اعتقال 3 فلسطينيين خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة طولكرم    بسبب روسيا والصين.. الأمم المتحدة تفشل في منع سباق التسلح النووي    "شياطين الغبار".. فيديو متداول يُثير الفزع في المدينة المنورة    ب86 ألف جنيه.. أرخص 3 سيارات في مصر بعد انخفاض الأسعار    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. الأرصاد تعلن موعد انكسار الموجة الحارة وأحمد مجاهد يرد على اتهامات كهربا ب«تزوير عقده»    ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 25 إبريل 2024    رئيس موريتانيا يعلن ترشحه لولاية رئاسية ثانية    شرطة لوس أنجلوس تعتقل عددا من طلاب جامعة جنوب كاليفورنيا المؤيدين لفلسطين    كلوب يعتذر لجماهير ليفربول وهذا ما قاله عن فرص الفوز بالدوري الإنجليزي    ميدو يطالب بالتصدي لتزوير أعمار لاعبي قطاع الناشئين    حزب المصريين: البطولة العربية للفروسية تكشف حجم تطور المنظومة الرياضية العسكرية في عهد السيسي    الشعب جاب آخره، المنوفية تنضم اليوم لحملة مقاطعة الأسماك بعد ارتفاع أسعارها    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    زوج بدرية طلبة لصدى البلد: ربيت بناتي على القديم..والفنانة: اديني في الشعبي    نقل الفنان الكويتي شعبان عباس إلى المستشفى بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة (فيديو)    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    عن تشابه «العتاولة» و«بدون سابق إنذار».. منة تيسير: التناول والأحداث تختلف (فيديو)    الرشفة ب3500 ريال وتصنيفاته ما بتخيبش، قصة شاب سعودي في مهنة تذوق القهوة    إصابة 9 أشخاص في حريق منزل بأسيوط    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أبو رجيلة: فوجئت بتكريم الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بالمنيا.. صور    تعديل موعد مباراة الزمالك وشبيبة سكيكدة الجزائري في بطولة أفريقيا لكرة اليد    يحيى السنوار يشغل المتظاهرين أمام منزل نتنياهو.. ماذا حدث؟    طلاب مدرسة أمريكية يتهمون الإدارة بفرض رقابة على الأنشطة المؤيدة للفلسطينيين    توقعات ميتا المخيبة للآمال تضغط على سعر أسهمها    لتفانيه في العمل.. تكريم مأمور مركز سمالوط بالمنيا    بعد الصعود للمحترفين.. شمس المنصورة تشرق من جديد    صندوق التنمية الحضرية يعلن بيع 27 محلا تجاريا في مزاد علني    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الليلة.. أدهم سليمان يُحيي حفل جديد بساقية الصاوي    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الخميس 25 إبريل 2024 بالصاغة    حصول 5 وحدات طب أسرة جديدة على اعتماد «GAHAR» (تفاصيل)    رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر: تخصصنا يحافظ على الشخص في وضعه الطبيعي    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    بعد نوى البلح.. توجهات أمريكية لإنتاج القهوة من بذور الجوافة    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تيك توك تتعهد بالطعن في قانون أمريكي يُهدد بحظرها    كيف أعرف من يحسدني؟.. الحاسد له 3 علامات وعليه 5 عقوبات دنيوية    دعاء في جوف الليل: اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور واهدنا سواء السبيل    بعد اختناق أطفال بحمام السباحة.. التحفظ على 4 مسؤولين بنادي الترسانة    "مربوط بحبل في جنش المروحة".. عامل ينهي حياته في منطقة أوسيم    محافظ شمال سيناء: الانتهاء من صرف التعويضات لأهالي الشيخ زويد بنسبة 85%    الهلال الأحمر: تم الحفاظ على الميزانية الخاصة للطائرات التى تقل المساعدات لغزة    محافظ شمال سيناء: منظومة الطرق في الشيخ زويد تشهد طفرة حقيقية    تأجيل بيع محطتي سيمنز .. البنوك الألمانية" أو أزمة الغاز الطبيعي وراء وقف الصفقة ؟    من أرض الفيروز.. رسالة وزير العمل بمناسبة ذكرى تحرير سيناء    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    «زى النهارده».. عيد تحرير سيناء 25 إبريل 1982    غادة البدوي: تحرير سيناء يمثل نموذجًا حقيقيًا للشجاعة والتضحية والتفاني في سبيل الوطن    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ميدو: لاعبو الزمالك تسببوا في أزمة لمجلس الإدارة.. والجماهير لن ترحمهم    صور.. الطرق الصوفية تحتفل برجبية السيد البدوي بطنطا    بالفيديو.. أمين الفتوى: موجات الحر من تنفيس نار جهنم على الدنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمد وصالح والقذافي بين "شبح" مبارك ومفاجأة تربل

ما أن نجحت ثورتا تونس ومصر ، إلا وسارع كثيرون للتساؤل حول الدولة العربية التي سيكون عليها الدور وكانت المفاجأة هي اندلاع احتجاجات واسعة في ثلاث دول مرة واحدة .
