ورغم ذلك فأنا أري أن مسلسلات السيرة الذاتية أحداثها تحمل قنابل درامية موقوتة.. ربما كانت شخصية عالم الذرة المصري "مصطفي مشرفة" هي الاستثناء نظراً لأنها تتناول مرحلة زمنية شخوصها ليسوا أحياء والورثة لا يملكون وثائق والأحداث تبتعد عن زماننا أكثر من نصف قرن كما أن المخرجة "إنعام محمد علي" مخرجة مسلسلي "أم كلثوم" و "قاسم أمين" تعودت أن تقدم الجوانب المشرقة والإيجابية لمن تتناول حياتهم.. الأهم من كل ذلك أنها بالفعل تختار زاوية رؤية عامة تبتعد عن الجانب الشخصي إلا بالقدر الذي يدعم الخط الأساسي وهو إضفاء الجوانب الإيجابية لتلك الشخصية وهو بالفعل ما شاهدناه في الحلقات التي قدمت الظلال الشخصية لعالم الذرة "د.مصطفي مشرفة"!! ولكن الأعمال الثلاثة الأخري أتصورها محفوفة بالغضب لأنها تحمل في ثناياها بذور لتعدد وجهات النظر.. مثلا اً"صباح" باحت للكاتب "فداء الشندويلي" بالكثير ولكن هذا الكثير والشخصي والمثير تظل فقط هي رؤية "صباح" للحقيقة وليست بالضرورة هي الحقيقة التي حدثت.. مثلاً أشارت "صباح" إلي أن كلاً من "أنور وجدي" و "هنري بركات" و "فريد الأطرش" قد وقعوا في حبها وتمنوا زواجها هذا هو ما تعتقده صباح ولكن ليس هو بالضرورة الحقيقة ربما الأمر لم يتجاوز الإعجاب أو كانت لديهم أغراض أخري.. بعض الشخصيات لن تذكر أسماؤها مباشرة في مسلسل "الشحرورة" خوفاً من الملاحقة القانونية إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أن صناع المسلسل في مأمن قانوني.. الكل يترقب أكثر من حكاية مثيرة في حياة "صباح" منذ أن قتل شقيقها أمها أمام عينيها لشكه في سلوكها وبالطبع غراميات وخيانات "صباح" ستشكل عامل جذب إلا أن السؤال هو: هل تصل جرأة المسلسل إلي ما شاهده الناس من قبل في البرامج المتعددة التي كانت "صباح" ضيفتها وهي تبوح بكل شيء.. وتبقي تلك الواقعة التي سوف يتم تفسيرها سياسياً خاصة ونحن نعيش أجواء الثورة السورية فهل توجه "صباح" تحية لبشار الأسد الذي أمر بأن يتكفل بمصاريف علاجها قبل بضع سنوات.. لو فعلت "صباح" ذلك سوف تغضب الكثيرين وسوف يعتبرون "صباح" تحاول أن تضفي وجهاً إيجابياً علي "بشار" الذي يقمع شعبه ويطارد أي فنان يعارضه ربما لو فعل المسلسل ذلك سوف يجد نفسه دخل تحت طائلة المطالبة بالمقاطعة.. وتبقي بطلة المسلسل "كارول سماحة" التي لم أجد فيها شيئاً من جاذبية وسحر "صباح" في مرحلة الشباب التي وثقتها عشرات الأفلام التي تعرضها الفضائيات!! "أحمد الريان" صاحب شركات توظيف الأموال لم تكن المرة الأولي التي قدمت حياته في عمل فني سبق أن تناولها "يحيي الفخراني" في مسلسل "الخروج من المأزق" قبل أكثر من 25 عاماً هذا العام كان "أحمد الريان" حاضراً.. في المسلسل الأول كان فقط متهماً ولكن في مسلسل "الريان" التقي به مؤلفا النص وأيضاً البطل "خالد صالح" في لندن رغم حرص المخرجة علي التأكيد في بداية الحلقات أن هذه حلقات خيالية.. كانت شركات توظيف الأموال قبل أكثر من 30 عاماً واحدة من أكبر الصفقات المالية التي خدع بسببها قطاع وافر من المصريين وقدمت عنها عشرات الأفلام حيث اختلط خلالها الدين بالسياسة.. لا أتصور أنه من الممكن أن يقدم مسلسل من وجهة نظر "أحمد الريان" فقط ولكن هناك المخدوعون وهناك أيضاً المتورطون ومعني ذلك أن المسلسل سوف يفتح الكثير من المسكوت عنه لرءوس فساد كانوا في السلطة وبعضهم الآن في سجن "طرة".. المسلسل يمهد لكل ما فعله "الريان" بمواقف ذرعها منذ طفولته.. "أحمد الريان" الذي يعتقد أنه كان ضحية صراعات في السلطة فأطاحوا به ولكن الحقيقة تكشف الكثير وتفضح أسماء ووقائع عديدة كان مسكوتاً عنها قبل الثورة!! ويبقي مسلسل "في حضرة الغياب" عن حياة الشاعر "محمود درويش" الذي لم يغب عنا أكثر من ثلاث سنوات أي انه لا يزال له حضوره في الحياة.. "درويش" يعتبر ضمن عدد محدود جداً بين الشعراء الذين حققوا نجومية بحضورهم الشخصي وليس فقط حضورهم الشعري.. "محمود درويش" كان ينافس في هذا الشأن الشاعر السوري الكبير "نزار قباني" والشاعر المصري الكبير "عبد الرحمن الأبنودي"!! المسلسل إخراج "نجدت أنزور" ويؤدي دوره "فراس إبراهيم" أمام "سولاف فواخرجي".. "فراس" هو المنتج وكان قد سبق له أن حقق نجاحاً ملفتاً وهو يؤدي شخصية "فؤاد الأطرش" في مسلسل "أسمهان" إلا أنه يعود بطلاً هذه المرة في مسلسل "محمود درويش".. بالتأكيد حياة "درويش" تعني حضور القضية الفلسطينية والصلف والعدوان الإسرائيلي ثم علي المقابل فضح المواقف العربية المتراجعة بل وبعضها المرتبط بالمصالح الإسرائيلية والأجندات الأمريكية وهو ما أتصوره سوف يلقي بظلاله علي المسلسل.. حياة "محمود درويش" ليست مجرد سيرة حياة شاعر كبير لا نزال نستعيد قصائده وومضاته الشخصية إنها حياة عالمنا العربي الذي عاش النكبة منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 48 "فراس" لم يستطع أن يقنعنا حتي الآن بإحساس ووميض شخصية "محمود درويش" حتي أن المؤسسة الثقافية التي تحمل اسم "محمود درويش" تبرأت مؤخراً من المسلسل لاعتراضها علي أداء "فراس"!! أغلب تلك المسلسلات حتي التي ساهم أبطالها في نسج تفاصيلها ولكنها لن تمر أبداً في هدوء ستثير الكثير الذي يتجاوز ************* فشل التوريث الفني.. «عدوية» الأب لم يمنح العرش ل «عدوية» الابن في العام الماضي كان الشارع العربي يردد "الدويتو" الرائع الذي قدمه أحمد عدوية مع رامي عياش "الناس الرايقة".. كان "رامي" هو صاحب الفكرة بالغناء مع "عدوية" برغم ابتعاده عن الأضواء إلا أن "رامي" راهن علي أن "عدوية" الأب سوف يمنح بنبرات صوته إحساساً شعبياً للناس الرايقة والعالم المتضايقة. هذا العام أراد محمد عدوية "الابن" الذي ورث الغناء عن أبيه وكان يعده لوراثة عرش الأغنية الشعبية بعده أن يقدم دويتو به كل الملامح الشعبية أطلق عليه اسم "المولد".. لو استمعت إليه سوف تجد أنه وجه آخر للناس الرايقة ولكن لم يحقق المول أي رواج جماهيري لم يشتريه لا الناس الرايقة ولا العالم المتضايقة وظل "محمد" في تلك المرحلة المتوسطة الرمادية اللون لا نجاح طاغ ولا فشل ذريع!! الحقيقة أن الآباء كثير ما يعتقدون أنهم يستطيعون أن يدفعوا بأبنائهم خطوات للأمام ولكن الناس لديها حكم آخر.. "عادل إمام" مثلاً راهن علي ابنيه "محمد" ممثلاً و "رامي" مخرجاً في مسلسله القادم "فرقة ناجي عطا الله" وما حدث علي أرض الواقع هو أن المسلسل تعثر استكماله لأن "رامي" لم يستطع إنجاز معدلات التصوير في التوقيت المطلوب بينما لم يكن "محمد" ملتزماً بالحضور في مواعيد التصوير واضطر "عادل" بسبب انتقاد المنتج لسلوك ابنيه أن يتحول إلي محام للدفاع عن التزامهما!! لو راجعت أحاديث "عادل إمام" طوال السنوات الأخيرة سوف تجد أن "عادل" يعتبر "محمد" خليفته ووريثه الشرعي علي عرش الكوميديا.. "عادل" مثلاً هو الذي دفع قبل 20 عاماً في أدوار صغيرة بكل من "محمد هنيدي" و الراحل "علاء ولي الدين" وحقق كل منهما نجاحاً جماهيريا ضخماً وصارا من نجوم الشباك وهو الذي قدم "أحمد مكي" قبل أربع سنوات في فيلمه "مرجان أحمد مرجان" ومن بعدها انطلق "مكي" محققاً نجاحاً استثنائياً في الكوميديا بل إن إيرادات أفلامه أصبحت تنافس بقوة إيرادات أفلام "عادل إمام"!! علي الجانب الآخر منح "عادل" الفرصة لابنه "محمد" في فيلمي "عمارة يعقوبيان" و "حسن ومرقص" ولم يستطع "محمد" أن يثبت نفسه كنجم له جاذبية جماهيرية بعيداً عن الأب حيث لعب بطولة فيلم "البيه رومانسي" بلا إيرادات محسوسة في شباك التذاكر.. وحتي كتابة هذه السطور لا يزال قابعاً في تلك المرحلة الرمادية!! لدينا المخرج "إسماعيل عبد الحافظ" الذي يعتبر واحداً من أهم مخرجي الفيديو في العالم العربي لو راجعت أسماء النجوم الذين بدأوا خطواتهم الأولي في الشاشة الصغيرة في السنوات الأخيرة سوف تكتشف أن بداية الانطلاق بدأت مع أحد مسلسلات "إسماعيل عبد الحافظ" مثل "مني زكي" ، "كريم عبد العزيز" ، "ياسمين عبد العزيز" بعدها صاروا نجوماً محققين نجاحاً ملفتاً علي الشاشة الكبيرة ورغم ذلك فإنه لم يستطع أن يحقق مع ابنه "محمد عبد الحافظ" أي قدر من النجومية رغم أنه كان بمثابة "راكور" ثابت في مسلسلاته ودائماً ما يمنحه دور بطولة ولكن كان للناس رأي آخر.. أيضاً ظل في المرحلة الرمادية!! الناس لديها دائماً ترمومتر خاص لا يعترف بتوريث الفن مشاعرها قد تتوجه لفنان ولا تعرف الأسباب الكل يختار بدون وساطة الأب أو الأم.. إن السؤال هل الأب يكذب علي نفسه عندما يتحيز إلي ابنه.. الحقيقة هي أن الأب عادة يري أن ابنه موهوب ولا يعيبه سوي أنه ابن فلان أو فلانه أتذكر مثلاً أن "فريد شوقي" كان شديد الحماس لابنته "رانيا فريد شوقي" وأنتج لها فيلم "آه من شربات".. وأيضاً "محمود ياسين" تحمس لابنته "رانيا" وأنتج لها فيلم "قشر البندق" ولم يستطع لا "فريد" ولا "محمود" أن يضعا ابنتيهما علي الخريطة الفنية السينمائية بات تواجدهما فقط في التليفزيون!! لماذا نجح دويتو "الناس الرايقة" لأن الناس صدقت الحالة الكيمائية الخاصة بين "رامي عياش" و"عدوية الأب" بينما كانت مفقودة تماماً في حالة "عدوية الأب والابن" بالتأكيد لو أن الجينات الوراثية كانت هي الفيصل لكان النجاح من نصيب عدوية وابنه ولكن الكيمائية الفنية ************ «البلح» رؤية سياسية ل «ياميش رمضان» قالوا كتير عن بهية احكي لنا عن ياسين.. أغنية رددها "محمد العزبي" بعد النجاح الطاغي لأغنية "بهية وعيون بهية" فقرر أن يغني لياسين وشحتفة ياسين وفي دنيا السياسة حكينا كثيراً عن موقعة الجمل ولم نبحث في ملف موقعة أسبق من الجمل وهي موقعة البلح!! في رمضان الماضي وضعت أجهزة الدولة الخطة من أجل تسويق "جمال مبارك" من خلال البلح حيث أطلقت علي نوع غالي الثمن اسم "جمال" ولا يمكن تصور أن كل ما هو متعلق بالتوريث و"جمال مبارك" هو مجرد اجتهاد من أحد الأشخاص يصيب أو يخطئ ولكن الدولة كانت حريصة علي أن تضع الخطة بالتفاصيل.. لا يجرؤ بائع بلح أن يضع اسم "جمال" علي جوال بلح ويحدد الثمن إلا إذا كان هناك من طلب منه ذلك مثل تلك الصور ذات الوجهين التي رفعتها أغلب الأكشاك قبل ثلاثة أعوام في وسط المدينة بها وجه الأب ووجه الابن وكأنهم يبعثون برسالة مباشرة للدولة يقولون فيها تريدون التمديد نحن معكم الصورة مرفوعة لمدة سادسة تريدون التوريث الوجه الثاني للصورة تحت الطلب.. كانت أجهزة الدولة في