مفاهيم كثيرة فى حياتنا لا نعرفها، ولا نريد.. لا نكاد ندرك أبعادها، ولا التمييز بينها.. فلا نعرف مثلاً الفارق بين رئيس التحرير ومدير المصنع، أو مدير المزرعة، أو حتى سايس الجراج.. كما أننا لا نستطيع التمييز أيضاً بين المرشحين فى الانتخابات وأنصارهم ، والسادة البلطجية ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم.. فقد نطرد صحفياً دون تفكير، كأنه سايس.. وقد نعتقل مرشحاً ولا نقترب من المسجل خطر! بالعربى، قد ننجح فى تحضير العفريت، وهو أمر سهل.. ولكن تبقى المشكلة كيف نصرف العفريت.. كيف نحل الأزمة.. وكيف نديرها؟.. مشكلتنا أننا ندير الأزمة بعد الأزمة، ولذلك تتعقد أكثر، ونضرب لخمة.. أسهل شىء أن تهدم عمارة فى ساعة زمن، فالأمر يحتاج لبلدوزر ومقاول هدد، يضرب أعمدة العمارة وأساساتها، فتنهار فوراً.. الأصعب أن تبنى شقة من جديد! إدارة الأزمة هى المشكلة فى مصر.. قرارات متسرعة ومتخبطة، بلا دراسات متأنية، وبلا تفكير.. يحدث ذلك فى السياسة والاقتصاد، مع أن الغلطة ب«فُورة»، كما حدث فى مناسبات كثيرة.. وفى كل مرة كنا نكتشف عدم وجود دراسات أو خطط بديلة.. من أجل هذا نحن ندق ناقوس الخطر.. الآن قبل فوات الأوان.. ما هى أجندة الحكومة لمواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار.. من الطماطم إلى البلطجية؟! ناقشت الدولة على أعلى مستوى ظاهرة ارتفاع أسعار الطماطم والخضار واللحوم.. سواء فى لقاء المثقفين والرئيس مبارك، أو فى لقاء الرئيس بمجلس الوزراء.. يعنى «اعتراف رسمى» بالأزمة الطاحنة «غير المسبوقة» التى تمر بها البلاد.. لكن الدولة المصرية أغمضت عينيها عن ارتفاعات أخرى مجنونة فى تسعيرة البلطجية، قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة! هل القضية فى ارتفاع سعر البلطجية؟.. وهل إتاحة البلطجة بأسعار فى متناول الجميع تكون حلاً؟.. هل وضع تسعيرة جبرية للبلطجية، يؤكد سيطرة الدولة ويؤكد هيبتها؟.. هل نعمل منافذ معتمدة للبلطجة، كما هو الحال فى منافذ وزارة الزراعة، لضبط حركة السوق؟.. ما هو الحل فيما يجرى، دون أن تعترف به وزارة الداخلية.. لا ببيان ولا بمحضر إثبات حالة؟! من المؤكد هناك صناعات نشطت بالتوازى مع موسم الانتخابات.. منها صناعة البلطجة رقم واحد.. غير صناعات الدعاية من أولها لآخرها.. الغريب أن الحكومة تركت كل ذلك للعرض والطلب.. وفقاً لآليات السوق.. فمثلاً، أشارت التسعيرة المعلنة إلى مهام وأرقام يشيب لها الولدان.. تبدأ من الردح السادة والمحوّج والتجريس وميّة النار والتشويه إلى إسقاط المرشح.. وانتهاء بزفة كيداهم وأبوشفة! الكارثة أنه مع دخول ذروة الموسم، يزداد الطلب أكثر، وتزداد الأرقام.. وتختلف التسعيرة فى العاصمة عنها فى المحافظات.. وبالتالى فلا تستبعد أن يحدث نزوح للبلطجية والمسجلين خطر من الأقاليم إلى قاهرة المعز.. ولم يكن غريباً أن يرفع البلطجية فى الغربية وغيرها، من وجه بحرى، التسعيرة بنسبة 100%، مرة واحدة.. وأطرف ما فى المسألة أن وحدة القياس كانت سعر الطماطم! ربما كان هذا هو السبب فى عمل محلات نفخ العضلات حتى الصباح.. طبعاً هناك قانون للبلطجة وميثاق شرف، رجالى وحريمى، وهناك قواعد تضمن عدم تجاوز المناطق.. هناك كل شىء، ولكن ليست هناك انتخابات، وليست هناك دولة.. فهى تطلق سراحهم لتنفيذ مهمة..الأغرب أنها تعتقل أنصار المرشحين، ولا تعتقل البلطجية.. تشجيعاً للبيزنس.. بيزنس البلطجية والنواب معاً، بأموال لا نعرف مصدرها! المصرى اليوم