صحيح أن الأوضاع الداخلية في كل من اليمن والبحرين وليبيا ليست واحدة ، إلا أن اللافت للانتباه أن الهزات الارتدادية لما حدث في زلزال ثورتي تونس ومصر انتقلت سريعا للدول الثلاث ، حيث بدأت الاحتجاجات بدعوات لمكافحة الفساد والإصلاح السياسي ورفع القيود على الحريات ، وسرعان ما تطور الأمر للمطالبة بإسقاط الأنظمة الحاكمة .
بل وكانت المفاجأة أيضا أن الأنظمة الحاكمة في الدول الثلاث وقعت في الخطأ ذاته الذي أسرع بالإطاحة بنظامي زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر ألا وهو القسوة التي قابلت بها الشرطة المتظاهرين ، الأمر الذي زاد من حدة الغضب الشعبي ووسع من نطاق المظاهرات وعزز من دعوات البعض لإسقاط الأنظمة الحاكمة رغم أن هذا الأمر لم يكن مطروحا في البداية .
ويبقى التساؤل اللغز " هل يستيقظ العرب صباح يوم على مفاجآت جديدة كتلك التي حدثت في تونس ومصر ؟".
ورغم أن الإجابة ليست بالسهولة التي يتوقعها البعض بالنظر إلى اختلاف الأوضاع في كل من اليمن والبحرين وليبيا ، إلا أن هناك عددا من الأمور قد تساعد في توقع ما ستحمله الأيام المقبلة .
فالنسبة لليمن ، فإن الوضع هناك معقدا للغاية حيث يوجد حراك جنوبي يسعى للانفصال وانتشار واسع لتنظيم القاعدة ، بالإضافة إلى الصراع مع الحوثيين مع الشمال ، وهو ما انعكس بوضوح في الشعارات التي تم رفعها خلال المظاهرات .
فقد ركزت الاحتجاجات المتواصلة في صنعاء منذ 8 فبراير على المطالبة برحيل الرئيس اليمني الذي يتولى الحكم منذ 33 عاما ، حيث هتف المحتجون "الشعب يريد إسقاط الرئيس ، الشعب يريد إسقاط النظام" في ترديد لشعارات الثورة المصرية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك ، هذا فيما كان الأمر مختلفا في احتجاجات أنصار الحراك الجنوبي في محافظات عدن ولحج وأبين وشبوة والضالع ، حيث طالبوا بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح وبالانفصال عن الشمال وعودة دولة الجنوب التي كانت مستقلة حتى 1990 وهو الأمر الذي يحمل خطورة بالغة ومن شأنه أن يقلق دول الجوار وخاصة السعودية التي تريد أن يكون اليمن مستقرا وموحدا لمواجهة خطر القاعدة وتجنب إثارة القلاقل على حدودها .
شعارات تطالب صالح بالرحيل
بل وهناك من ذهب إلى أن التركيز على الانفصال في هذا الوقت تحديدا قد يضعف دعوات التغيير ويدعم النظام الحاكم ، فمعروف أن الحراك الجنوبي الذي نشط في السنوات الأخيرة كان يدعو للانفصال بسبب احتجاجه على "التهميش" الذي اتبعه النظام الحاكم ، إلا أنه بعد اندلاع احتجاجات واسعة في صنعاء تطالب بسقوط النظام تأكد للجميع أن الشمال يعاني أيضا كالجنوب من الفقر والبطالة وغياب التنمية والحريات ، ولذا كان متوقعا أن يتوحد الجميع خلف التغيير والإصلاح وبناء اليمن الجديد القوي بدلا من الدعوة للانفصال .

