تعزيز التعاون في مجالات النقل الجوي    سر بسيط من الطبيعة هيساعدك في تنظيم سكر الدم وتعزيز الطاقة    في مواجهة مع أفكار الأسرة التقليدية.. حظك اليوم برج الدلو 30 سبتمبر    بعد تعميق الهجوم الإسرائيلي: نزوح 800 ألف فلسطيني من مدينة غزة    وزير الري الأسبق: إثيوبيا مررت 5 مليارات متر مكعب من سد النهضة خلال الأسبوع الماضي    العزلة تتزايد.. إسبانيا تمنع عبور طائرات وسفن أمريكية محملة بالأسلحة إلى إسرائيل    الداخلية الكويتية: ضبط مقيم عربي خطط لعملية إرهابية تستهدف دور العبادة    راحة فورية وطويلة المدى.. 7 أطعمة تخلص من الإمساك    غير الحمل.. 7 أسباب لانقطاع الدورة الشهرية    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الثلاثاء 3092025    تعرف على مواقيت الصلاة غدا الثلاثاء 30سبتمبر2025 في المنيا    قرار جديد بشأن بلوغ المعلمين سن المعاش 2025.. (تعليمات عاجلة للمديريات والتأمينات الاجتماعية)    37 عامًا على رحيل فتحي رضوان «المثقف الشامل»    موظف بسيط دخل التاريخ صدفة.. حكاية أول وجه ظهر على شاشة التلفزيون    "التعليم في مصر الفرعونية" ضمن أنشطة ثقافة الغربية للتوعية بمخاطر الأمية    إلغاء «طموح جارية» من مناهج الإعدادية 2026.. توزيع منهج اللغة العربية والدرجات وخطة التدريس كاملة    عضو مركز الأزهر: الزكاة طهارة للنفس والمال وعقوبة مانعها شديدة    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملط.. صورة طبق الأصل

الحقيقة أننا لابد أن نعترف أن النظام السابق مازال قادرا على إدهاشنا كل يوم، ليس فقط من حجم الفساد الذى لم يكن ضمير إبليس نفسه يتحمله، ولكن بقدرة هذا النظام على خلق نماذج مصغرة تنتهج نفس نهجه، وكأنها نسخ كربونية. وليس ببعيد عن ذلك ما يحدث داخل جهاز المحاسبات. فقد تظاهر عدد من أعضاء الجهاز بمنتهى التحضر، يوم 16 فبراير الماضى بعد نجاح الثورة، أمام مقر الجهاز فى محاولة لنقل مطالبهم العادلة لرئيس الجهاز.
وهو نفس مشهد البداية فى ميدان التحرير فى جمعة الغضب. وأخذ المتظاهرون يهتفون ضد رئيس الجهاز جودت الملط معلنين غضبهم من تفشى الفساد فى مصر، متهمين رئيس الجهاز بغل يدهم عن الإعلان عن قضايا الفساد التى عانوا فى رصدها، وظلت فى الأدراج خوفا، أو مجاملة، أو فى أفضل الأحوال بسبب خطأ فى عنوان المرسل له.
و أشهد بأن كل كلمة هجوم على الملط فى المنشورات الاحتجاجية كانت تسبقها كلمة «سيادته»، أو معاليه. يعنى إخفاق «سيادته» أو فشل «معاليه». وعند هذا الحد لم يبالِ رئيس الجهاز بهؤلاء المحتجين، على نفس نهج الرئيس السابق، «سيبوهم يتسلوا».
ولكن بعد أيام بدأ المستشار الملط يستشعر بأن الأمر تعدى التسلية، ودخل مرحلة الجد. فاجتمع مع فريق من الجهاز، ولكن من غير المحتجين، وجلس معهم نصف الساعة، وتكلم عن القلة المندسة. وعن أن هؤلاء المتظاهرين مرضى نفسيون ،لأنهم يشعرون بالنقص تجاه الهيئات القضائية لذلك يريدون المساواة معهم، وبأن بعضهم عليه أحكام ويريد إسقاطها. وعندما أكمل رسالته للمجتمعين، انصرف دون أن يسمح لأحد بالحديث عن حقيقة الاحتجاجات. وتم قطع الكهرباء فى قاعة الاجتماعات قبل أن يغادر أعضاء الجهاز بشكل أثار غضب الجميع. مما جعل البعض يصرخ مشبها هذا الإسلوب بواقعة «البغال والجمال» فى ميدان التحرير يوم الأربعاء الدامى. وهى الواقعة التى أعطت لميدان التحرير زخما ثوريا نقل الغضب إلى مرحلة الحسم.
وكلنا نتذكر كيف تحول الشعار فى الميدان من مستوى «الشعب يريد إسقاط النظام» إلى «ارحل يعنى امشى، ياللى مبتفهامشى»، وبعدها دخلنا فى مرحلة الثورة الضاحكة، فبدأت تظهر شعارات «حسنى اتجنن».
