في ساعة واحدة منحت وزارة الصناعة ثمانية تراخيص لبناء مصانع حديد وصلب لتضيف لأصحاب المصانع الحالية وعلي رأسهم أمين تنظيم الحزب الحاكم أحمد عز احتكارا علي احتكار.. وبأسلوب الترخيص والتخصيص خلقت في مصر طبقة صغيرة من الرأسمالية المتضخمة في وقت تنازلت فيه الرأسمالية الأصيلة عن توحشها وتوزعت ملكية شركاتها علي الناس جميعا عبر بورصة صارمة منضبطة يصعب العبث فيها. اللافت للنظر أن مصر عرفت هذا الأسلوب قبل غيرها والدليل علي ذلك طريقة تكوين شركة الحديد والصلب وكيفية توزيع أسهمها.. فقد شارك فيها الشعب المصري بمختلف هيئاته وجمعياته ونقاباته وأفراده وعلي رأسهم جمال عبد الناصر نفسه. شاركت جامعات القاهرةوالإسكندرية وعين شمس.. وشركات التأمين المختلفة.. مثل شركة مصر للتأمين وشركة الشرق للتأمين والشركة المصرية لإعادة التأمين.. وساهمت شركات القطاع العام.. مثل شركة تعدين سيناء وشركة حسن علام وشركة اسمنت بورتلاند والجمعية التعاونية للبترول.. وشركات القطاع الخاص مثل الشركة المستقلة للتبريد وشركة موبيليات ميدو وشركة مصر للاستثمارات المالية.. والجمعيات التعاونية وصناديق الادخار والمعاشات والجمعيات الخيرية.. مثل جمعية النور والأمل وجمعية موظفي محاكم الاستئناف وصندوق إدخار موظفي الجامعة العربية وصندوق الجلاء للقوات المسلحة وصناديق معاشات نقابات المحامين والمهن الطبية والمهن الزراعية والجمعية الخيرية الإصلاحية لشباب العلاقي وجمعية المحافظة علي القرآن الكريم وجمعية التوفيق القبطية والجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة وجائزة الأستاذ علي بدوي للطالبين المتفوقين في الشريعة الإسلامية والقانون الجنائي بجامعة القاهرة.. والطوائف والكنائس والمنظمات والاتحادات مثل كنيسة مار جرجس وكنيسة الأقباط الإنجيليين ومنظمة التحرير الفلسطينية ودار التحرير والرابطة الدينية لقراء الإسكندرية.. مئات ومئات من المؤسسات الصغيرة وجدت نفسها في مثل هذا المشروع القومي الكبير الذي بلغ عدد اسهمه 270140062 بسعر السهم جنيهين وبقيمة اجمالية 540280124 جنيهاً ووصلت نسبة مشاركة المصريين فيه إلي مائة في المائة إلا قليلا.. كان المشروع نموذج للملكية الشعبية بعيدا عن سيطرة حفنة عشوائية من رجال الأعمال علي ثروات الأمة بمنحة من الحكومة التي أبقتهم في الوقت نفسه تحت ضرسها في حالة لافتة للنظر ومثيرة للدهشة سيطرت فيها الدولة علي السوق بتحكمها فيمن يملكون السوق. ولو كانت الحكومة راغبة في إثراء الشعب وتوسيع قاعدة الملكية فيه لنقلت ملكية شركات القطاع العام إليه بطريقة الحديد والصلب وليس بطريقة البيع لمستثمر رئيسي كما حدث فيما سمي ببرنامج الخصخصة.. وهو برنامج فتح ابواب الفساد علي مصراعيها وأثار غضب الناس طوال سنوات تنفيذه.. خاصة في الشهور الأولي من عام 2006 حين باعت الحكومة شركة عمر أفندي وهي شركة تبيع للفقراء ومتوسطي الحال جهاز البنات وملابس المدارس وأدوات الأسرة المنزلية. في ذلك الوقت تساءل الدكتور ممدوح حمزة: لماذا لا يجتمع الشعب لشراء "عمر أفندي"؟.. وبالفعل أرسل لوزير الاستثمار محمود محيي الدين فكرة تأسيس شركة بنظام الاكتتاب العام لشراء عمر افندي.. وكان تصوره لو اكتتب 200 ألف شخص بمبلغ 300 جنيه لجمعنا 600 مليون جنيه هي ثمن عمر أفندي.. ويمكن أن يزيد عدد المساهمين مع تقليل نسبة المساهمة. لكن.. كان بجانب الدكتور ممدوح حمزة من اقنعه بالسكوت فهو لا يزال متهما في لندن بمحاولة اغتيال أربعة مسئولين كبار في مصر ومن الحكمة ألا يفتح علي نفسه أبوابا أخري. وبعد غرق العبارة عاودت الفكرة وتساءل: لماذا لا نكون شركة للعبارات يساهم في تأسيسها كل من يركبها بنفس الطريقة السهلة البسيطة؟.. وقفزت الفكرة للمرة الثالثة عند بيع بنك الإسكندرية.. وعند الإعلان عن بيع شركات اخري.. وكانت الحجة أن هناك 620 مليار جنيه ودائع في البنوك تتآكل بفعل الفائدة المحدودة ومعدل التضخم المتزايد فلماذا لا تستغل في شراء الشركات بأسلوب الاكتتاب العام علي طريقة الحديد والصلب ؟ وطور الدكتور ممدوح حمزة الفكرة إلي إنشاء شركة أهلية للاستثمارات بواسطة الاكتتاب العام تتولي تنفيذ مشروعات صغيرة ومتوسطة تأتي بربح عادل لأصحابها وتتخصص في مشروعات الغذاء والتعدين.. ودعا إلي سماع فكرته مجموعة من رجال الأعمال والمهتمين يوم الأربعاء الماضي.. منهم صفوان ثابت ومحمد متولي وأحمد الجويلي وإبراهيم فوزي ومحمد الوحش ومحمود الخضيري ومسعد عويس وفريدة الشوباشي وعبد الله السناوي ويحيي الجمل وصادق السويدي وحاتم الشناوي وغيرهم.. واختير أحمد الجويلي ليكون رئيسا شرفيا للشركة ليضع أسسها القانونية والاستثمارية علي أن يساعده مجلس أمناء مكون من محمد السويدي وعادل اللبان وطارق عبد المجيد ولورا عثمان وفايز صاروفيم وعمرو نصير