وهناك أمر آخر هام في هذا الصدد وهو أن الجنوب بعد انفصاله في السابق عاد بإرادته للوحدة مع الشمال في عام 1990 ، أي أن الحل ليس في الانفصال وإنما في التغيير في إطار الوحدة وتجنب تكرار ما حدث في السودان ، فأفراد الشعب الواحد لا يمكن فصلهم عن بعضهم البعض مهما كانت المبررات والخلافات وهذا ما تأكد أيضا في انهيار سور برلين وتوحد ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية بعد عقود من الانفصال والعداء.
ويبدو أن رئيس لجنة مرجعية العلماء باليمن الشيخ عبد المجيد الزنداني يدرك جيدا الحقيقة السابقة ولذا سارع للتأكيد في مؤتمر صحفي في 17 فبراير أن عملية التغيير يجب أن تكون عبر الانتخابات رغم تأييده حق الشعوب بالخروج إلى الشوارع والتظاهر ، قائلا :" نحن اليوم بين خيارين، إما أن نتصارع ونتقاتل وتسفك الدماء وإما أن تتفق جميع الأطراف في السلطة والمعارضة على أن يكون التغيير سلميا وعبر صناديق الاقتراع".
ورغم أن كثيرين يرون أن الرئيس علي عبد الله صالح يتحمل مسئولية ما وصل إليه اليمن ويشككون في جدوى وعوده بالتغيير ، إلا أن الأرجح أنه بدأ يعي درس ثورتي تونس ومصر ولذا سارع للإعلان مؤخرا أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة ، هذا بالإضافة إلى إصداره أوامر بتشكيل لجنة تحقيق في سقوط قتلى باشتباكات بين الأمن ومتظاهرين يطالبون بإسقاط نظامه وبالانفصال عن الشمال في مدينة المنصورة بمحافظة عدن يوم الأربعاء الموافق 16 فبراير.
وحتى إن كان صالح يحاول تجميل صورته وتبرئة ساحته من المسئولية الكاملة عن تدهور أوضاع البلاد بسبب الشماعة التي باتت جاهزة في هذا الصدد وهي البطانة أو الحاشية الفاسدة ، فإن توحد اليمنيين جميعا سواء في الشمال أو الجنوب خلف مبدأ التغيير والإصلاح في إطار الوطن الواحد من شأنه أن يسرع بإخراج البلاد من أزمتها والوصول بها إلى بر الأمان .
أزمة البحرين
أحد ضحايا الاحتجاجات فى البحرين
وبالنسبة للبحرين ، فإن الأزمة الحالية ليست جديدة حيث أنها طالما شهدت توترات طائفية بلغت ذروتها في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ، إلا أنه منذ تولي الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم عام 1999 وقيامه بإطلاق مشروعه الإصلاحي الذي أفرج بموجبه عن جميع الموقوفين وسمح للمعارضين في الخارج بالعودة إلى البلاد تنفس الجميع الصعداء وتراجعت بالفعل الاضطرابات الطائفية في المملكة التي يشكل الشيعة نحو 70 في المائة من عدد سكانها لكنها تخضع لحكم العائلة المالكة السنية .
ورغم أن الأمور حتى شهور قليلة مضت كانت تتسم بالهدوء إلا أنه فجأة تصاعد التوتر الأمر الذي أثار كثيرا من علامات الاستفهام ، ويبدو أن الإجابة لم تتأخر كثيرا وانحصرت في عدة تفسيرات من أبرزها الانتخابات البرلمانية والبلدية التي أجريت في 23 أكتوبر 2010 والتي سبقها ما أطلق عليه "تضييق" على المعارضة حيث أعلنت منظمة العفو الدولية أن نحو 250 معتقلا شيعيا اعتقلوا عشية الانتخابات ، كما شهدت المملكة بعد الانتخابات توترات طائفية جديدة على إثر اعتقال ومحاكمة ناشطين شيعة بتهمة السعي إلى تغيير النظام بوسائل غير مشروعة ، هذا بجانب تزايد ضيق الأغلبية الشيعية وخاصة بعد ظهور الأزمة المالية العالمية من احتكار معظم أفراد الأسرة الحاكمة ليس فقط للسلطة وإنما أيضا لثروات المملكة .