وعلى نفس نهج النظام السابق بدأ المستشار الملط حملته الإعلامية فى مهاجمة المعترضين على سياسة «سيادته»، واتهمهم بأن من بينهم أناسا يعملون خارج الجهاز، على غرار نكتة الأجندات الأجنبية التى كانت تحرك ثوار التحرير كما كان يدعى أنصار النظام السابق.
والحقيقة لا نعرف كيف يستطيع أحد قلب الحقائق إلى هذا الحد. فنحن أمام محتجين يتظاهرون منددين بسياسة الملط المهادنة مع الفاسدين الكبار فى البلد، ويلحون عليه، وعلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يطالبه بفتح كل الملفات التى كانت مغلقة من قبل بسبب الحساسية السياسية. بل ويحذرون من بقاء بعض الجهات خارج المحاسبة من جانب الجهاز.
ولكن المستشار الملط، كما رئيسه، ضاق ذرعا بالمتظاهرين. فتم الإعداد للمرحلة الثانية، وهى إطلاق التهم على المتظاهرين «سلميا»، بأنهم وراء إشعال حريق فى داخل الجهاز. وبالرغم من أن الحريق وقع فى بوفيه صغير ليس فيه أية تقارير، إلا أنه أعلن هو ومستشاره محمد ونيس فى وسائل الإعلام أن المتظاهرين هم الذى أشعلوا الحريق. وأعلن أنه يتلقى تهديدات بالقتل. ولم يكن هذا الاتهام إلا ذريعة لإغلاق أبواب الجهاز، وإخلاء المبنى من المحتجين، وبالتالى وقف التظاهر.
وهو ما حدث تماما فى ميدان التحرير. عندما أعلن النظام السابق عن أنه سيتم تسيير السيارات فى ميدان التحرير، من أجل إخلاء الميدان، فنام الثوار أمام الدبابات، وزاد العدد بعدها أضعافا مضاعفة، بزحف جديد من المحافظات. وكأنهم بقراراتهم العصبية يمدون الثورة بزاد جديد كل يوم.
وهو ما شهدته بعينى أمس الأول فى نقابة الصحفيين عندما عقد أعضاء الجهاز المحتجون مؤتمرا حاشدا، زحف إليه محتجون جدد من المحافظات المختلفة، بعد أن نجح المستشار الملط فى استفزازهم، فجاءوا ليزيدوا المحتجين فى القاهرة حماسا على حماسهم. جاءوا لنصرتهم فى قضايا يرون أنها عادلة، بل ومن أجل أن يساندوهم فى تبرئة ساحتهم من تهمة إحراق الجهاز، التى حاول المستشار الملط إلصاقها بهم. واستنكروا تعطيل العمل، وإغلاق أبواب الجهاز لأول مرة فى تاريخه، مطالبين بعودتهم للعمل حتى تخرج الملفات قبل أن يهرب أصحابها إلى الخارج تسبقهم أموالهم. وبدأ الحديث دون مواربة على الملأ عن قضايا بعينها كانت تقدم تقاريرها إلى الفاسدين أنفسهم. وعندما كانت الجهة لا ترد على ملاحظات الجهاز، لا يتم تحويل الأمر إلى النيابة. بل يكتب الجهاز فى العام الذى يليه نفس التقرير. وقالوا إن التقارير كانت فى معظمها كلاما مرسلا، لا يحمل إدانة لشخص بعينه.
وهنا بدأت المنشورات تأخذ منحى الثورة الضاحكة فتتحدث عن «أن أسلوب التقارير كان يكتب على غرار، يمكن يكون هناك حد عمل حاجة وحشة فى المال العام، بس هيه إيه، ولا هو مين؟ مش عارف». وبدأ المحتجون يطلقون على أنفسهم ثوار المحاسبات، وتطور الأمر ليدخل مرحلة تقديم بلاغات ضد المستشار. وأول قطرة فى الغيث، الذى يقولون أنه قادم، ما قدمه هانى الديب رئيس قسم فى المحاسبات للنائب العام. يتهم فيه المستشار الملط باختلاق موضوع الحريق، واتهام آخرين ظلما قبل أن تنتهى الجهات المختصة من تحديد وجود الحريق أو هوية فاعله. وكان دليله على ذلك أن الضابط الذى أتى من المجلس العسكرى لاستطلاع الأمر رأى أنه حادث صغير، ولا يستحق حتى تحرير محضر. وتساءل «إذا كان المستشار الملط يخشى على التقارير فلماذا لا يرسل بها جميعا إلى المجلس العسكرى ويخلى مسئوليته؟!».
وعندما كان المحتجون يهتفون معا فى نهاية المؤتمر بهتاف واحد «حسبنا الله ونعم الوكيل» وهو ما كان يهتف به ثوار التحرير قبل تنحى الرئيس السابق بيوم واحد، همس أحدهم «فات الكتير ما بقى إلا القليل». ولكن لم يسمعه أحد، لأن الجميع كان مشغولا بترديد نشيد «بلادى بلادى» وهم يغادرون القاعة.
جريدة الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.