كاتب وناقد رياضي فلسطيني زمان .. واحنا في المدرسة الإبتدائية في نهاية الخمسينيات .. وبعد رحيل العدوان البريطاني الفرنسي الإسرائيلي الثلاثي واندحاره ملوما محسورا عن أرض مصر العظيمة .. وفي احتفالاتنا بعيد النصر الذي تصادف ذكراه الثاني والعشرين من فبراير شباط الحالي .. كنا نغني مع شادية : أمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد .. أمانة عليك أمانة لتبوسلي كل إيد .. حاربت في بور سعيد .. وبعد شهور قليلة من هزيمة السبعة وستين ظهرت بوادر اجتياز محنة الهزيمة وعودة الكرامة العسكرية العربية في إنتصار كتيبة من الصاعقة المصرية – خير جند الأرض – على كتيبة مدرعة صهيونية في راس العش في البر الثاني المقابل لبورسعيد .. وكانت القاعدة البحرية البورسعيدية راس الحربة التي انطلق فدائيوها لتدمير وإغراق المدمرة إيلات فخر البحرية الصهيونية .. يعني بورسعيد مدينة مقاومة وصمود .. طيب ليش الأبناء تجاوزوا الحدود .. وشوهوا بطولة الآباء والجدود ؟ .. وطلع منهم مجموعات من القتلة البلطجية .. وارتكبو مجزرة قتل إخوتهم في الدم والهوية من الألتراس الأهلوية .
الحكاية مش فلول النظام البائد ولا سوزان وفلان وعلان إللي حالهم زي ما بيقول المثل الفلسطيني " خلصني وخد عباتي " .. والفلول ناس جبناء وعجزة عن تدبير هذه الأشياء .. كمان بلاش الحديث عن أيدي وأصابع خارجية علشان " دود المش منه فيه " .. والحكاية من أولها لآخرها ثقافة جديدة لفئة من الشباب المصري إللي عامل حالو ثوري .. ثقافة عدم احترام الأمن والنظام وفقدان هيبة الدولة ومؤسساتها .. ثقافة الإعتداء على المؤسسات والبلطجة والسرقة والقتل وفعل الموبقات .. ثقافة غريبة عن عادات وقيم وتقاليد وقيم الشعب العربي المصري وأرض الحضارات .. كمان شرطة خايفة مش متواطئة .. وزي ما عبر عنه كاريكاتير مصطفى حسين يوم الحد إللي فات في جرنال الأخبار .. مش كل واحد شال العلم ولبس التلفيحة الفلسطينية صار ثوري ابن ثوري يحرق ويدمر مش خايف من الشرطة عشان حقوق الإنسان !!! .. والكوفية الفلسطينية رمز لأنبل وأطهر ثورة مقاومة وجهاد واستشهاد في العصر الحديث .. مش لازم يتلفح فيها إلا الثوار المجاهدين الحقيقيين .. وإللي اليومين إللي فاتوا بيهاجموا وزارة الداخلية ناس صيع ضيع فاقدين .. وبلطجية مأجورين .. لناس عايزين يدمروا هيبة الجيش والشرطة وحرام يكونوا مصريين .. وكمان مرة صدق فيهم مصطفى حسين في كاريكاتير أول أمس الثلاثاء في ردة فعل على إشتباكات وزارة الداخلية عندما رمز لمصر بسيدة مصرية تحمل بيدها شبشبها وتجري وراء بلطجي يحمل العلم لمداراة بلطجته صارخة فيه : لا انت ثوري ولا التراس .. إيه إللي يوديك هناك يا جبان ياابن الصرمة .. انت تستاهل ضرب الرصاص .