بل إنه وفيما ترى الأقلية السنية الحاكمة أن المعارضة الشيعية تنفذ أجندة إيرانية في البحرين وأن السلطات ضاقت ذرعا بممارساتها ، فإن المعارضة الشيعية تتهم الحكومة أيضا بتضييق الخناق على الشيعة حاليا في إطار ترتيبات إقليمية جديدة تشرف عليها أمريكا وتستهدف إيران بصفة خاصة وشيعة المنطقة بصفة عامة ، مشيرة إلى مساعي الحكومة لتجنيس آلاف الوافدين السنة لتغيير التركيبة السكانية في البحرين .
صحيح أن جذور الأزمة من وجهة نظر المعارضة الشيعية ترجع لغياب الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي الذي من المفترض أن يضيق الفجوة الاقتصادية الحاصلة بين النخبة الحاكمة والأغلبية الشيعية إلا أنها تتهم الحكومة أيضاً بمنح حقوق المواطنة للسنة من سوريا واليمن والعراق ومقاطعة بلوشستان الباكستانية إضافة إلى تأمين سكنهم ووظائفهم حتى داخل السلك الأمني الذي يشقى الشيعة للدخول إليه بل ويدعي المشاركون في التظاهرات التي اندلعت في أغسطس الماضي بعد مزاعم عن مقتل شاب شيعي أن الانتشار الواسع لهؤلاء الأجانب المجنسين داخل القوات الأمنية هو السبب الرئيسي وراء استخدام العنف الواسع ضد المتظاهرين الشيعة .
وبصرف النظر عن التفسيرات السابقة ، فإن الاحتجاجات التي خرجت منذ منتصف فبراير تبدو هي الأخطر من نوعها بعد أن طالب البعض بالملكية الدستورية فيما رفع البعض شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" .
فمعروف أن الدعوة المنشورة على إحدى الصفحات على "فيس بوك" طالبت المتظاهرين بالضغط على النظام من أجل القيام بإصلاحات سياسية واجتماعية ورفعت شعار "الشعب يريد إصلاح النظام" ولكن الشعارات تحولت إلى "الشعب يريد إسقاط النظام" بعد انتشار خبر مقتل اثنين من المحتجين وسرعان ما زاد الغضب أكثر وأكثر بعد مقتل 3 أشخاص آخرين إثر تفريق الشرطة فجر الخميس الموافق 17 فبراير لاعتصام في حي اللؤلؤة بالمنامة وما أعقب ذلك من نشر وحدات من الجيش في العاصمة .
ورغم أن ملك البحرين حاول تهدئة الأمور بالإعلان عن صرف مبلغ 2700 دولار لكل عائلة وتخفيف الرقابة على وسائل الإعلام بالإضافة إلى تشكيل لجنة تحقيق حول مقتل متظاهرين ، إلا أن الغضب يبدو أنه وصل إلى ذروته وبات مطلب الملكية الدستورية يتصدر المشهد برمته ، حيث يؤكد المحتجون تمسكهم بالملك إلا أنهم شددوا على ضرورة وجود رئيس وزراء من خارج الأسرة الحاكمة .
مخاوف خليجية وأمريكية
وأمام ما سبق ، فقد تباينت التفسيرات حول تطورات الأوضاع في البحرين ، فقد ذهبت وجهة نظر إلى أن دول الخليج العربية ستقف بحزم وحتى النهاية إلى جانب الحكم في البحرين لمنع كرة النار من الدخول إلى عقر دارها ما قد يشكل فوزا استراتيجيا للجار الشيعي الكبير ، إيران ، ولذا عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي مساء الخميس الموافق 17 فبراير اجتماعا طارئا في المنامة لتأكيد الدعم للبحرين "سياسيا وأمنيا وعسكريا".
ونقلت صحيفة "القدس العربي" عن المحلل السعودي خالد الدخيل القول في هذا الصدد :" إن دول الخليج لا تقبل بتغيير جذري في البحرين ومطلب الملكية الدستورية لا يمكن فرضه من دون تطور سياسي يأخذ وقته".
وأضاف "ذلك سيدخل النظام في حالة ارباك سياسي وأمني يفتح الباب أمام تدخلات خارجية إيرانية وغير إيرانية وهذا لا تقبل به دول الخليج والسعودية خصوصا".
