ألملم اليوم أوراق الكتابة عن ثورة «ولكن الله رمى»، والتى حاولت فيها أن أثبت لنفسى أن «الشعب أراد الحياة» فمنحه الله الإذن بأن يسّر له ما أراد. أو كما يقول شيوخنا الكبار «التيسير علامة الإذن».. أما بعد.. 1- لابد لنا أن نعطى كل ذى حق حقه، فإذا كان الشباب المصرى قد ألهم العالم كما قال أوباما، فيجب أن نعترف بأن «السويس» هى التى ألهمت الشعب المصرى، السويس التى لم تأخذ هدنة حتى استقر المتظاهرون فى التحرير مساء جمعة الغضب، لم تخرج فى مظاهرة بل كانت تخوض حرباً شرسة شتتت أفكار النظام والداخلية. السويس التى سقط فيها أول ثلاثة شهداء كانت «بوعزيزى» ثورة يناير، وفى الوقت الذى كان فيه هتاف أهل التحرير «سلمية.. سلمية» كان هتاف السوايسة «يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى.. أستشهد تحتك وتعيشى إنتى».. أرجو ألا تسرق الفضائيات والصحف منهم هذا المجد.. كفى احتفالاً بأنصاف الأبطال. 2- إياك أن تمنح قناة الجزيرة أكثر من حقها. فإذا كنت قد استفدت منها مرة خلال الثورة فقد استفادت هى ألف مرة. أرجوك لا تمنح قناة «لم تكن تقف إلى جوار الثورة لوجه الله» ما لا تستحقه ولا تجعلها ضمن الراكبين على هذا المجد. سيكون عاراً على الثورة وعلى الشهداء أن تكون قناة الجزيرة هى الراعى لكل ما حدث. يؤسفنى أن أرى بعض الأصدقاء على ال«فيس بوك» يحملون شعار «الله.. الشعب.. الجيش.. الجزيرة». 3- لابد من توجيه الدعوة من قبل الثورة لأسر الجنود الذين استشهدوا خلال المواجهات للتواجد فى الميدان والاحتفال بهم. الآن بعد نجاح الثورة يمكن اعتبار هؤلاء الجنود المصريين البسطاء ضحايا من أهالينا، اضطرتنا الظروف القاسية للعبور فوق أجسادهم حتى نصل إلى ميدان التحرير، هؤلاء الجنود من سيهتم بأن يواسى أسرهم سوى هذه الثورة النبيلة؟ 4- لابد من الحفاظ على «برستيج» الثورة من قبل محبيها، ففى كل دول العالم تحدث إضرابات تقود إلى الثورة، نحن البلد الوحيد فى التاريخ الذى أدت فيه الثورة إلى إضرابات. كما أن الإعلان عن استمرار الاعتصام فى الميدان حتى تتحقق مطالب الثورة يعتبر إهانة للجيش الذى احتضن الثورة، وإشهاراً لعدم ثقة الثورة فيه. وهو أمر سيحول حياتنا إلى جحيم ويهدم من الأساس ثورة كان شعارها «الجيش والشعب إيد واحدة». 5- لا بديل عن احترام المعارضين للثورة والتخلص من القوائم السوداء التى ظهرت خلال اليومين الماضيين للتنكيل بمن اتخذوا موقفاً مؤيداً للنظام، قامت الثورة لأن النظام كان يكمم الأفواه ويقهر معارضيه ويسخر منهم. ألا يليق بالعهد الجديد أن يتخلص من أحد أكبر مساوئ العهد القديم؟ إن كنت تريد دعم الثورة فعلاً تقبل وجهة النظر الأخرى واحترم عقليات معارضيك ولا تقهرهم، ودعهم يشعروا بأن هناك تغييراً ما حدث بالفعل «على الأقل فى هذه الجزئية»، فإذا كان النظام السابق قد منحك هامشاً ديمقراطياً وهو متضرر، فأنت الآن مجبر على احترام من يخالفك. ستسقط الثورة فى اللحظة التى يتحول فيها ميدان التحرير إلى رمز جديد للديكتاتورية. جريدة المصرى اليوم