والمجزرة إللي حصلت في بور سعيد سببها الأول والأخير نوايا مبيتة وتخطيط إجرامي مع سبق الإصرار والترصد لألتراس النادي المصري البورسعيدي الموتور الحاقد الفاقد لكل معاني الإنسانية تدفعه عوامل الغيرة الدامية والحسد القاتل تجاه فريق الأهلي وجمهوره المتفوق عليه ثقافة وأخلاقا وقيما المستمدة من تاريخ كروي حافل بالبطولات المحلية والعربية والقارية .. وأحاسيس وطنية ومشاركة فعالة في الأحداث الوطنية والتاريخية .. وساعد الألتراس البورسعيدي على تنفيذ فعلته الدنيئة تهاون وتخاذل قوات الأمن والشرطة التي لم تحرك ساكنا إلا بعد فوات الأوان وبعد الفاس ما وقعت في الراس .. وبالتأكيد فإن سلبية الشرطة سببها الوحيد الخوف من المحاسبة بعد أن فقدت هيبتها في عموم الديار المصرية .. وهذا الكلام لا يعني التعميم على شعب بور سعيد صاحب التاريخ النضالي .. الذي خرجت من بينه تلك الفئة الضالة المندسة التي ارتكبت المجزرة على أرض بور سعيد الأبية .
وإلى جماهير الأهلي وذوي الشهداء الأبرار .. هناك فرق بين الإنتقام والقصاص .. والإنتقام ليس من شيم الكرام .. ولكم في القصاص حياة يا أولي الأباب .. والقصاص لا يكون باليد ولكن بإقامة حدود الله عن طريق القضاء العادل المشهود له نزاهته في مصر المحروسة .. لا .. لا .. لنداءات الثأر .. جيبوا حقهم ولا تموتوا زيهم .. بالقانون .. وتطبيق القانون وإعادة هيبته هو المهم .. وليكف الإعلام عن التحريض وإثارة النعرات فالشعب المصري شعب واحد في وطن واحد .
وللشعب المصري الشقيق عامة وحبايبنا في الأهلي وجماهيرة خاصة .. مصابكم مصابنا وخاطركم خاطرنا .. ولنجتاز معا هذه المحنة بكل عقلانية من أجل مصرنا العظيمة آمنة قوية بجيشها وشرطتها وناسها .. ونبتهل إلى الله الرحمن الرحيم أن يلهم أهالي الشهداء الصبر والسلوان ونحتسبهم عند خالقهم شهداء بين الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا .
وللجهات القيادية السياسية والرياضية : في أعناقكم إجتياز هذه المحنة بالتغلب على كافة السلبيات والمستجدات التي شهدتها الكرة المصرية من أجل الملايين الذين يعتاشون منها .. ومن أجل الأندية المرتبطة بعقود الرعاية والإعلانات علشان ما يكونش موت وخراب ديار .
والمأساة البورسعيدية .. وحدت المصراوية
والناس معادن ومن أغلى المعادن تلاقي ناس .. والزمالك بكل منظومته طلع ألماس .. ومعاه كل الأسرة الرياضية .. قبلي وبحري والقنال وكل الجماهير الكروية .. حتى البورسعيدية .. قلب واحد وإيد واحده مع العيلة الأهلوية .. وسيد المعلمين أبو كريم شحاته كان أول المبادرين للتضامن العملي مع الشهداء والمصابين .. في خطوة لازم كل الرياضيين يحطوها ع الراس والعين .. ومعاه جهاز الدراويش واللعيبة من الفريقين .. واستاد القاهرة كان أول الشرارة .. لثورة الغضب والإستنكارات إللي شملت كل الأندية المصرية والعربية والعالمية بما فيها القيادات السياسية .. وريسنا محمود عباس عبر عن مشاعر كل الفلسطينيين .. علشان مصر أمنا .. فرحها فرحنا .. وأتراحها أتراحنا .. وفي بيت العزاء في نادي العرب الأول " الأهلي العظيم " تصافت النفوس و زالت وانشا الله إلى غير رجعة كل المناكفات بين الجماهير واللاعبين والحزن والأسى الممزوج بالغضب وحد كل المصريين .. وزالت من المواقع الرياضية الأهلوية والزملكاوية كل مظاهر الإحتقان والتحريض .. وإن شا الله نشوف توابعها الطيبة في المدرجات وتزول الألوان ويكون العلم المصري هوه العنوان .. وشكرا يا شيكا يا صعيدي يا أصيل أصالة الشعب الطيب في وادي النيل .. وقولوا يارب ترجع أيام الزمن الكروي الجميل .