وتابع الدخيل "المطالبات بإسقاط النظام مستفزة جدا لدول الخليج وموقف المملكة سيكون الوقوف إلى جانب النظام السياسي البحريني بقوة وهي لن تقبل أن يسقط النظام في البحرين ، الأنظمة الخليجية تشعر بخطر إزاء أي احتجاج يطالب بتغيير نظام أو حتى بتغيير دستوري فالوضع الاقليمي وخصوصا المشكلة مع إيران قد يبرر عدم الرضوخ الآن لمطالب المحتجين".
واستطرد "أي تغيير في بلد خليجي سيفتح شهية الشعوب في الدول الخليجية الأخرى للتغيير وهذا ليس مقبولا بالنسبة للحكومات الخليجية في ظل جو عالمي وعربي متقلب ومترقب للتغيير ، من دون شك ستقف دول الخليج حتى النهاية وكليا الى جانب النظام في البحرين فهو نقطة الضعف الذي يمكن أن تأتي منه المشاكل ، خصوصا بسبب تركيبته الطائفية (غالبية شيعية) وثروته المحدودة ".
واختتم قائلا :" إذا كان من الممكن نظريا أن تنتقل الحركة الاحتجاجية في البحرين إلى المناطق الشيعية في شرق السعودية إلا أنها لا تؤثر على استقرار النظام السياسي في المملكة".
وفي السياق ذاته ، قال المحلل رياض قهوجي مدير مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري إن اللون الشيعي للاحتجاجات في البحرين يقلل من فرصها بالوصول إلى نتيجة ولذا يجب على الشيعة أن يضعوا مطالبهم المشروعة في إطار وطني ليحققوا تلك المطالب من ناحية ولتأكيد الولاء للبحرين وليس لإيران من ناحية أخرى .
وتابع " العامل الطائفي غير مساعد للمحتجين في البحرين لأنه ينظر إليه من المنظار الإقليمي أي من زاوية إيران ، وأضاف قهوجي أنه سيكون على السعودية أن تلعب دورا ماليا عبر دفع المال لتدعيم النظام في المنامة عبر سد الثغرات الاقتصادية في ظل الموارد الضعيفة للبحرين".
وأضاف قهوجي أن الجيش البحريني سيكون قادرا على التدخل على الأرض على عكس ما كان عليه الوضع في مصر وهو "موال تماما للملك" مع طغيان اللون السني عليه .
ولم يستبعد أيضا احتمال إرسال قوات خليجية لمنع تدحرج كرة الثلج ، مشيرا إلى أن الخوف على الاستقرار في البحرين لا يقتصر على دول الخليج العربية فقط ، فالأمريكيين أيضا لن يقبلوا باهتزاز في البحرين حيث مقر الأسطول الخامس ، فمعروف أنه يدار من المنامة أكبر أسطول بحري في التاريخ وهو الأسطول الأمريكي الخامس مع حلفائه والذي يضم 92 قطعة بحرية بينها حاملات طائرات وغواصات.
وفي المقابل ، ترى وجهة نظر أخرى أن الحل الأمني للأزمة في البحرين لن يكون مفيدا على المدى البعيد ولذا فإنه لا بديل عن حل وسط يجب أن تدفع دول الخليج العربية باتجاهه ويقوم على إدخال إصلاحات سياسية فورية ، فطموحات التغيير باتت تسبق كافة الحسابات السياسية وهذا ما تأكد في ثورتي تونس ومصر .
احتجاجات "تربل"
وأخيرا ، فإنه بالنسبة للوضع في ليبيا ، فإن الاحتجاجات اندلعت أولا في بنغازي في منتصف فبراير إثر اعتقال الناشط والمحامي فتحي تربل الذي يمثل عائلات أكثر من ألف سجين يتردد أنهم قتلوا برصاص الأمن صيف عام 1996 في سجن بوسليم بطرابلس ، حيث تطالب عائلات الضحايا بمعاقبة الجناة وتسلم الجثث التي يقول خصوم الحكومة إنها لم تسلم لذويها إلى اليوم.
وفي بداية الاحتجاجات ، ردد المتظاهرون شعارات للمطالبة بمزيد من الحريات والحقوق غير أن سقف مطالبهم ارتفع لاحقا إلى المطالبة بإسقاط النظام وذلك في أعقاب القسوة التي قابلت بها الشرطة المتظاهرين وتغاضيها عن تهجم عناصر "اللجان الثورية" الموالين للنظام والمسلحين بالسلاح الأبيض و"البلطات" عليهم .
