تشير توقعات سوق الدراما إلى أن مسلسلات السيرة الذاتية ستكون أهم ظواهر مواسم العرض فى العام المقبل، وأنها ستنافس السيت كوم على شاشة رمضان المقبل. وتستند تلك التوقعات على البيانات الصحفية والتصريحات التى أطلقتها المؤسسات الإنتاجية، عن مشروعات لتقديم مسلسلات عن حياة شخصيات لعبت أدوارا مهمة فى الحياة الاجتماعية والسياسية والفنية، وتركوا قصصا تتضمن الكثير من القيم والمعانى والدراما الإنسانية، التى يمكن تناولها فى أعمال فنية، مثل: روزااليوسف ومصطفى مشرفة وفريد شوقى وعمر المختار ورشدى أباظة وأنور وجدى وصباح، وغيرهم، «الشروق» فتحت هذا الملف لتناقش ظاهرة مسلسلات السير الذاتية فى الدراما، هل ستقدم جديدا أم أنها مجرد موضة؟! ترى المخرجة إنعام محمد على، أن الفيصل عندها هو أن تقدم ما يحب أن يراه الناس وليس ما يرغبه الناس فى رؤيته، وأنها عندما تلجأ لتناول شخصية من الماضى، فهى تريد أن تعالج قضية للحاضر، فعندما قدمت مسلسل «أم كلثوم» كانت تعرض حال الغناء فى زمن الفن الجميل، لتقدم رسالة لصناع الفن فى عصرنا الحالى، من خلال رحلة صعود سيدة مصرية للقمة فى هذا المجال. وأشارت إلى تناولها قضيا المرأة، وما تعانيه من اضطهاد فى المجتمع الذكورى الشرقى، وذلك من خلال مسلسلها «قاسم أمين»، وأضافت أنها فى مسلسل «مصطفى مشرفة»، الذى تقوم بتجهيزه الآن تتناول موضوع البحث العلمى فى مصر من خلال حياة عالم الذرة المصرى الراحل، والتى بدأت فى العشرينيات من القرن العشرين، واشترك فى أبحاث الذرة وتبادل أبحاثا بينه وبين العالم أينشتاين، والمسلسل يتساءل عن موقعنا فى حفل البحث العلمى، والمقصود هنا أننا محتاجون إلى إعادة النظر فى قيمة العلم والعلماء. وأرجعت فشل أغلب المسلسلات السيرة الذاتية إلى عدم التحضير الجيد لها، وقالت: إن هذه النوعية من الأعمال الدرامية تحتاج إلى وقت طويل للتحضير، ولكن السباق على موسم العرض الرمضانى لا يترك للمنتجين فرصة لتحضير الأعمال، ولذلك ظهرت معظم أعمال السيرة الذاتية بهذا الشكل المسىء، لها وللشخصية التى تناولتها وبدلا من إعادتها للحياة فى الدراما، فإنهم يعيدون دفنها من جديد. وبررت تهافت المنتجين على تقديم مسلسلات سيرة ذاتية بسبب شعورهم بأن الجمهور يرغب فى معرفة تفاصيل أكثر عن الحياة الشخصية، وهنا يكون الهدف هو تحقيق الربح من وراء سيرة المشاهير. الفنان مجدى كامل، الذى يستعد حاليا لتجسيد شخصية عمر المختار، قال: «لكل ممثل أحلامه وطموحاته والأدوار، التى يحب أن يقدمها، وأنا من الذين يفضلون أعمال السيرة الذاتية، خصوصا عندما تكون لشخصية قومية لها تأثير قوى وفعال، مثل تجسيدى شخصية الزعيم جمال عبدالناصر لأنه شخصية تاريخية، ساهمت فى تغيير شكل الحياة فى بلده الذى أحبه». وأضاف: «الهدف من تقديم سيرة شخصية من هذا النوع هو تعريف الأجيال الجديدة بتاريخنا وأن الحياة فيها قصص لبطولات ومواقف وطنية، وقصص نجاح وغيرها من القيم النبيلة، التى يمكن أن تكون حافزا للتفوق لهذا الجيل الصاعد، ومن هذا المنطلق قبلت أخيرا عملا يجسد حياة الزعيم الليبى عمر المختار، ويحكى قصه هذا المناضل ضد الاحتلال الإيطالى ومدى حبه للوطن وللعلم، فعمر المختار كان أيضا داعية إسلاميا». وانتقد مجدى كامل فى بعض مسلسلات السيرة الذاتية تزييفها الحقائق، وقال إنه لابد من إظهار الجانب السلبى والإيجابى للشخصية مثلما حدث فى مسلسل عبدالناصر عندما اعترف الزعيم بأخطائه، وهو ما لم يحدث فى مسلسل الملك فاروق وغيره من المسلسلات التى تتناول الإيجابيات فقط. وأشار مجدى كامل إلى فشل الكثير من مسلسلات السيرة الذاتية بسبب عدم دراسة الشخصية بعناية شديدة، وعدم وجود ذلك تشابه بين الممثل وبين الشخصية بما يقربها لمشاهد خاصة عندما تكون هذه الشخصية قد عاشت فى حياة الناس. وأكد ضرورة أن يكون الممثل خلفية كاملة عن الشخصية سواء تاريخية ونفسية لكى تقوم بأداء الدور بإتقان. وقال: «من هنا ظهرت شخصية ليلى مراد فى الدراما