حالة يقظة للعب علي تفاصيل تمهد المجتمع لتقبل التوريث ليس فقط كأمر واقع ولكن لأنه هو الحل الأمثل المتاح أمامها لكي تلحق بركب العصر!! لا تصدق قطاعاً وافراً من الفنانين والمثقفين الآن وهم يؤكدون رفضهم للتوريث أغلبهم كانوا سيفعلون بالضبط مثل بائعي البلح سيضعون تحت "جمال" أعلي سعر لتسويقه لدي الجمهور مؤكدين أنه مواطن مصري ومن حقه أن يتمتع بحقوقه الدستورية التي تجيز له الترشح ولا يجوز دستورياً أن نحرمه بحجة أنه ابن الرئيس!! لو راجعت الصحف المستقلة قبل القومية ستكتشف أن أغلبها لعب دوراً في التمهيد لاستخدام سلاح البلح للتمهيد للوريث حيث وصل سعر بلح "جمال" وقتها إلي 15 جنيهاً.. الآن تلك الصحف هي نفسها التي تابعت هزيمة "جمال" هذا العام في سوق البلح حيث وصل سعر الكيلو الذي يحمل اسم مساجين طرة إلي 2 جنيه ونصف الجنيه أي أنه بلح جمال وعلاء والعادلي وعز وأخواتهم وكأن الأقدار ترد لهم الصفعة صفعتين.. كان سوق البلح هو أحد وسائل الدولة لكسب نقاط في صالحها فصار بعد الثورة هو الوسيلة الشعبية لكشف فسادها!! سوق البلح وتستطيع أن تضيف إليه أيضاً سوق الفوانيس في رمضان كان يبدو لي وكأنه بمثابة استفتاءً جماهيري تلقائي يكشف توجهات الرأي العام ليس فقط علي المستوي الفني أو الرياضي ولكن أيضاً السياسي حيث كان البلح دائماً يمنح أسعاراً مرتفعة للنجوم الشعبيين في التمثيل والغناء وتتغير الأسعار من موسم إلي آخر مثلاً "أبو تريكة" لاعب الكرة كان الأعلي بعد ذلك صار "جدو" هو الأعلي.. "نانسي" و"هيفاء" كثيراً ما كانتا تتبادلان المركز الأول.. كان الرئيس الأمريكي "أوباما" يحتل مكانة مميزة حتي العام الماضي نظراً لإعجاب المصريين بمواقفه بعد ذلك هبط سعره مع هبوط شعبيته ومصداقيته! المشاعر لا تكذب ولكنهم من أجل توريث الحكم لجمال كانوا حريصين علي تزييف مشاعر ورغبات الناس ولهذا اتفقوا علي أن يحمل اسمه نوع غالي من البلح! ما الذي تعنيه واقعة البلح إنه تزوير وتلاعب لتوجيه إرادة الناس ولهذا أري أن كشف تفاصيل واقعة البلح لا يقل أهمية عن واقعة الجمل.. لو بحثنا عن عدد من الخيوط التي ربطت في الماضي بين بعض القنوات الفضائية والصحف الخاصة وبيت الرئيس المخلوع وكيف كانوا جزءاً من تلك الصفقة حتي لو كانت المشاركة مجرد جوال بلح ربما نكتشف من خلال موقعة في كل الأعمال الرمضانية خلال السنوات الأخيرة صار تقديم حياة الفنانين والسياسيين أحد الأهداف الرئيسية التي تسعي الأعمال الدرامية لتحقيقها.. من الواضح أن التجربة العملية أثبتت أن الجمهور العربي يفضل تلك النوعيات!! هذا العام نحن بصدد أربع شخصيات، اثنان منها علي قيد الحياة وهما الفنانة الكبيرة "صباح" ورجل الأعمال "أحمد الريان" والراحلان الشاعر الفلسطيني "محمود درويش" وعالم الذرة المصري "د.علي مصطفي مشرفة".. أغلب تلك الأعمال ساهم أصحابها أو الورثة في تقديمها وبعضها مأخوذ من كتابات موثقة لهم.. الأمر يبدو للوهلة الأولي مأمون العاقبة، فإن غضبة مثل تلك التي أثارها قبل سنوات ورثة كل من "سعاد حسني" و "عبد الحليم حافظ" و"نزار قباني" و"ليلي مراد" و "أسمهان" و"حسن البنا" ووصل بعضها إلي ساحة القضاء ولا تزال عدد من القضايا تتابعها المحاكم حتي الآن.. بل وصل الأمر مثلاً مع ورثة "أسمهان" في جبل الدروز بسوريا أن هددوا صناع العمل وأبطاله بالتصفية الجسدية.. يبدو للوهلة الاولي أن هذه المسلسلات هذا العام لن تشهد اعتراضات وقضايا!!