وسرعان ما دعت قوى معارضة عبر الإنترنت لما أسمته "يوم الغضب" أو "انتفاضة 17 فبراير" وعلى إثر هذا ، توسعت الاحتجاجات من مدينتي البيضاء وبنغازي شرقا إلى مدينة الزنتان غربا .
ورغم أنه لم تعرف حصيلة محددة للضحايا ، إلا أن هناك تقارير صحفية تحدثت عن سقوط عشرات القتلى ووقوع "مذبحة" في البيضاء ، حيث استخدمت السلطات بلطجية من المهاجرين الأفارقة لقمع المحتجين وهو الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة حول جدوى حديث الزعيم معمر القذافي المتكرر حول حكم الشعب وتأييده للشعوب الثائرة .
فساد الحاشية
ويبدو أن الإجابة لن تخرج عن الحاشية الفاسدة ، فمعروف أن القذافي وهو أطول الزعماء العرب الموجودين في السلطة عمرا في مدة الحكم حيث أن فترة حكمه تتجاوز الأربعين عاماً طالما شهد له كثيرون بأنه لا يملك قطعة أرض مسجلة باسمه ولا حسابا بنكيا طافحا بالمليارات ولكن أفرادا في أسرته وبطانته المحيطة به "حسب وثائق ويكيليكس" استغلوا اسمه ومكانته لتكوين ثروات هائلة وأصبحت معظم قطاعات الأعمال تحت سيطرتهم وباتوا عنوانا لمعظم الصفقات في البلاد إن لم يكن كلها.
بل وتحدثت صحيفة "أويا" اليومية التي يملكها سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي قبل بضعة اشهر عن انتشار "ثالوث" الرشوة والوساطة والمحسوبية في البلاد وتمنت على الزعيم الليبي استدعاء الرائد عبد السلام جلود الرجل الثاني في الثورة الليبية لتشكيل حكومة ليبية يكون استئصال الفساد في البلاد على قمة أولوياتها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.
وبالإضافة إلى ما سبق ، فقد كشفت تقارير صحفية أخرى أن القاسم المشترك لكل زوار ليبيا من رجال الأعمال الباحثين عن صفقات تجارية أو فرص "بزنسية" هو الحديث عن الفساد في أوساط البطانة المحيطة بالنظام وجشعهم غير المحدود في نهب أكبر قدر ممكن من الملايين وتهريبها إلى مصارف خارجية حتى أن الزعيم الليبي نفسه أكد أكثر من مرة وفي خطابات عامة أنه سيطالب جميع المسئولين بتقديم كشوفات عن ثرواتهم ومساءلتهم عن كيفية تكوينها وتقديم أي فاسد إلى المحاكم تحت تهمة "من أين لك هذا " ولكن هذه الأقوال لم تنفذ عملياً ربما لأنه أدرك أن بعض المتورطين في الفساد هم من أقرب المقربين إليه.
ومن جانبها ، كشفت صحيفة "القدس العربي" في تقرير لها في 17 فبراير أن أكثر من خمسين مليار دولار تدخل سنوياً خزينة الدولة كعوائد نفطية (ليبيا تصدر حوالى 1.8 مليون برميل نفط يومياً) ومع ذلك تنحدر الخدمات العامة من تعليم وصحة إلى مستوياتها الدنيا ويتوجه معظم المرضى الليبيين إلى مستشفيات الأردن وتونس طلباً للعلاج وهما دولتان غير نفطيتين وتعتبران من دول الفقر العربية.
وتابع التقرير " الحريات في ليبيا شبه معدومة والتليفزيون الرسمي فقير في برامجه ونشرات أخباره والصحافة المحلية عبارة عن منشورات محلية بالمقارنة مع نظيراتها في بداية الثورة أو مرحلة ما قبل الثورة حيث كانت صحافة كل من طرابلس وبنغازي نموذجاً للحريات والتقدم المهني والجرأة في انتقاد الحكومة ورئيسها بل والملك شخصياً في كثير من الأحيان".
واستطرد " الشعب الليبي من أكثر الشعوب العربية بساطة وتواضعاً وقناعة فهو شعب عروبي وطني لا يعرف ثقافة الاستعلاء ومن النادر أن تجد خادماً أو خادمة حتى في بيوت الأثرياء ولكن من الخطأ الاعتقاد بأن توفر (الكسكسي) و(المبكبكة) وهي نوع من المكرونة وسندويتش التونا بالهريسة هو قمة المراد ، فالشعب الليبي يريد الكرامة والعدالة الاجتماعية والحريات".