بشكل سيئ للغاية لعدم دراسة الشخصية وأيضا لعدم وجود تشابه ولو بسيطا بين بطلة المسلسل وليلى مراد، وبذلك فقد المصداقية، وأيضا أداء دور أنور وجدى كان سيئا للغاية، فلم يكن هناك أى داعى لهز الرأس بشكل كبير أنور وجدى ممثل ومخرج ومنتج كبير فليس من المعقول إظهاره بهذا الشكل. وأوضح أن إقبال المنتجين على مثل هذه النوعية من الأعمال يأتى تحت دعوى الابتعاد عن المسلسلات التقليدية، وحاجة الجمهور لمشاهدة هذه النوعية من المسلسلات. فى حين يرى المنتج إسماعيل كتكت أنه لا يوجد شىء اسمه مسلسلات سيرة ذاتية، وإنما هناك مسلسلات سيرة شخصية، فالسيرة الذاتية لابد أن يكون كاتبها الشخص بذاته. وأرجع إقبال المنتجين على إنتاج هذه النوعية من المسلسلات إلى أن هناك البعض يرونها أكثر جاذبية لأنها مختلفة عن المسلسلات التى اعتاد عليها الجمهور. واعتبرها كتكت تنويهات عن تاريخنا لتعريف الجمهور به وبالشخصية، وأن جمالها ينبع من أنها تذكرنا بالزمن الماضى. وأضاف أنه قام بإنتاج من قبل مسلسلات السيرة الشخصية منها «الملك فاروق»، ومن خلاله قمت بإظهار حقائق تاريخية، فى الوقت الذى نجد فيه البعض يقوم بتزوير هذا التاريخ ويكتبونه من وجهة نظرهم، وهى ليست مبنية على حقائق، ومسلسل «أسمهان»، الذى تطرق إلى الاحتلال الفرنسى والإنجليزى فى قصة لطيفة وجميلة لمطربة نحبها، وفى مسلسلى الأخير تناولت السيرة الشخصية للفنانة ليلى مراد وتطرقت فى موضوع كان من الصعب على أحد أن يتناوله، وهو تاريخ اليهود فى العالم العربى، وكان هناك رد فعل وانطباع كبير جدا، ولاقى قبولا وإعجابا من الجمهور، وقدمت هذه الأعمال بما يواكب هذا العصر. ونفى كتكت ما تردد عن إنتاجه مسلسل روزاليوسف، وأنه يقوم بدراسة بعض السيناريوهات المعروضة عليه حاليا، وهى مسلسلات من نوعية السيرة الشخصية، كما يطلق عليها كتكت ليختار من بينهم. وعن كيفيه اختيار مسلسل من هذه النوعية على أى أساس أكد أنه يتم وفقا لمعايير الشخصية ومدى تأثيرها فى الفن وإعجاب الجمهور بها. وأكد أنه لا توجد هناك مسلسلات فاشلة بل هناك مسلسلات يتم درسها على المدى القريب، وهناك على المدى البعيد ووجود قنوات عديدة تعرض الأعمال الفنية بالعكس، فمن خلال هذا العام ظهرت المسلسلات بصورة ممتازة وبتقنية عالية الجودة. وعلق الناقد رفيق الصبان بأن ظاهرة البحث عن مسلسلات السيرة الذاتية، تستمد نجاحها من شهرة النجوم الذين تتناولهم الأعمال خاصة ممن أحبهم الجمهور، وقال: «هذه موضة جاءت بعد نجاح مسلسل أم كلثوم فبدأت تتوالى مسلسلات السيرة الذاتية، والتى بالطبع تتناول فى رأيى جوانب معينة مضيئة ومشرقة فى حياته ولا تتناول الحقيقة الكاملة أى أنها تجمل الشخصية». وتقول الناقدة ماجدة خير الله إن الكل يلهث وراء الشخصيات، التى تحمل حياتها قيمة يمكن تناولها فى مسلسل، وتتمتع بقدر من الشهرة تمكنها من حشد الجمهور لمشاهدة هذا العمل، وأشارت إلى نجاح أعمال مثل أم كلثوم وأسمهان وفاروق، وقالت: «هذه المسلسلات نجحت عندما قدمت نظرا لارتباط الجمهور بهم». أضافت أن المنتج عندما يقبل على عمل مثل هذه المسلسلات، فهو يضمن قدرا كبيرا من الرواج لمنتجه لأن الجمهور يكون متشوقا لمعرفة تفاصيل حياة هذه الشخصية. وتقول الناقدة خيرية البشلاوى إن هناك إقبالا من المنتجين على عمل هذه النوعية يكون هدفه تقديم سيرة ذاتية لإحياء ذكرى الرموز على المستوى الفنى والعلمى، وهو ما نحتاجه لنوجد حالة من التعايش مع هذه الرموز ونتعرف عليها أكثر وبالتحديد العلماء، ومن هنا تؤكد أهمية مسلسل «مصطفى مشرفة». فيما تشير إلى وجود إنتاج آخر بهدف الاستثمار من جانب المنتج لإقبال الجمهور على نوعية مسلسلات السيرة الذاتية، وهذا يجعل المنتج يتجه لتقديم حياة النجوم. وتقول: «أختلف مع مؤلفى هذه النوعية لأنهم يسمون أعمالهم سيرة ذاتية، وهم لا يقدمون سيرة ذاتية وإنما يقدمون تناولا لحياة أبطالهم من النجوم، فالسيرة الذاتية تحتاج إلى سرد حقيقى وليس من خيال المؤلف».