وأضاف التقرير " هذا الشعب يستحق معاملة أفضل وانفتاحاً أكبر على العالم ومساحة أوسع من الحريات ونظاما إداريا عصريا حديثا يلبي الحد الأدنى من احتياجاته البسيطة ولكن يبدو أن هناك مجموعة حول النظام تعيش في كوكب آخر ، الظروف المعيشية والخدماتية في تونس التي لا يوجد فيها نفط أو غاز قد تكون أفضل كثيرا من نظيرتها الليبية ولذا ليس من المستغرب أن يثور هذا الشعب ويتمرد للمطالبة بالعدالة والإنصاف والحريات مثل جيرانه في مصر وتونس".
أخطاء بن علي ومبارك
ورغم أن النظام الليبي قوي ويحظى بدعم قبلي وميليشيات اللجان الثورية ، إلا أن الصحيفة حذرت قائلة :" علينا أن نتذكر أنه لا يمكن أن يكون أكثر قمعاً وبوليسية من نظام بن علي في تونس أو نظام حسني مبارك في مصر حيث فاق عدد رجال الأمن عدد أفراد الجيش وفي نهاية المطاف اضطرا، أي الجيش وقوات الأمن للرضوخ للمطالب الشعبية برحيل النظام".
وأضافت " فرص الإصلاح ما زالت ممكنة في ليبيا لتجنب الأسوأ ولكن ما نراه من تجييش للقبائل والمظاهرات المضادة من قبل الموالين للنظام واحتمالات الصدام مع من يمثلون المطالب الشعبية العادلة ربما تقود البلاد إلى مرحلة من عدم الاستقرار وربما تفكيك الوحدة الجغرافية الليبية وهي نهاية لا نتمناها لليبيا ولا لأي دولة عربية أخرى".
وانتهت الصحيفة قائلة :" أخطاء النظام التونسي السابق كثيرة ولكن أكبرها بل أشدها خطورة هو استعداؤه للإعلام الداخلي البديل (الفيس بوك والانترنت) والخارجي (القنوات الفضائية) والتقليل من أهمية دوره في تحريك الشارع ونرى أن النظام الليبي من خلال الشعارات التي تطرحها المظاهرات الموالية له يوشك على ارتكاب الخطأ نفسه ، بعد انحسار الاهتمام الاعلامي عن ثورتي مصر وتونس، فإن التركيز الآن على ليبيا، وإذا لم يتم التسريع في انطلاقة عملية الاصلاح ومحاربة الفساد وإطلاق الحريات فإن ميدان تحرير آخر بل أكثر من ميدان تحرير في طرابلس وبنغازي سيكون محور المشهد الإعلامي والسياسي الليبي في المستقبل القريب ".
ويبدو أن التقارير حول قطع خدمة الإنترنت عن أجزاء في المنطقة الغربية من ليبيا يرجح صحة ما ذهبت إليه "القدس العربي" وخاصة وأن هذا الأمر كان من أهم أسباب إثارة غضب الشباب المصري أكثر وأكثر ودفعه للخروج للشوارع بأعداد كبيرة .
ويبقى هناك أمرا تاريخيا يجب أن يأخذه النظام الليبي في الاعتبار ألا وهو أن شرارة الاحتجاجات بدأت من مدينة بنغازي التي طالما شكلت صداعا مزمنا للاستعمار الايطالي مثلما شكلت صداعا أكبر لأنظمة الحكم الملكية والجماهيرية التي تلته ، فأبناؤها يتأثرون بشكل مباشر بجوارهم المصري وكانوا الأكثر حماسا للثورة الناصرية والفكر القومي العربي ولذا كان من الطبيعي أن يتأثروا أيضا بالثورة الشبابية المصرية ويبدو أن هذا ربما يفسر لغز تعاطف القذافي مع بن علي ومبارك رغم أنه عرف عنه انحيازه الدائم إلى الثورات الشعبية ودعم حركات التمرد ضد الاستعمار".
وبصفة عامة ، فإن ليبيا باتت محصورة بين ثورتين ، واحدة في غربها "تونس" والثانية في شرقها "مصر" ، وأصبح من الصعب أن تظل في منأى عن تأثيراتهما، ولذا فإن الكرة الآن في ملعب القذافي لإنقاذ الوضع قبل فوات الأوان .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.